الكنز
تاريخ النشر: 19/02/16 | 1:04في الصّباح، بعدما اسْتيقظَ الدّيك وَصاح، وضوءُ الشَّمس ظهرَ ولاح.. استيقظ عمِّي مرزوق الفلاح، تَوَضَّأ وصلَّى الصُّبح وقالَ: يا رزّاق يا فتَّاح.
حملَ الفأسَ والقفَّةَ ثمّ مشَى وَمشَى.. يتنفَّسُ الهواء النقيَّ ويشمُّ رائحة الأزهارِ والتفَّاح ويدندنُ:
– دن ن دن ….
فجأة عَثَرَ المسكينُ في صخرةٍ كانت في طريقه، انزلقَ وسقطَ:
– آي…
جلس المسكين يتألَّم ويمسح دم الجراح… وبعد أن خفّ ألمُه قليلا وارتاح، وقف المسكين ليخلع تلك الصَّخرة من الطَّريق فيميط الأذى عن أهل قريته.. وفعلا بقبْضة قويّة حملها:
– آآآ..
وجد عمّي مرزوق تحتَ الصّخرة كنزا من الكنوز المنسيّة؛ جوهر ومرمر و”شراتل” ذهبيّة..
بدأ قلب المسكين يدقّ مثل الطَّبل وهو يضع الكنوز في قفّته…
رجع عمّي مرزوق لدارِهِ وهو يلهث وينظر خلفه..
– ما هذا أيّها الأحباب؟ أنا صاح أم في أحلى منامة ؟ أجيبني يا سيّدتي الحمامة.. من هذا اليوم لن أعملَ ولنْ أعرق أبدا.. فقط أنواع الأكل والشَّخير : أ خ خ خ ..ههههه؛ ومنذ اليوم ستعرف القرية أنّ مرزوق الفقير أصبح “سيدي مرزوق” صاحب الشّأن والمقام.
دعا “سيدي مرزوق” الطبّالين والزمّارين.. فطبّلوا وزمّروا ولعْلع البارود في الليل بأكمله.. فرحا بسيدي مرزوق الذي وجد كنزا وأصبح غنيّا جدا..
وعلمت القرية كلّها بالأمْر:
– آآآه…
ذهب المطبّلون والمزمّرون فرحين بالمال الكثير، وذهب “سيدي مرزوق” لفراشه كيْ ينام قليلا ويرتاح..
ولكنّ “ولد الليْل” السّارق الخطير انقضّ عليْه قائلا:
– قل لي أيْن وضعتَ الكنز وإلا قتلتُك.
– ها هو ذا يا سيدي ها هو ذا.. لا تقتلني أرجوك.
– جميل…
وذهب “ولد الليل” بالكنوز الثّمينة، وترك عمّي مرزوق الفلاح يبكي وينوح نواحا..
وفي الصّباح، بعدما استيقظ الدّيك وصاح، وضوء الشّمس ظهر ولاح.. استيقظ عمي مرزوق الفلاح، توضّأ وصلّى الصّبح وقال: يا رزّاق يا فتاح.
حمل الفأس والقفّة ثمّ مشى ومشى..
ولما وصل لنفس المكان الذي وجد فيه الكنز بدأ يفتّش ويفتّش علّه يجد كنزا آخر..
حينها سمع صوتا عجيبا يقول له من بعيد:
– باب الكنز يا عمّي مرزوق يُفتحُ فقط مرّة في العُمْر، والدّرهم الذي تعْرّقُ عليه هو الذي تُحْسنُ التصرّف فيه.
أحمد بنسعيد