أزمة الدولار في مصر أسبابها وحلولها

تاريخ النشر: 04/03/16 | 0:31

أن قرارات البنك المركزي قد نجم عنها زيادة الحصيلة من العملات الأجنبية بعشرة أضعاف، إلا أن بيانات البنك المركزي الخاصة بشهر فبراير الماضي، وهو الشهر الذى شهد الخفض التدريجي لسعر صرف الجنيه تجاه الدولار، قد أشارت إلى انخفاض صافى الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفي، خلال شهر فبراير عما كانت عليه في شهر يناير/ كانون الثاني بنحو 660 مليون دولار، ليستمر صافى الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفي في الانخفاض للشهر السادس على التوالي
إن نمط الاقتصاد الريعي القائم علي الخدمات والسياحة والتجارة والاستيراد فقط، سبب الأزمة، وللخروج منها، فإن الأمر يستوجب خطتين، واحدة علي الأجل القصير يتم بموجبها كبح جماح الاستيراد مرحليا، بوقف استيراد السلع التي لها بديل محلي بشكل كامل وبأسرع وقت ممكن؛ لأن الاحتياطي النقدي للدولار في الحقيقة لم يعد يكفينا لاستيراد شهر واحد لا أكثر؛ خاصة أن رقم الاحتياطي المعلن يتضمن نحو ٦ أو ٥ مليارات دولار في شكل ذهب وحقوق سحب خاصة لا يمكن تسيلها، أي أن النقد الحقيقي المتاح للاستخدام ١٠ مليارات دولار فقط، وهو ما يكفي استيراد شهر واحد لا غير لو استمر الاستيراد بنفس الوتيرة.. ان مبررات صندوق النقد الدولى ما هى إلا حق يراد به باطل للأسباب الآتية: مصر دولة غير مصدرة على المستوى العالمى سوى بـ (26 مليار دولار) وجميع صادرات مصر عبارة عن (مواد خام) لا يوجد أى صادرات لأى إنتاج كامل أو أى قيمة مضافة على المواد الخام، وبالتالى فانه ينخفض سعر العملة ويتم خفض قيمة الصادرات المصرية. كذلك المستثمر والسائح يأتى الى مصر بسبب الأمن والأمان وكذلك وجود العمالة المدربة ووجود الخدمات المتميزة وعدم وجود الزحام غير المبرر. والاستفادة من السوق المصرى الكبير والذى يبلغ عدد سكانه (100 مليون مواطن) وهو سوق استهلاكى كبير.
بالإضافة الى الاستفادة من موقع مصر الجغرافى لأنها تعد (جنوب أوروبا) و(شمال أفريقيا) وبالتالى يوجد سوق كبير يبلغ قوامه حوالى (1.1 مليار نسمة ) (السوق الأفريقى) ولذلك فان حجة صندوق النقد الدولى ليست الحجة الصحيحة، وليست فى صالح مصر ولا فى صالح الاقتصاد المصرى.سيناريو تراجع الجنيه المصري ليس وليد اليوم وإنما مرت به عدة كبوات تعيد لنا الأذهان إلى عام 2003 فى عهد حكومة عاطف عبيد بما يعرف بتعويم الجنية وكانت تمر بالبلاد ظروف اقتصادية أيضا من شح السيولة وارتفاع رهيب للدولار أمام الجنيه المصري وكذلك بنهاية ديسمبر 2012 فى عهد حكومة الرئيس المعزول محمد مرسى وفى يوليو من 2013. كذلك قيام معظم المستثمرين (العرب) و(الأجانب) وهنا المسؤولية ملقاة على عاتق البنك المركزي وقيادته.. فهو المسول عن السياسة النقدية في مصر، وبالتالي عن الكميات المطلوب ضخها من الدولار فى السوق، البنك اتخذ فى هذه الفترة سلسلة من الإجراءات الخاصة بضبط السوق ومحاولة القضاء على السوق السوداء وهو ما نجح فيه رغم اعتراضات رجال الأعمال من تحديد سقف السحب والإيداع وما نتج عنه من أزمات حقيقية فى السوق. لكن هل المسؤولية وحدها تقع على هشام رامز والبنك المركزي في أزمة الدولار؟ البنك المركزي صاحب القرار الأول فى إدارة حركة الأموال فى مصر، أمام أوضاع غاية فى الصعوبة، فمصادر الدخل الرئيسية للعملة الأجنبية مثل السياحة والاستثمارات الأجنبية تحديدا معطلة ومتعثرة منذ يناير 2011، وآلة الإنتاج المحلى متوقفة، والصادرات فى أدنى انخفاض لها من 22 مليار دولار إلى 18 مليار دولار تقريبا، والاستيراد فى أعلى درجاته، فكيف يمكن للبنك المركزي في ظل هذه الأوضاع الصعبة أن يدير سياسة نقدية مفتوحة ويوفر العملة الصعبة المطلوبة فى ظل توقف الإنتاج وزيادة الاستيراد وتراجع معدلات السياحة وانخفاض تدفق الاستثمارات.. هل هو المسئول وحده عن الأزمة؟ البنك يبحث عن بدائل كثيرة لتوفير العملة سواء بتصحيح سعر الجنيه لتحفيز الاستثمار الأجنبي ودعم الصادرات، أو بالمساعدات الخليجية وبوسائل تمويل من الجهات الدولية والإقليمية المانحة لزيادة الاحتياطي النقدي. وخاصة المستثمرين فى مجال (البورصة المصرية) بالخروج باستثماراتهم من مصر حيث خرج من السوق خلال العام (2011 /2012) ما يقارب الــــ (14 مليار دولار) عبارة عن أرباح للأجانب بالإضافة الى تصفيه الاستثمارات داخل مصر. وضرورة على الخروج من دائرة الحلول التقليدية والاعتماد على أفكار جديدة من خارج الصندوق من أجل مواجهة أزمة الدولار، لان الدولة تعتمد على قطاعين فقط من أجل توفير الدولار وهما السياحة والتصدير أن القطاع السياحي في مصر يمر بأزمات كبيرة خلال المرحلة الراهنة نتيجة الحوادث الإرهابية التي شهدتها مصر مثل حادث الطائرة الروسية فى سيناء وغيرها. كذلك انخفضت تحويلات المصريين بالخارج بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين وهو ما حذر من تأثيره على الاحتياطي النقدي الأجنبي الكثير من الخبراء الاقتصاديين، حيث صدر تقرير عن البنك المركزي المصري في منتصف 2014 يتحدث عن تراجع تحويلات المصريين من الخارج، التي تراجعت إلى 8.441 مليارات دولار بنسبة 8.9%، خلال النصف الأول من العام المالي 2013/ 2014، مقارنةً بنحو 9.276 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام المالي 2012/ 2013.
بهذا كانت تنهار مصادر العملة الصعبة في مصر يومًا تلو يوم والنظام المصري مشغول بصراعات سياسية داخلية وخارجية، بالإضافة إلى التراجع الحاد في الدعم الخليجي في هذه الفترة من عمر النظام، وهو ما كان يستوجب إجراءات تقشفية من الدولة لمواجهة كل هذه العوامل المتراكمة، لكن النظام آثر الدخول في صفقات تسليحية ثقيلة وغيرها من المغامرات التي أنهكت الاحتياطي النقدي المصري حتى هبطت به إلى أدنى مستوٍ منذ فترات تاريخية طويلة.
وما زال التبرير الرسمي في مصر لهذه الأزمة بأنها أزمة عالمية تعاني منها غالبية الدول النامية نتيجة تراجع الصادرات الأساسية لهذه البلدان، وهو حديث يُظهر جانب من الحقيقة ويُخفي آخر، لأن هذا التراجع في الصادرات حاصل بالفعل ولكن في مدة فائتة وأنه أصبح الاعتماد الأساسي على الصادرات المصرية وزيادتها، مطالبا الجهات المعنية بتوفير كل الدعم اللازم لكافة الصناعات المصرية بمختلف قطاعاتها من أجل تنشيط وزيادة الصادرات المصرية، والتى بدورها ستعمل على إدخال العملة الصعبة إلى خزينة البلاد. تعزيز النمو الشامل للجميع من أهم آليات الخروج من الأزمة الحالية، فالاستثمار سيولد النمو بالتأكيد،
لكن النمو وحده يوفر فائدة ضئيلة في ما يخص الاستقرار الكلي للاقتصاد مع محدودية آثار النمو المحقق على الفئات المختلفة. فالنمو الشامل يعني جعله لصالح الفقراء، وأن يترافق مع توزيع أكثر عدلاً للموارد. كما يتعين أن يخلق النمو وظائف منتجة ويساهم في تنويع الاقتصاد. ويتطلب النمو الشامل تعزيز العلاقات المتبادلة داخل المنشور التنموي، الذي يشمل النمو والتشغيل والعدالة الاجتماعية. ويمكن استخدام التمويل الصغير باعتباره واحداً من محركات تعزيز النمو الشامل،تحدث الأزمة الاقتصادية في العديد من البلدان وقد تمر بصعوبة على الكثير منها وتعتمد الحالة على قوة البلدان النامية الاقتصادية والكمية الوفيرة من الثروات الطبيعية وكفاءة الصناعة في تلك البلاد وقد سمعنا عن الكثير من تلك الأزمات حدثت في بلدان متقدمة وسببت ضرراً بليغاً في اقتصادها خلاف للتوقعات بقدرة تلك البلد على تجاوز تلك الازمه لم تحض تلك الدول بتلك الاسبقية من الاحداث بخصوص الازمة في اوربا كانت الازمات الاقتصادية سبب في فشل الحركة الاقتصادية للعديد من تلك البلدان ونذكر منها ازمة تفجير مفاعل تشرنوبل والتي تضرر منها جميع القطاعات سوء صناعياً او زراعياً وحتى سياحياً من مخاوف عديدة بخصوص اشعاعات غطت نصف تلك السفارة الاوربية وايضاً الازمات الطبيعية مثل تفجير بركان في اوربا وانتشار الدخان فوق معضم اوربا وظهور مرض انفلاونزا الخنازير وفلاونزا الطيور والتي دفعت اوربا الى الاستغناء عن كميات كبيرة من ثرواتها الحيوانية وعدم رغبة الدول الاخرى على شراء تلك المنتجات من دول اوربا وكانت تلك الازمات كبيرة لدرجة اخذت حيزاً عالمياً واعلامياً كبيراً مما تسبب بخسارة مليارات الدولارات وللعديدمن الدول والشركات . ان الازمة الاقتصادية واقعياً تحدث بشكل متدرج منبثق الى الساحة بشكل سريع بحيث يصبح من الصعب مواجهتها بصورة يسيرة .

د.عادل عامر
كاتب المقال دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام ومستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم امن المعلومات ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

3adel3amer

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة