مؤتمر التوحديين الأول في كفر قرع

بمبادرة ورعاية وتنظيم مدرسة المستقبل الابتدائية ومجلس كفر قرع المحلي ومفتش التعليم الخاص الأستاذ احمد كبها تم صباح الاثنين عقد مؤتمر التوحد الأول من نوعه في كفر قرع تحت عنوان”يدا بيد.. معا لنفهمهم” والذي أقيم في المكتبة والقاعة المدرسية على اسم المرحوم احمد رضوان بدحي في بناية مدرسة المستقبل.

حضر اليوم الدراسي ممثلون عن السلطات المحلية في المنطقة والسادة المفتشين ومديرين ومديرات المدارس ومعلمي ومعلمات التربية الخاصة والطواقم العلاجية المختصة في المجال الحركي النشاطي والنطقي والإخصائيين النفسيين وطاقم الإرشاد للتعليم الخاص. بالإضافة إلى مفتش القرية السيد فريد غنايم والسيد احمد كبها مفتش التعليم الخاص والسيدة سينا زحالقة مفتشة قطرية على المضامين والمناهج التعليمية في التعليم الخاص ومدراء أقسام المعارف ومديرو أقسام الرفاه الاجتماعي في المنطقة.

افتتح اليوم الدراسي السيد محمد سعادة، ممثل جمعية ألوت في الوسط العربي والذي تولى عرافة الحفل، وقدم احد الطلاب التوحديين الذي أثلج صدور الحاضرين بآيات من النزل الحكيم والتي تجلت بروعة براءة تجويده وحركت الجمهور، ثم قدم عريف الحفل مديرة المدرسة المربية منتهى عيسى مصاروة وحياها على جهودها المهنية والتربوية الرائعة للوصول بالمشاركين في هذا اليوم الدراسي إلى هذا الانجاز الإنساني الرائع.

بدورها حيت مديرة المدرسة المربية منتهى عيسى مصاروة الحضور والطواقم المهنية العلاجية الإدارية المشاركة في اليوم الدراسي وجاء في خطابها المؤثر:”نجتمع وإياكم اليوم في يوم دراسي عن طلاب التوحد، الذين هم فئة خاصة في عالم التعليم الخاص، أود أن أقدم لمحة قصيرة عن المكان، تتواجدون اليوم في مدرسة المستقبل الابتدائية والتي هي اكبر مدرسة في كفر قرع تحوي 710 طلاب، نحن في المدرسة نضع نصب أعيننا أن نصل بطلابنا إلى الأفضل من اجل الإجابة على احتياجاتهم ومتطلباتهم تحصيلياً واجتماعيا وتعليميا وتقوية الجانب التربوي الاجتماعي والعلاجي.” واستطردت في خطابها:”المدرسة تضع في سلم أولوياتها التحصيل العلمي العالي على صعيد الامتحانات الداخلية والامتحانات الخارجية امتحانات النجاعة والنمو المدرسي (ميتساف)”، وأضافت:”نؤمن بضرورة خلق مناخ تعليمي وتربوي دافئ وآمن لطلابنا يرتكز على قيم اخلاقية وتذويتها لدى طلابنا، أبرز هذه القيم التي تُزين جبين وجودنا هي “الاختلاف كقيمة”، معا نسعى لتذويت هذه القيمة بين صفوف الطلاب على اختلاف فئاتهم. وأقول بكل افتخار أننا المدرسة العربية الوحيدة في إسرائيل والتي تدمج الطلاب التوحيديين بين جدرانها وبين الطلاب، بالرغم من إنها الفئة الأكثر تعقيدا بين فئة طلاب التعليم الخاص، هم فئة لديها اضطراب بالتخاطب والتواصل والإتصال مع المحيط على صعيد الأسرة والمدرسة.

ووجهت مديرة المدرسة شكرها العميق لكل من ساندها وكان شريكا من اجل الوصول إلى هذا الانجاز المهني، ووجهت الشكر لرئيس المجلس المحلي على دمج هذه الفئة من الطلاب ورصد الميزانيات لأجل هذا الهدف، كما وشكرت المفتش احمد كبها والمفتشة سينا زحالقة والطاقم العلاجي المهني في المدرسة وطاقم المدرسة الذي ساعد في الترتيبات اللوجستية لهذا المؤتمر الرائع، كما ووجهت شكرها العميق للمفتش فريد غنايم على التعيينات المهنية ، كما وشكرت السيدة صباح أبو بكر مديرة ماتيا وطاقم المدرسة والمجلس المحلي وقسم الثقافة التربية اللا منهجية. كما وأكدت مصاروة أن رضى الأهل عن انجازات المدرسة في هذا المضمار هو الطموح والمؤشر المرجو، كما ووجهت شكرها العميق أيضا للأستاذ احمد كبها الذي رافق دمج الطلاب التوحديين منذ استيعابهم في المدرسة من اختيار الغرف والبيئة التعليمية وغيرها من المهام.

ومن ثم تحدث رئيس المجلس المحلي المحامي نزيه سليمان مصاروة إلى الجمهور المشارك، وافتتح خطابه وحيى مجددا القاعة المدرسية والمكتبة على اسم المرحوم احمد رضوان بدحي والتي احتوت اليوم الدراسي، وقال:”أنا فخور بكم اليوم وفخور بنفسي إلى ابعد الحدود، لأنني أيقنت وأدركت حق إدراك هذا الصباح إنني لا أزال انعم بنعمة كوني إنسان يحترم ويتأثر، وصدقوني هي نعمة، لأن ضجيج الحياة والركض وراء الانجازات إنساناً الوقوف عند هذه المحطات الإنسانية، بوركتم يا من عملتم على إيصال هؤلاء الطلاب إلى بر الأمان، إن الأجر الذي تتعاطونه من خلال الأجرة الشهرية يتقزم إلى جانب الأجر الرباني والثواب العظيم حين توصلون طفلا توحدياً الى حضن ذويه ووالديه الذين ينتظرون هناك في ظلمة اليأس للقاء عيون وبسمته”، وأكد :” دمعت وبكيت حين قرأ الولد القران، كلنا هنا من اجل 23 ولد وبنت، افخر بهذه الوجوه الطيبة وبالمجلس المحلي،”، كما وأثنى رئيس المجلس المحلي على المحطات التربية والتعليمية التي عرضت مجالات العمل مع الطلاب والتي شاهدها الحضور قبل الدخول إلى قاعة المؤتمر،كلنا معا من اجل إسعاد 23 طفل وطفلة و46 والد ووالدة، نحن معكم.” واختتم قائلا:” حصدنا الكثير من الدموع التي انسنت وجودنا في هذ اللقاء الانساني الصادق، هي دموع تعاطف وحب لمن حباهم الله بالتوحد ليذكرنا نحن بقيمة ما جاد الله علينا به، أفخر بكم وبنفسي لأن الإنسان الذي فينا لا يزال ينبض حرا وصادقا”. كما وخص رئيس المجلس بالشكر والعرفان للمعلمات والمساعدات اللواتي يقمن بعمل مقدس وخدمة لهؤلاء الطلاب المتميزين.

ثم شاهد الحضور فيلما مؤثرا وإنسانيا مهنيا رائعاً عن رحلة التطورات المهنية في كل المجالات التي وصل بها الطاقم المهني مع الطلاب وذويهم، هو فيلم بمليون كلمة، الفيلم تحدث عن تحديات مدرسة المستقبل في دمج طلاب التوحد والهدف السامي الذي يصبو إليه الجميع، وكان له عظيم الأثر في نفوس المشاركين.

وبعد ذلك تحدث المفتش فريد غنايم مندوب وزارة المعارف عن اليوم الدراسي وأهميته، وأكد احترامه وتقديره للسادة المشاركين والمشاركات كما وأكد احترامه لكل الطاقم المهني للسيد احمد كبها والسيدة منتهى مصاروة لكي يصلوا إلى هذا الانجاز الكبير الأبعاد العلاجية والاندماجية فيما بعد، والتي هي خطوة عملية نحو الأنسنة. وأكد بأن صورة المغارة التي رآها على سطح مكتب الكمبيوتر أخذته في عالم التشبيه إلى الطاقم الذي يمسك بيد هؤلاء الأولاد من المغارة إلى نور الاندماج بين ظهرانينا في المحيط الأسري والعائلي. ومن ثم استمع الحضور إلى كلمة مؤثرة ورائعة من مندوب أهالي الأولاد التوحديين والتي أعربت عن رضاهم وحبهم للمدرسة والتقدم الحاصل لدى أولادهم.

وبعد ذلك استمع الحضور إلى محاضرة علمية مهنية حول مبادئ أساسية في سيرورة العمل مع الطلاب التوحديين- من الطاقم التربوي والعلاجي في المدرسة، المستشارة التربوية السيدة سكينة غرة وأخصائية النطق السيدة شروق عقل.

ومن ثم قدم الفنان أيمن نحاس فقرة فنية جيد فيها المعاناة التي يحياها الطالب التوحدي الأسرة التي ترافقه والأعباء النفسية التي يجب عليهم مواجهتها. وقد أفلح نحاس في إلهاب الجمهور وحصد الدموع الساخنة والصادقة لروعة الأداء والقصة الإنسانية التي أشرك الجمهور بها.

وبعد ذلك تطرق السيد احمد كبها مفتش التعليم الخاص إلى المضامين المهنية الرائعة والجهود الجبارة التي تقوم بها مديرة المدرسة والطواقم المرافقة وأثنى على دعم رئيس المجلس المحلي وخوضه هذا التحدي وأوصل من مديرة لواء حيفا في وزارة المعارف السيدة راحيل متوكي رسالة شكر وتقدير لمديرة المدرسة السيدة مصاروة على العمل المهني والقيادي في المدرسة وعلى الدمج المهني لطلاب التوحد في المدرسة وقام بتكريمها أمام الجمهور باسم مديرة اللواء. واضاف السيد كبها ان عالم التوحد هو عالم خاص بحد ذاته وله خصائصه الاجتماعية, اللغوية الحسيه الادراكيه والسلوكية ،الأهل يحتاجون الى من يأخذ بأيديهم الى بر الأمان وهذا البر هو تقديم لأفضل الخدمات لهم حتى يستطيعوا مواصلة مسيرتهم في تربية وتعليم أبنائهم التو حديين والوصول بهم الى أرقى المستويات ،المعلمات والمساعدات هن الحلقة الأقرب لللاهل وحاجاتهم وعلى عاتقهم ملقاة المسؤولية الكبرى، نحن مستعدون لاستيعاب طلابنا وتقديم الخدمات لهم ولذويهم وهذا اليوم الدراسي هو نقطة الانطلاق إلى عالم النجاح . وصرح كبها:”نعمل بشكل جدي على افتتاح أول مدرسه متخصصه بتعليم الطلاب التوحديين في العام 2012.”

كما وأكد “نحن نفخر بالإنجاز المهني والإنساني الذي قامت به مدرسة المستقبل مع الطلاب التوحديين، ونقيم عاليا القفزة النوعية والجهود الجبارة من اجل دمجهم بين صفوف الطلاب”

تجدر الإشارة إلى انه تم تكريم مديرة المدرسة المربية منتهى عيسى مصاروة على جهودها الجبارة واحتضانها لهذه الفئه من الطلاب الذي يتطلب مسئولية إدارية وقيادية من قبل مفتش التعليم الخاص في لواء حيفا السيد احمد كبها ومديرة ماتيا السيدة صباح شرارة أبو بكر، كما وكرمها مندوب عن أسرة أهالي الطلاب التوحديين، بالإضافة إلى تكريم خاص من الطاقم العلاجي وطاقم معلمات التعليم الخاص في المدرسة قدمته المعلمة مي كناعنة.

كما واختتم اليوم الدراسي بجلسة توصيات مهنية عقدتها مديرة المدرسة ورئيس المجلس المحلي والسيد المفتش احمد كبها والطاقم المهني.

حول الهدف والرؤيا ومعنى التوحد:

التوحد(الأوتيزم) اضطراب يصيب الدماغ يبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة ويستمر خلال المراحل التالية حتى الرشد ويؤثر على ثلاثة مناطق مؤثرة في نمو الإنسان وهي: التواصل اللفظي وغير اللفظي، التفاعل الاجتماعي، اللعب الإبداعي أو اللعب التخيلي.

ويعد التوحد(الأوتيزم) من الاضطرابات النمائية الشائعة والتي تعرف باسم الاضطراب النمائي واسع الانتشار(PDDs) pervasive developmental disorders . وأول الإشارات أو العلامات الدالة على التوحد عند الطفل يمكن ملاحظتها عند سن ثلاث سنوات. والعديد من الأفراد التوحديين autistic أيضاً يعانون من الصرع، الخصائص الأخرى قد تتضمن السلوكيات التكرارية أو الطقوسية repetitive and ritualistic behaviors كالطيران أو الخفقان باليد والدوران والجري في دائرة، الخوف المفرط، إيذاء الذات مثل ضرب الرأس أو جرحها . العدوان، عدم الإحساس بالألم، ونوبات غضب واضطراب في النوم والأكل, والأفراد التوحديون يعيشون حياة طبيعية، لكنهم يحتاجون طوال حياتهم إلى رعاية وإشراف مستمرين.

ويعد ليو كانر أول من عرف التوحد(الأوتيزم) في عام 1943 عندما أجرى دراسة على عدد من الأطفال التوحديين(11 طفلاً) ، ففي بداية الأمر، كان يعتقد بان التوحد (الأوتيزم) اضطراب تعلق ينتج عن الأساليب الوالدية السيئة. وقد ثبت خطأ هذه المقولة ، بينما بقى السبب الحقيقي لغزاً ، ومعظم المختصين ينظرون إلى التوحد الآن على أنه اضطراب دماغي مما يسبب صعوبة للشخص في التعامل والاستجابة للعالم الخارجي. وقد أمكن ملاحظة التوحد(الأوتيزم) في عديد من أفراد الأسرة الواحدة. لذا يعتقد العديد من العلماء أن التوحد لدي بعض الأفراد قد يرجع منشأه للعوامل الوراثية وقد استطاع العلماء التعرف على بعض الجينات التي ربما تلعب دوراً في تطور التوحد(الأوتيزم) .

يعتبر التوحد”Autism”من الاضطرابات الصعبة والمعقدة، ويشتمل على جوانب عديدة من الضعف والنقص،أهمها الضعف في الجانب الاجتماعي والتواصل مع الآخرين ، وكذلك ظهور أنماط شاذة من السلوك،وعدم القدرة على اللعب بشكل مناسب،وهو غير معروف الأسباب، ويحدث نتيجة خلل وظيفي في الدماغ.

*** – ليو كانر Leo Kanner ولد دكتور ليو كانر في 13 يونيو 1894 وتوفي في الثالث من أبريل سنة 1981، وهو طبيب نفسي أمريكي من أصل نمساوي، وعرف بأعماله المرتبطة بمجال دراسات وبحوث التوحد (الأوتزم).