ملاحظ نقدية: إلى ب. إبراهيم طه
تاريخ النشر: 26/01/16 | 9:19إلى البروفيسور إبراهيم طه:
لم يخطئ المتنبي في بيت الشعر.
……………………..
في معرض الحديث عن أخطاء الشعراء والنقاد ذكر الصديق ب. إبراهيم طه ما يلي:
..
“ألم يخطئ المتنبي وهو شاعر العرب حين جعل الَوَرد “شاربًا” وهو الذي أجاءه عطشه إلى البحيرة ليشرب أصلاً؟
ولأن المتنبي لا يخطئ –مثلما يظن بعضهم- فقد صوبوه وأخطأوا فحملوا “شاربًا” وهم كثر على المفعولية، وجعلوها مفعولاً له، ولم يحملوها على الحال، لأنها على الحالية لا تستقيم مع المتنبي الذي قصده المتنبي”.
..
مقال ب. إبراهيم طه :
“مرة أخرى مع حال النقد عندنا”. صحيفة الاتحاد، عدد 25 /1/2016، ص 10.
..
سؤالي الأول : من الذي حمل “شاربًا” على أنها مفعول له (أو لأجله)، وذلك في بيت المتنبي:
ورْد إذا ورَد البحيرةَ شاربًا *** ورَد الفراتَ زئيرُه والنيلا؟
..
تقول “وهم كثر”، وأنا لم أجد أحدًا، إذ لا يجوز جعل “شاربًا” مفعولاً له، لأنها
أولاً ليست مصدرًا، ولأنها ثانيًا ليست قلبية تدل على عاطفة أوشعور.
فإن تكرم الأستاذ بمصادر- وهو الذي يحرص عليها- فله الشكر أولاً وقبلاً!
..
أما أنا فقد تصفحت شروح المتنبي لدى العكبري والتبريزي والتوحيدي والبرقوقي وابن وكيع (الذي ينقد المتنبي بصورة لاذعة) فما وجدت تساؤلاً من هذا القبيل. بل وجدت في شرح المعري “معجز أحمد” ما يلي:
“شاربًا نصب على الحال،. إذا ورد البحيرة ليشرب منها سُمع زئيره من الفرات إلى النيل على بعد المسافة”.
شرح ديوان أبي الطيب – معجز أحمد.ج 2، دار المعارف، ط 2، القاهرة- 1992، ص 169.
….
تتساءل يا صديقي وأنت تخطّئ المتنبي، وكأنك تتعجب كيف تكون “شاربًا” حالاً وهو قد أتى ليشرب، وكأنك تقول “لأنها على الحالية لا تستقيم مع المعنى الذي قصده المتنبي”.
…
الحال -كما لا يخفى عليك- هو إجابة عن كيف + الفعل التام، فأنا سأسافر إلى مكة حاجًّأ، وأنت ستبحث بعد هذا الرد منقّبًا، فالحال هنا سيقع، وليس بالضرورة أنه سيتزامن.
تعال معي لنتلو من القرآن ما يبين ذلك:
“إن الله يبشرك بيحيى مصدّقًا بكلمة من الله”. آل عمران 39
– ونزعنا ما في صدورهم من غلّ إخوانًا على سرر متقابلين”. الحِجر 47
– أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا”. الحجرات 12
….
أخلص إلى القول إن “شاربًا” هي حال، ولا أعرف إعرابًا آخر.
فإن قطعت بالحجة الدامغة أكون قد تعلمت، وعندها- وأنت ممن يشجعون النقد-
سآتيك شاكرًا.
ب. فاروق مواسي