همس القدس
تاريخ النشر: 08/03/16 | 9:37أنا أبنةُ أُمِّي،
بِلا والدٍ،
كالسَّيِدِ المَسيحْ.
وأُمِّي بِرُزْءِ المُخَاضِ تُقاسي،
وَلَمْ تَصْطبِر!!!
صبَّ ملح ِالغليلِ،
على نَزفِ جُرحٍ عَميقٍ يقيح.
فرَاحَتْ تَهِزُّ،
بجِذعِ النخيل كمريم،
تهاوَى الرَّصَاص غزيراً عليها،
وأضْحَت كَطيرٍ كَسِيرٍ كَسِيح ْ.
هَتَك ثِيَابي،ونَكَّى تُرَابِي،
وأُهْقِي شرابي،
وعِرْضِي على العَالَمِينِ يُبِيحْ.
وليدٌ تأبّد في رحمِها،
ومخاضٌ يُصرُّ على عَتقهِ،
فهل يأتي يومٌ بطلقٍ نجيح ؟؟
أَقاحَتْ جرُوحٌ،
وغَثَّت قُرُوحٌ،
ومَلَّتْ شُهودٌ،
ومَا شاءَتْ القابلَة.
فوهَنَتْ قُواهَا وباتت تميس،
بحقل الغزاة كما السنبلة.
دماءٌ تَحَنَّى بِهَا السَّاغبُونَ
لِلَحم الوليدِ،
فهل تحيَى حُبلَى لتَحمِي الوليدَ،
وتَمْضِي بنار الأسى حاملة ؟؟
هوائي شَهِيٌّ بِطِيبِ النبيِّ،
وخَمْرِي بهيجٌ بدَنِّ المَسِيح.
فَبِتُّ كأُمٍّ لأقصَى يئنُ آلام الجروح.
زمَانِي وأمّي زمَانٌ مُغِمٌّ،
طويلْ طويل،
واسمي استَحَالَ لنَهْمِ الشعوب
كَثيراً كثير،
فَكُنتُ مَدِينَة ُالسَّلامِ،
وصرتُ يَبُوسْ،
ومِصْرُوتَ كُنتُ،
وصرت ُإيلياء،
وصهيون كنت وصرت كورشيلا وكنت وصرت وصرت وكنت
ودَشَّنَ إسمي المعري
بشعرٍ فصيحٍ،
بِأَنِّي ” القدسٍ الشريف “.
وهال المديح.
وصرتُ كنَجمَةِ صُبْحٍ تَهَادَتْ،
تشاءت إليْهَا النُّجُومُ.
تُطِلُّ نجومٌ، تَنُوءُ نُجومٌ
وفَجرِي قريبٌ يَراهُ البعيدُ،
وقُربِي قريبٌ فَقَأَ عَيونِي،
وأُمِّي بَعيرٌ يَقُودُهُ طفل،
الى حَيثُ يَصبُو نَكِيثُ العُهُود.
تَلَظّى زمَاني بنارِ الغريبِ،
فَبِتُّ كأعشَى يَجُوبُ الدروبَ.
يُدَوِّي يصيحْ :
هَلُمُوا إليَّ وشِدُّوا الرِّحَالَ،
وإلا اسْتَحَلتُ،
كعَصْفِ الخَريفِ.
رآني المسيحُ عَروساً بَهيّاً،
أحَبَّ امتِثالي شريكا ًلهُ،
في العَشَاءَ الأخِيرْ.
وَأَمَّ النبِيُّ صلاة العِشاء
علَى كَاهلِي الأنبِيَاءَ،
وأَبقى رباطَ البراقِ دَلِيلاً،
بأنَّ الجِدارِ عديم الجيوبِ.
وأضحى مكانَ بكاءٍ لِقومٍ،
أتانِي لقيطاً يَذِرُّ العيوب.
وأُمِّي تبنّتْهُ قُسرا،
أتاها شَغُوفاً لسُمْنٍ وشهدٍ،
بسيفٍ وَقِرنٍ وشاةٍ حلوب.
وأضحى بِغَدرِ الزَمانِ الهَجِينِ،
بطلَ الحِكَايَة
جُمِعتْ عِظامُهُ وسُوِّيَتْ هامَتُه،
ونُقِشَتْ صُورتَهُ،
وأُدرجَتْ في مَحْفَلِ الأُمَمْ.
وفوقَ جدارِ الغيابِ رُفِعَ العلم.
فخَارَتْ لوهنٍ نِعاجُ العروبة،
وسيقت الى،
حيث يبغي الرعاة ُغنم.
وتطولُ الحكايةُ دون أمَدْ،
فهلْ تنسى أُمٌّ وليداً،
من رحمها وُلِد؟؟
وفَرَدَ الزَّمانُ العَصِيُّ سبيلَهَا،
شوكَ الجَلَدْ.
ودَسُّوا اللقيط لِيَحْيا بحِضنِهَا،
لكنَّمَا الحنانُ بحضنها تمرّد.
وابنها من دمِّها ولحمِها تشرّد.
أُحِقَّ البَغَاءُ لبَغْيِ العِبَاد،
وعدلُ الحياة بحقها طُرِدْ.
رياحُ العُتُوِّ تسوق القضيَّةَ
خلف المَدَى،
وأضحت سراباً عديم الصَّدَى،
إلهي أعنِّها بريحٍ يُعيد القضية الى المُبتدأ،
احمد طه