روائع من التاريخ (13)

تاريخ النشر: 29/01/16 | 14:08

أعظم مشهد في التاريخ قصة حدثت في عهد عمر بن عبدالعزيز، تبين عظمة تاريخنا الإسلامي المشرق ، فما قصة فتح مدينة سمرقند ؟ وما وجه عظمة الإسلام ؟
نادى الغلام : يا قتيبة ” هكذا بلا لقب ” . فجاء قتيبة وجلس هو وكبير الكهنة أمام القاضي ” جُمَيْع ” ، ثم قال القاضي : ما دعواك يا سمرقندي ؟
قال : اجتاحنا قتيبة بجيشه ، ولم يدعنا إلى الإسلام ، ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا . التفت القاضي إلى قتيبة وقال : وما تقول في هذا يا قتيبة ؟ قال قتيبة : الحرب خدعة وهذا بلد عظيم ، وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ، ولم يدخلوا الإسلام ولم يقبلوا بالجزية . قال القاضي : يا قتيبة ، هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب ؟ قال قتيبة : لا ، إنما باغتناهم لما ذكرت لك . قال القاضي : أراك قد أقررت ، وإذا أقر المُدَّعَى عليه انتهت المحاكمة . يا قتيبة ، ما نصر الله هذه الأمة إلا بالدين ، واجتناب الغدر، وإقامة العدل .
ثم قال : قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند من حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء ، وأن تُترك الدكاكين والدور ، وأنْ لا يبق في سمرقند أحدٌ ، على أنْ ينذرهم المسلمون بعد ذلك .
لم يصدق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه فلا شهود ولا أدلة ، ولم تدم المحاكمة إلا دقائق معدودة ، ولم يشعروا إلاّ والقاضي والغلام وقتيبة ينصرفون أمامهم .
وبعد ساعات قليلة سمع أهل سمرقند بجلبة تعلو ، وأصوات ترتفع ، وغبار يعم الجنبات ، ورايات تلوح خلال الغبار . فسألوا ، فقيل لهم : إنّ الحكم قد نُفِّذَ ، وأنّ الجيش قد انسحب . في مشهدٍ تقشعر منه جلود الذين شاهدوه ، أو سمعوا به . وما إنْ غرُبت شمس ذلك اليوم إلا والكلاب تتجول بطرق سمرقند الخالية ، وصوت بكاءٍ يُسمع في كل بيتٍ على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم .
ولم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم لساعات أكثر، حتى خرجوا أفواجًا وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددون شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله .
فيا لله ما أعظمها من قصة وما أنصعها من صفحة من صفحات تاريخنا المشرق أرأيتم جيشًا يفتح مدينة ثم يشتكي أهل المدينة للدولة المنتصرة ، فيحكم قضاؤها على الجيش الظافر بالخروج ؟! والله لا نعلم شبهًا لهذا الموقف لأمةٍ من الأمم .
بقي أن تعرف ايها القارئ العزيز أن هذه الحادثة كانت في عهد الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز، حيث أرسل أهل سمرقند رسولهم إليه بعد دخول الجيش الإسلامي لأراضيهم دون إنذار أو دعوة ، فكتب مع رسولهم للقاضي أنِ احْكُمْ بينهم ، فكانت هذه القصة التي تعتبر من الأساطير .
بقلم : محمود عبد السلام ياسين

m7mod3bdalslam

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة