عندما تضامّنا وأعلّنا الإضراب مع القيق….!!!

تاريخ النشر: 27/02/16 | 17:59

محمد القيق أسطورة ، بطلٌ عزَّت في زمنه الأبطال، شامخٌ كشموخ جبال فلسطين عزيزٌ كريمٌ لم يرضَ الضَيْم أو الذلّ والهوان. أراد العزةَ والرفعةَ لشعبٍ ينشُد حريَّته، لمعتقلين وأسرى فقدُوا حريتَهم ليس لذنبٍ اقترفوهُ أو تهمةٍ ارتكبوها، ليكون الحكم” اعتقالًا إداريًا ” وهو حكم جائر مأخوذ من أحكام الطوارئ كالتي استخدموها في حظرهم للحركة الإسلامية. أراد أن يُعلمهم أنّ الكلمة الحرّة لا تُؤسر، وأن صاحبها حرٌ حتى لو كان في قيدكم. أراد أن يقول لهم لن أرضخ لجبروتكم وعنجهيّتكم، فأنا العزيز في ديني الكريم بين أهلي الصادق بين أقراني صاحب القوّة والشكيمة.وكان قرار القيق بالإضراب، فكفَّ عن الطعام واكتفى بالماء دون الملح أو أي مدعِّمات ! لله درّك يا محمَّد…..تمر الأيام تباعًا وأنت صامد في وجه سجّانك، لا تنازُل عن الحق!!

بدعوة من لجنة الحريات ومؤسسة يوسف الصِّديق زُرت الأسير محمد في مستشفى العفولة، وشاركتُ في جميع الوقفات التي كانت أمام المستشفى، وفي لحظات شعرتُ بأن هذا المريض الأسير تربطني به علاقة اسمها الإسلامية العربية الفلسطينية، شعرتُ أنه أصبح جزءً من برنامجي اليومي.. لماذا ؟ ربما لأنه أسير؟ مريض؟ غريب؟
دأبتُ على زيارته بين الفينة والأخرى، دخلتُ غرفته وتحدثتُ معه، ولما كان قرار المحكمة بعدم الموافقة على إخراجه وتمّ قرار التضامن والإضراب عن الطعام كنتُ ممن استجابوا للنداء، ففي 16/2/2016 امتنعتُ عن تناول الطعام تضامنًا مع أخي محمّد، إيمانًا مني بانتصار قضيته بل قضيتنا جميعًا لأنها عادلة ولأنها حقّ، ومَن كان الحق معه لن يخذله الله.
والتضامن ليس غريبًا في ديننا بل من لُبّه وصُلبه، وأتذكر هنا ما رواه أبو داوود في السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا شكا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم جاره ، فقال له ( اذهب واصبر)، فأتاه مرتين أو ثلاثة، فقال له) اذهب واطرح متاعك في الطريق). فذهب وطرح متاعه في الطريق، فجعل الناس يسألونه فيخبرهم خبره، وجعل الناس يلعنونه، ويسبونه، فعل الله به، وفعل، فجاء الرجل إليه وقال له: ارجع لا ترى مني شيئًا تكرهه. والأمثلة في ذلك كثيرة لا يتسع المجال لسردها.

وفي 16/2 حيث أعلنا الإضراب عن الطعام، ذهبنا للمستشفى للتضامن، فطردنا أزلام الشاباك مِن أمام القسم الذي يرقد فيه محمد، ولما نزلنا إلى الساحة الخارجية قاموا بطردنا من المستشفى حتى أوصلونا إلى موقف السيارات.هذا الطرد لم يُثننا، عُدنا في اليوم الثاني والثالث والرابع…. نجلس في قاعة الانتظار بالساعات، أحيانًا يُسمح لنا في الدخول وأحيانًا لا. وعند الثامنة مساءً كان رجال المخابرات وأمن المستشفى يطلبون من جميع مَن في القاعة المغادرة ولا يسمحون لأحد بالدخول حتى أهالي المرضى.

قي هذه الأيام، كان الكثير ممن تضامن مع محمّد يُحضر معه ماء زمزم _ وما أدراك ما زمزم !! قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: “زمزم لما شُرب له”، إنها ماء زمزم ودعوات النساء والرجال، الصغار والكبار، الكهول والعجائز، وكأن الله سخرنا أن ندعو للقيق الذي أصبح اسمه على كل لسان، كيف لا، وهو في الداخل الفلسطيني نحتضنه فكان ابننا وأخانا.أحد عشر يومًا، إضرابٌ عن الطعام، واكتفيت فيها بالماء، وبعض العصائر الطبيعية. أُقسم أنني لم أشعر بالجوع ولم أتعب ولم أيأس من طول المدة، وكنت أقول لنفسي أُنظري إلى محمَّد، كنتُ في يومي الأول وهو في يومه الثاني والثمانين… سأتحمل وسأبقى على إضرابي حتى يأذن الله فإما أن ينتصر محمّد في قضيته فيصبح حرًا وإما أن يكون شهيدًا.
وخلال هذه الأيام كنت أتواجد في المستشفى يوميًا، أحضرتُ له ماء زمزم ممن تصدق به مشكورًا مأجورًا، زرتُه في غرفته عدة مرات، تحدثتُ معه، وبرغم كلماته القليلة التي كانت تخرج من شفتيه الضعيفتين وصوته الخافت ولكنني كنت ألحظ إرادته القوية وتمسكه بحقِّه، كنتُ أرى نضارة وجهه وبريق عينيه وتمسُّكه الشديد بالله وتوكله عليه.أحد عشر يومًا، استشعرت لذة أن تكون مع الآخَر، استشعرتُ كيف أن الإرادة القوية والإيمان بالقضية تُحقق ما لم يخطر ببالك.
إنها أيام ننتظرها، حتى يشفى محمَّد القيق، وحتى يخرج منتصرًا من سجنه في 21/5 ، وحتى نكون من الوفود التي ستبارك له ولزوجه الصابرة الوفيّة حريّته في بلده دورا في خليل الرحمن.
بقلم أ سوسن مصاروة

sssw (2)

sssw (3)

index

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة