يستجيرون بالله ويقومون بالمنكر
تاريخ النشر: 17/01/16 | 8:48قرأت اليوم حكمة عبرية وردت في كتاب גמרא (الجمارا وهو مجموعة فتاوى لما ورد في كتاب המשנה= المشنا، وتلاحظ كثرة الألفاظ الآرامية في كليهما) وهما من التوراة الشفوية:
“גנבא אפום מחתרתא רחמנא קריא”
وترجمتها: (حتى) السارق قبل سطوه يطلب من الله الرحمة.
….
تذكرت في هذا السياق قصة “قاطع الطريق” لمارون عبود التي وردت في كتاب “أقزام جبابرة” وهي تروي حكاية قاطع الطريق (أبو خطار) الذي كان يسبح ويصلي قبيل كل سرقة، أو سلب:
..
“”وأفاق كعادته عند الفجر الكاذب، فصلّب مرات، ثم قعد يصلي للعذراء في فراشه، وتطول النجوى أحيانًا، فيعتذر بو خطار إليها عن تقصيره نحوها، ثم ينذر لها ربع ما توفَّـقه إلى سلبه،……….وبعد صلاة ساعة يكونون إلى مربضهم ووراءه ابنه الصغير حاملاً جراب الزاد.”
ملاحظة شخصية:
…
ما زلت أذكر عندما اخترنا هذا النص مع الصديق د. محمود أبو فنة أننا ضحكنا على خفة الروح في هذه القصة التي حُذفت أخيرًا من المنهاج الجديد.
…..
من جهة أخرى إليكم في هذه الموضوعة لقطة من تاريخنا الإسلامي، وهي لا تدعو إلى الابتسام، بل هي مؤسية.
….
في التاريخ الإسلامي حدثت حوادث منكرة قام بها أصحابها باسم الدين، فهذا عبد الرحمن بن ملجم الخارجي كمن لعلي -كرم الله وجهه- ليغتاله، حيث ذُكر في كتاب “البداية والنهاية” لابن كثير _ج 7 ما يلي:
“ولما ضربه ابن ملجم قال: لا حكم إلا لله، ليس لك يا علي ولا لأصحابك، وجعل يتلو قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة: 207] .
..
يقرأ “الله رءوف بالعباد”، وهو يظن أنه من مثل هؤلاء الناس، حيث يبيع “نفسه ابتغاء مرضاة الله”- يقرأ ذلك وهو يقتل؟؟!!
ولو قرأت قبل ذلك مما ورد في كتب التاريخ عن استعداده للقيام بسفك دم الخليفة لعجبت من كثرة تدينه، وكيف كان يبرر جريمته باسم الدين!
ثم لماذا نعجب، وأخبار داعش تتوالى، وبقول “الله أكبر” و” باسم الله”، وقراءة آيات منتقاة يذبحون ويقتلون وينشرون الذعر بين الناس.
…
ومثل هذا كثير جدًا في التاريخ لدى اليهود والمسيحيين أيضًا، فالحروب الصليبية سفكت الدماء مدرارًا باسم المسيح، والمتزمتون من اليهود أحلوا القتل وأصدروا الفتاوي فيه، بل أحلوا قتل الأطفال، ومشهد العرس يدل على ذلك، إذ كانوا يرددون أقوالاً دينية، تعبّر عن تفسيرهم المغرض لبعض نصوص التوراة.
إنه موضوع يستحق الدراسة فيه بعمق:
يستجيرون بالدين وهم يقومون بالكبائر.
ب.فاروق مواسي