همسات للوطن
تاريخ النشر: 24/02/16 | 10:42أذكرك يا وطني
لأنك ما زلت في الذاكرة
مهما غربونا
مهما أبعدونا
مهما أعاقوا وصولنا إليْك
فأنت يا وطني
مرسوم على الجبين
وساما
وتاج عزّ وفخار
كتبت الوطن
مرات ومرات
وفي كل مرة
تضيع الحروف
وتتوه مني الكلمات
هي فلسطين
فكيف أصفها
وكيف أرويها
وكيف أقص حكاياتها على الأنام
آه يا فلسطين
يا جُرحا غائرا في القلب
يا أكبر من المنافي
ويا أجمل من الروح
ويا أرقّ من الهمسات
كتبت الوطن
وعلقته بين حنايا الضلوع
أمَا حان الوقت يا وطني أن نستريح
مللنا الغربة
مللنا ومللنا
يا وطنا أُسَمّيه الحب
فلسطين يا أرضي
يا مهجتي
يا حلمي الوحيد
نحـن أهـاتك يـا وطـن
نحـن دمـوعك يا وطـن
نحن همسـاتك
نحـن نعيش في منفـىً في الوطـن
نمشـي خطوطا
مبعـثرة بيـن أزقة شوارع الـوطن
نمضي بهـا وكأننـا غـرباء..
لـن نسيـر طويلا فرصـاصة مـا
ستخترق آهاتنا
للغربة مذاق مر لا يدركه
إلا من تجرّع من كأسه
وذاق لوعاته وغُصّ بآهاته.
للغربة نَصْلٌ يتغلغل إلى أن يصل
إلى العمق .. فيصبح
الجرح في الأعماق .. وعندها
لا نستطيع إيقاف النزيف
للغربة سياطٌ تترك آثارها
على أجسادنا وأرواحنا
و نظراتنا و أنفسنا
فلا نستطيع الخلاص منها أبد الدهر
لتكون وصمةً على الجبين
تعلن للجميع إننا لسنا سعداء
للغربة آلام كآلام المخاض تبدأ بسيطة.. ثم
لا تلبث أن تصل إلى قمة عدم الاحتمال
يبدو أن الفرق بينهما
أن آلام المخاض تتبعها حياة روح
وآلام الغربة يتبعها موت روح
قد تكون الغربة حلا أمثل
عندما ينبذنا الوطن
في الوطن
ما زال الهواء يسكنه أطيافٌ من بشر
وأطفالٌ ينشدونه
وصبايا تحيك له العلم
في الوطن
لي أصدقاء..
ولي أحباب..
وابتسامات..
وحبيب روح..
أحمل معه أحزانه وآماله
لنكون يوما
أنا وهو..
في مواكب العشاق
في شوارع وطن
أعشقه..
وأتمنى تقبيل ترابه
كلما حلّ الصباح
في الوطن
سماءٌ تهذي برعودٍ وبرق
قططٌ تموء في ضوءٍ شاحب
وخلفَ النافذة قراصنة
يحتلون البلاد
قلاعٌ تنهار على رؤوس القناصة
وأطفالٌ يسرقون الخبزَ من فم الحاويات
وقريةٌ تغصُّ بهلوسات الحوامل
وقبعةٌ تطير من رأس
وسيدةٌ تجاوزت الستين
ما زالت تنتظر
قطار العمر
في الوطن
على شاطئه الجريح
كان الصيادون يجرون شباكهم
وبينهم أعمى
يجر بعناد .. بصره مفقود
يسحبونها ضخمةً فارغةً
لا يجدي فيها شفاعة الضوء الأخير للغروب
في الشاطئ البخيل
والأطفالُ جوعي في الطريق
حيث تتكوّم المدينة هناك قرب النخيل
تلك حقيقتهم اليومية
حياتهم الممزوجة بزبد البحر
والملح
لا تستطيع تخمين أي شيء
على وجوههم
عدا الشقوق المليئة
بمياه ملحية
فالرزق بيد الله
في الوطن
شمسي
وميناءُ أماني
ونجومُ لياليّ
في الوطن
حبٌّ لكل شيء
ومقتٌ .. هنا الغربة
في الوطن
أشتمّ رائحةَ الزعتر البريّ
وشذا الجوري
وأنام ملءَ عيْنيّ في هدوءٍ وسكينة
منذ زمن
وهم يذبحون فيه الطهارة
ويقتلون فيه أحلام الطفولة
منذ زمن
وهم يغتالون فيه النقاء
ويستوطنون محاريبَه وساحاتِه
منذ زمن
كان هناك صلاح
وخالد !!
ومنذ زمنٍ أيضا
كان الياسين وأبو عمّار
ولما ذهبوا
استوطنت الغربان
مكان الأسود
وأخذت تنعق بالخراب
ونحن ننظر ونصمت
ونداري وجوهنا
من هذا الشامخ ( الأقصى )
لكنه سيكتبنا يوما
ولن ينسى ضعفنا
ولا هواننا
لربما يتذكر
أننا أبناء فلسطين
أبناء الثورة … ربما !!
في الوطن
يتصيدون بشاشَةَ الأطفال
في زهرِ البراءة
يُطفئون الشوق في أحداقهم
يسلبون الخفقان من أضلاعهم
لا … يا لصوص الدهر
لن تفلتوا من لعنة التاريخ
والشعب المقاتل
لن تكونوا غير وهمٍ عابر
أو عثرةٍ في مسيرةِ
الشعب المناضل
أو سهو غريب
فتقدموا نحو الردى
وتدحرجوا تحت السنابك
وأقدام البواسل
ليُطَهَّر الإنسان من جرثومة الحقد البهيمي
ومن جهلٍ وجاهل
الشاعر خالد اغباريه