ماذا يقول البدر؟
تاريخ النشر: 06/01/16 | 15:50وماذا يقولُ البَدْرُ في بريقِهِ؟
…يقولُ عندي مُهجتانِ؛
واحدةٌ تهطلُ ماءً مجازِيًّا على سَطْحٍ سافِرٍ، وعلى شجَرٍ واقِفٍ في اللّيلِ، وعلى نافذةٍ مُسهَّدةٍ لا تَنام.
…
ويقولُ البدرُ أسبَحُ من غيرِ زعنفةٍ في الماءِ العميقِ، في البئْرِ التي لمّا تجفُّ، في الزّجاجِ المحشوِّ بالعتمةِ، في الملحِ المبلّلِ بالمُحيطِ، في السَّبخةِ التي أكلت خُيولَ فرعَوْنَ، وفي المرايا وفي أرصفةِ الرّخام.
…
ويقولُ أملأُ بالوهمِ ما تيسّرَ من فراغٍ، أرسمُ في الحديقةِ ظلًّا على ظلٍّ، وأمشي كالأنبياءِ على مصطبةِ البحرِ وأحداقِ العاشقينَ وسطحِ الغَمام.
…
ويقولُ أفتحُ الموجودَ على عدَمٍ، وأموتُ كي أحيا، وأعيشُ شهرًا يسيرًا، كي أموتَ لأحيا، وهُناكَ حربٌ ثمَّ حربٌ ثمَّ حربٌ ثمَّ حربٌ ثمَّ على الأرضِ السّلام.
..
ويقولُ البدرُ تشبِهُني صخورُ الصّوَّانِ والحليبُ الطّريُّ وأطباقُ العجينِ وأميراتُ الحكايا والكلامُ اللُّجَيْنُ.
ويشبهُني، حينَ يبيَضُّ، وبرُ الخِرافِ وريشُ الحمام.
…
لكنَّ لي وجهًا خفِيًّا لا أراهُ.
سيُضيءُ يومًا،
ليغيبَ وجهي المُضيءُ
في اختلاطِ الضِّدِّ بالضِّدِّ
والجَهلِ بالجَهلِ
وانتصارِ الوحدةِ في الزَّحام.
بقلم: فريد قاسم غانم