بابٌ بلا صرير من القرن الرابع للهجرة
تاريخ النشر: 22/08/13 | 6:00(مهداة فقط إلى من شاركوني حفلة بئر السبع 1976)
ستذكرني بالخير
هل تحترمُ باباً بلا صرير
يصرُّ صريراً صريراً صرصيرا
أو كصرصار صغير تجدُ صوتَه
الذي يزِنُّ ويرنّ في الأُذن .. ولا تجده هو
لكنها ستذكرني أنا الشاعر المثقف الكبير
ستذكرني بالخير
ستذكرُني صامتاً لا أشارك في النقاش المحتدم
عبثاً كانت تحاولُ اجتثاث كلمة واحدة مني
لا يساورني أدنى شك أنها كانت تسجل: لا استجابة
لا ردّة فعل كلامية.. امتقاعٌ في الوجه
عصبيّةٌ تبدو في اطراف أصابعه
في رموش عينيه وحدقاتها.
إنه يعيشُ في القرن الرابع الهجري
ثم تتابع معنا الاحتفال بعيد ميلاد الزميل: حمودة المدلّل
كانت الزجاجات الفارغة تُعلّق على الجدار المقابل
كلها خضراء وعليها قطٌّ أسود وآخرُ أبيض
كانت بئر السبع تفتح شدقيها حتى النهاية وتعوي
عواء ذئبٍ أطلسَ عسّال قتله الجوع
إشربْ أيّها الباب الموصد الصَّدئ الذي لا صرير له
يفتحونه ويغلقونه وتضرب به الرياح فلا صرير
اشربْ ! فغداً تصل الستين ولم تصرخ
صرخة هستيرية واحدة!!
لا بدَّ أنكَ تهيمُ وسط صحراء براح صارخاً
لكنك درّبتَ نفسكَ على كبتِ الأصواتِ والمواقف
كم أنتَ تيس!!
كم كنتَ تيساً!!
***
أقبلتْ النادلة نحويَ فقلتُ لها: أما الآن فقط كأسَ ماء
كانت شيطاناً أزرقَ اللهفةِ منبهرَ الصدرِ، شرقيَ السّماتِ
أصبحت الساعة الرابعة صبحاً.. وكفاني ما أُلاقي
إنها الساعة التي كَتبَ فيها (الزعيم) رسالة الثورة
ولا زلتُ أحاورها حول قصيدة أبي العلاء المعرّي:
“غيرُ مُجدٍ في مِلّتي واعتقادي “
حول جدوى …ركعةٍ في صلاة الظهر
جدوى ما نكتبه ما دمنا.. لا نعترفُ للجدار وللبحر
بأننا أصحاب الأخدود، أصحاب القرية..
نحتضن جذع الشجرة المسوس اليابس،
ونعض عليه بالنواجذ…
كانت الشجرة الوحيدة التي فيها شئٌ من خضرة
تطلُّ خلف هذا الباب الموصد المنهك
قالت إنها تسكن في قرية في جبال الأطلس المغربية
غرفة موحشة بلا ونيس تطل شمسها خلف الجبل
قالت : إنه زمانك أيها الشاعر لتقل كلمتك
أنتَ قاع المدينة وأنت ربطة عنقها وقدح نبيذها
ونِحَلُ حروفها ومِلَلُها وأصولها وفروعها
أنت راصدُ غيماتها ومطرها وفجائعها
قهقهتُ حتى الصباح!!!