ظلموه فسموّه نقدًا!
تاريخ النشر: 14/03/16 | 1:17بين النقد والتجريح حد فاصل دقيق جدًا غاية في الدقة، أدق من شعرة معاوية المشهورة… تمامًا كالحد الفاصل ما بين الحرية والفوضى. فحريتي تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين، وفي الحالة التي يتكون فيها تماس بين دائرة حريتي ودائرة حرية الآخرين، لن تصبح هذه حرية بل تعّدٍ على حدود الآخرين.
وكما أن للحرية حدودٌ يجب أن تُراعى، فأن للنقد حدودٌ أكثر دقة وحساسية يجب أن يقف المرء عندها وحتى قبلها، تاركًا مسافة بين دائرة النقد والدائرة التي يجب أن تليها.
والنقد إذا ما تخطّى حدوده المتعارف عليها، سواء أكانت إنسانية أم اجتماعية، أخلاقية أم دينية، فأنه لم يَعدْ نقدًا بل تجريحًا، وتشهيرًا وقذفًا.
والنقد- في رأيي- موضوع حساس جدًا يجب أن لا يخوض غماره كل متتلمذ، فللنقد معايير ومقاييس دقيقة قلّة هم الذين يتحكمون بها ويجيدون استعمالها.
وكثيرًا ما يحدث، وقد حدث فعلاً، إن زلت أقدام الكثيرين منا، وألسنةُ الكثيرون منا، وأقلام الكثيرين منا- وبحسن نيّة- زلت إلى هاوية التجريح والقذف رغم توّخينا النقد البّناء والنصح ليس إلا.
ولكن ومع الجهل بأصول النقد وعدم التقيد بمقاييسه اصطدمت دائرة النقد بدائرة التجريح، وانقلب الذي أردناه نقدًا بعلم منا أو بغير علم منا إلى تحدٍّ شخصي ومساس مباشر أو غير مباشر بالآخرين… وأصحاب هذا النوع من- الأدب- مطالبون، ونحن جميعًا مطالبون معهم، بالتحكم بالنزوات. والانفعالات وبالألسنة… ولتُعطَ القوس باريها ورحم الله من عرف حدّه وقدر نفسه ووقف عندهما.
بقلم: حسني بيادسة