قراءة جديدة لمسرحية قديمة
تاريخ النشر: 09/02/16 | 13:38قراءة جديدة لمسرحية قديمة
ب.فاروق مواسي
تأخير دفن الجثامين
ليس جديدًا
قبل هذا الحكم الجائر الذي يؤخّر تسليم جثامين الفلسطينيين بدون ضرورة أو منطق، سبق قرار الملك كريون في مسرحية (أنتيغونا).
..
تعالج مسرحية (انتيغونا) مسألة التمرد على نظام الحكم المستبد من خلال صراع بين (انتيغونا)- المرأة التي ترفض قرار الملك (كريون) بعدم دفن أخيها لأنه – بحسب رأي الملك- لا يستحق أن يعامل بكرامة ويدفن، ذلك لأنه يمثل الشر.
…
هنا يحضر السؤال: عند أية نقطة يكون عصيان أمر الحاكم ـ أو القوة المهيمنة ـ شيئًا لا مفر منه حتى إن كان العقاب عليه الدفن حيًا في قبر صخري بين الأموات؟
أنتيغونا تموت شهيدة الدفاع عن القانون الديني الذي يقره الشعب، هذا القانون الذي يأمر بدفن الموتى.
تتصدى أنتيغونا للملك “كريون” الذي سن قانونًا يمنع دفن الموتى، ويهدد كل من يتحدى قانونه ذاك بالموت.
..
إن عدم دفن الموتى خطيئة تحرمها العقيدة اليونانية القديمة التي تنص على ضرورة دفن الموتى ولو كانوا من جيش الأعداء.
لكن الملك المتغطرس كريون، في حقده البالغ، يتعدى حدوده فيكسر عقيدة الشعب ويجور على الناس. ورغم هذا الجور البالغ يعقد الخوف ألسنة الجميع ولا يجرؤ أحد على مواجهة الظالم.
..
هنا تبدأ حكاية أنتيغونا حين تتقدم وحدها لتقاوم الملك الجائر وتقرر تحدي الأوامر الملكية تلبية للأوامر الإلهية التي تحث على دفن الموتى، فتقوم بدفن جثة أخيها، وهي ترى في طاعة دينها واجبًا وأمانة في عنقها، فإذا كان كريون الظالم لا يخشى، وهو بشر، الأمر الإلهي فكيف تخشى هي أمر بشر طاغية؟
بشجاعة، مستمدة من إيمان مطلق بصحة موقفها تستعجل تنفيذ قراره الجائر بقتلها وتقول: أعطني المجد! وأي مجد يمكنني أن أفوز به أكثر من أن أعطي أخي دفنا لائقا؟ أما هؤلاء الناس فهم يوافقونني جميعًا، ولولا أن شفاههم يغلقها الخوف، لمدحوني كذلك.
يا لحظّ الطغاة، إنهم يملكون امتيازات القوة، القوة الفاسدة، وهي أن يرغموا الناس على قول وفعل كل ما يرضيهم!
….
ولو تابعتم قراءة مسرحية سوفوكليس (أنتيغونا) لرأيتم مصير كريون!!!
…………..
* (بتصرف من موقع ويكيبيديا- أنتيجون)