قرأت فابتسمت(3)
تاريخ النشر: 19/01/16 | 11:11دفع الثمن!
“كان حيّان بن بِشر قد وُلِّي قضاء بغداد وكان من جملة أصحاب الحديث فروى يومًا حديث- أن عَرْفجة قطع أنفُه يوم الكِلاب. فقال له مستمليه: أيها القاضي إنما هو يوم الكُلاب، فأمر بحبسه، فدخل إليه الناس، فقالوا: ما دَهَاك؟ قال: قُطِعَ أنف عَرْفَجة في الجاهلية وابتليت به أنا في الإسلام.”
(السيوطي: المزهر. ج2، ص 353).
…
*عرفجة صحابي أصيب أنفه يوم الكُلاب، فأذن له النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد أن أسلم، فاتخذ أنفاً من ذهب . ينظر الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني (2/214 ، 467) .
*يوم الكُلاب ، بضم الكاف: اسم ماء بين البصرة والكوفة، كان فيه للعرب وقعتان مشهورتان قبل الإسلام . معجم البلدان لياقوت الحموي (4/472)
ذكرتني هذه القصة بما ورد عن الحجاج أنه كان يتوَخَّى ألا يُسمَعَ منه لَحْنٌ في كلام أبدًا، فهو أفصح الناس في زمانه، وعندما ألح على يحيى بن يعْمُر أن يذكر له لحنًا أي لحن، لأنه كان يثق بنفسه، وينكر وقوعه في خطأ، فقال له: لحنت في كتاب الله. قال الحجاج: هذه أشنع، فقال له يحيى: يا أمير قرأت:
“قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانُكم وأزواجُكم وعشيرتُكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشَون كسادَها ومساكنُ ترضَونها أحب إليكم من الله ورسولِه وجهادٍ في سبيلِه فتربَّصوا حتى يأتيَ اللهُ بأمرِه واللهُ لا يهدي القومَ الفاسقين“- التوبة 24.
قرأتها (أحبُّ) وهي (أحبَّ)- بالفتح”.
(السبب = خبر كان منصوب).
فأمر الحجاج بنفيه من بغداد، وأن يلحق بخراسان قائلاً:
لا جرم، لا تسمع لي لحنًا أبدًا.”
تجد القصة في مصادر كثيرة منها:
كتاب “دروس للشيخ أبي إسحاق الحويني”.
هكذا إذن (فوق حقه دقه)!
وكنت قرأت في التراث العبري = טוביה חטא וזִיגוּד מִינְגַד (أي أن طوبيا أخطأ والعقاب على زيجود)، فالواحد يؤخذ بجريرة الآخر.
وهذا المثل يختلف قليلاً، لكنه يلتقي معه في تلقي العقاب من غير مسوّغ.
بقلم: ب.فاروق مواسي