مروان مخُّول والتطوّر في تجربته الشعرية
تاريخ النشر: 09/02/16 | 0:53يعد الشّاعر مروان مخُّول،من أبرز الشعراء الشباب على السّاحة الشّعرية الفلسطينيّة والعربيّة، وذلك بتجربته الفريدة الّتي جعلت له خطا مميّزا يستحق التوقفَ عنده.
إذ تعد القصيدة عنده ذات طاقة شعرية منفتحة على مستوى الشّكل الفني والرؤية.
فهو يجسد علاقة الإنسان بواقعه ومحيطه من خلال رؤيته التي لا نرى فيها انسحابا من الواقع نحو الذاتية،فالأنا في قصيدته تعبّر عن روح الجماعة وقضاياها دون مباشرة وتوثيقية.
ويعد التمرد سمة بارزة لدى الشاعر،وهذا ما يتجلّى في السخرية التي يوظفها حين يخاطب الآخر الصهيوني،إذ يقول:
“اُؤيّد دولة يهوديّة
من زيمبابوي إلى جزر الماعز.
أسيادها من نسلٍ سماويٍّ
تعالى على الأعراق بحُجّة كُتبتْ
على ورق الخريف”
إن هذه السّخريّة تشكّل تحديا ورفضا للسياسة الصهيونيّة وتمرّدا على الأيديولوجيا العنصريّة الّتي تتبناها.
وهذا التّمرد والتّحدّي لا تقف حدوده على رؤية الشّاعر فقط،بل ينسحب ليشمل الشّكل الفنّي.
فإذا نظرنا في عنوان ديوانه (أرض الباسيفلورا الحزينة) فسنلاحظ تجاوزًا للذّاكرة والغنائية التي يحملها(أرض البرتقال الحزين لغسان كنفاني)،فنبتة الباسيفلورا التي زرعها الاحتلال بكثرة تشكّل واقعا جديدا لابدّ من مواجهته، بدل التغنّي بالبرتقال،فالحزن في العنوانين واحد لكن رؤية الواقع ومواجهته تختلف عن تذكره والتغني به.
وتتميّز لغة الشّاعر بالتمرد والكفاءة والكثافة،كما أن الصّورة الشّعريّة في قصائده مبتكرة خلاقة تتجاوز الصورة التقليدية، فهو يعتمد على أسلوب التشخيص والمفارقة السّاخرة يقول في قصيدة ألو بيت حانون:
“ألو بيت حانون.
سمعت من نشرة الأخبار أنّ خبازا ماهرا
جاءكم ليوزع الخبز على متن مدفع طازج
أهذا صحيح؟!”
فالشّاعر هنا أكسب المدفع سمة إنسانيّة وفي ذلك مفارقة وسخرية من واقع الحال في بيت حانون.
ومن يقرأ تجربة مروان مخول الشعرية،يجد تأثره بالموروث الديني والتاريخي والأدبي،كما يبدو جليا انفتاحه على الثقافات الأخرى،أمّا توظيفه الألفاظ المعاصرة والعامية،فهذا يجعل المتلقي يعيش الحدث عن طريق الإيهام بالواقعية،فاللغة سياق يراعي حركة الواقع والعصر.
ومما يسترعي الانتباه أن الشاعر يبدع في التقاط التفاصيل كما في قصيدة نشيد الحذاء الوطني،التي جعل فيها الحذاء معادلا موضوعيا للنّشيد الوطني،يقول:
“رفيق دربي يا حذائي
يا يدي اليمنى
تراك قد شبثتني بالأرض يا أوفى
من التجار يوم النكبة المرة”
وتكثر الصورة المشهديّة السينمائيّة المعتمدة على الحوار لدى الشّاعر كما في قصيدة عربي في مطار بن غوريون الّتي شكلت مشهدا حواريا بين ذّات الشاعر المرتبطة بالجماعة والمجندة،وهذا ما جعل القصيدة تتخذ منحى مسرحيّا.
وتتميز قصيدة مروان مخول بكسر التوقع ففي قصيدة”أنت أنا على الأقل” يقول الشاعر:
“سأقبّلُكِ قبلما أذهب إلى عملي
في صباحٍ ليس خاصًا.
سَأُعِدُّ لك الفطورَ ممّا توفَّرَ
كي تأكلي حناني بنَهَمْ.
سأعودُ إليكِ في الظّهيرةِ، بِعقدٍ
من اللؤلؤِ والعواطفِ
فترتقي أكثر.
سأُحبّكِ جدًا
وتكونينَ لي كلَّ شيءٍ حينَ
أقرر أنا وزوجتي
يا ابنتي، أن تُولدي!”
إنّ كسر التّوقع هنا يضيف قيمة جماليّة ويكسب القصيدة حركة وانسجاما.
ويلاحظ أنّ القصيدة الشعرية عند مروان مخول تتسم بالتنوع والثراء،فهي تتراوح بين التفعيلة والنثر والومضة وهذا ما يجعلها منفتحة على مستوى اللّغة والصّورة و الإيقاع ، فنحن أمام تجربة شعرية فريدة وطاقة إبداعيّة تضيف جديدا على مستوى القصيدة العربية.
بقلم: دعاء البياتنة/ شاعرة وأكاديمية فلسطينيّة مقيمة في الأردن