العرب بين مطرقة الأمية وسندان هجرة الأدمغة!
تاريخ النشر: 25/02/10 | 16:05يواجه العرب في أيامنا تحديات كثيرة، وفي مجالات متعددة، وعلى الأخص يواجهون تيار العولمة الزاحف بإيجابياته وسلبياته، ويطفو على السطح السؤال الملح: ما دور العرب في هذه المسيرة الحضارية المتسارعة؟ ولماذا يتخلفون عن الركب؟ في رأيي المتواضع، واستنادا للدراسات والأبحاث التي تطرقت لهذا الموضوع، أرى أن العرب يعانون من ظواهر سلبية تعيق مسيرتهم الحضارية وانطلاقتهم العلمية، وسأقتصر على ظاهرتين بارزتين تؤثران في مجمل حياتهم وإنجازاتهم في شتى الميادين.
الظاهرة الأولى تتجسم في تفشي الأمية وبنسب عالية في العالم العربي.
أما الظاهرة الثانية – والتي قد تبدو مناقضة للظاهرة الأولى – فتتمثل في هجرة الأدمغة من ذوي الكفاءات والخبرات العالية.
والحديث عن ظاهرة الأمية وأنواعها وانعكاساتها قد يمتد على صفحات، ولكني أورد بعض الحقائق والمعطيات في هذا الموضوع.
تشير البحوث والدراسات أن حوالي 70 مليون عربي أميون لا يعرفون القراءة والكتابة، ويشكل هذا العدد نسبة تقارب الثلث من مجموع الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و45 عاما.
طبعا هناك تفاوت بين الدول العربية في عدد الأميين ونسبتهم، كذلك هناك اختلاف بين والذكور والإناث، فنسبة الأمية بين الإناث تفوق نسبتها بين الذكور.
وإذا كانت نسبة الأمية الأبجدية – عدم معرفة القراءة والكتابة – مرتفعة ومرعبة إلى هذا الحد، فإن الأمية الثقافية/الحضارية، والأمية الإلكترونية أشد وأقسى!
نجد الكثير من المتعلمين و”حملة الشهادات” يعزفون عن القراءة والمطالعة، ولا يتابعون ما يجري في العالم من أحداث ووقائع، ولا يثرون أنفسهم بقراءة النصوص الأدبية وغير الأدبية، ولا يجددون معارفهم بما يستجد من دراسات وأبحاث في مجالات تخصصهم، ظانين أن “الشهادات” تشكل ضمانا يقيهم من هذا السيل المتدفق والجارف من المعلومات والمعارف!
كذلك، نجد نسبة ضئيلة من المتعلمين يتقنون التعامل مع عالم الحاسوب والشبكة العنكبوتية، بينما يؤكد اليابانيون أن الأمية عندهم لبست الأمية الأبجدية بل هي الأمية الإلكترونية أو أمية الكمبيوتر!
بالمقابل، يواجه العالم العربي ظاهرة هجرة الأدمغة بشكل خطير مما يؤثر في تحقيق القفزة النوعية المرجوة للحاق بركب الدول المتقدمة.
وقد أورد تقرير لجامعة الدول العربية “أن عدد العلماء والأطباء والمهندسين من ذوي الكفاءات العالية من العرب والذين يعيشون خارج الدول العربية يقدرب 450 ألفا”.
وأشارت دراسة أخرى “أن حوالي 70 ألفا من خريجي الجامعات العرب يهاجرون سنويا للبحث عن فرص عمل في الخارج، وأن نسبة 54% من الطلاب العرب الذبن يدرسون في الخارج لا يعودون إلى أوطانهم بعد انتهاء سنوات دراستهم”.( الاتحاد، 7 أيلول 2009)
قبل التحدث عن كيفية مواجهة هاتين الظاهرتين وأثارهما نورد ما كتبه الباحث الفيلسوف د. حامد عمار:
“..إن التنمية وزيادة الإنتاج والإنتاجية أصبحت تعتمد على قيمة المعرفة أكثر من اعتمادها على عوامل الإنتاج المادية كالأرض ورأس المال ووفرة الثروات الطبيعية، وحتى وفرة القوة العاملة”.
ويكرر الرأي نفسه تقريبا فيقول:
” أصبحت المعرفة التي ينتجها التعليم والبحث العلمي أهم مورد من موارد البقاء والنماء والقوة والتنافس في ساحة كوكبنا المعاصر”. ( كتاب: مواجهة العولمة في التعليم والثقافة – القاهرة، 2000)
بكلمات أخرى: يشيد د. حامد عمار بدور التعليم والثقافة في بناء الإنسان وتحقيق التقدم والتطور في حياة الأمم والشعوب والأفراد.
والسؤال المطروح: كيف يتسنى للعالم العربي أن يحقق القفزة النوعية المنشودة إذا كان يواجه هاتين الظاهرتين – انتشار الأمية وهجرة الأدمغة؟
لمواجهة التحديات التكنولوجية والعلمية والثقافية والاقتصادية لعصرنا ولتحقيق مجتمع الرفاهية والاكتفاء، ولإعطاء الأفراد مساحة من الحرية والأمان وتحقيق الذات، لكل ذلك – نحن بحاجة لتبني أنماط جديدة في التربية والتعليم، سواء في أطر المؤسسات التعليمية أو خارجها.
فلا يكفي التوسع الكمي في التعليم وزيادة عدد الخريجين، وتقليص نسبة المتسربين من المدارس، بل لا بد من “التجويد النوعي والتجديد التربوي الجذري”. (د. عبد الله عبد الدايم – الرؤى المستقبلية للتربية في البلاد العربية)
يجب العمل على تنمية شخصية المتعلم المتكاملة بجميع أبعادها وجوانبها العقلية والعاطفية والبدنية والنفسية والروحية والجمالية.
لا يكفي التأكيد على تنمية المهارات العقلية والإلمام بالمعلومات والمعارف في فروع المعرفة المختلفة، فالعلامات العالية والتحصيل المعرفي الجيد ليست كافية!
يجب التأكيد على إكساب المتعلمين مهارات التعلم الذاتي، وتزويدهم بالأدوات والمعارف والمهارات اللازمة لمواصلة التعلم الذاتي المستمر مدى الحياة من المهد إلى اللحد.
وهناك حاجة للتخلص من أساليب التلقين والإيداع، وتنمية مهارات التفكير العليا من تحليل وتركيب وإبداع!
ويجب خلق الحافز وحب الاستطلاع للاستزادة وللتعلم الذاتي الدائم.
التعليم والتربية المنشودة تهتم، كذلك، “بتكوين المواقف والاتجاهات النفسية والمهارات التي لا بد منها للتكيف “ للمستجدات الطارئة في عصر انفجار المعرفة!
يجب الاعتناء بتنمية ما يعرف بالذكاء العاطفي – بدون إهمال الذكاء الأكاديمي العقلي – المتمثل باكتساب المهارات الحياتية العاطفية المطلوبة مثل: الوعي بالذات والتحكم بالانفعالات والنزعات، القدرة على التواصل مع الآخرين والتعامل معهم بمرونة وتسامح وتعاطف، المثابرة وتوفر الدافعية…(انظر: كتاب “الذكاء العاطفي” دانييل جولمان، الكويت، 2000)
على المجتمع توفير فرص العمل والتقدم بحسب الكفاءات، وتخصيص الموارد للبحث والتعمق لاستقطاب الخريجين والباحثين وردعهم من التوجه لدول خارجية تغريهم بالرواتب العالية وإمكانيات التقدم!
وأخيرا: كم نحن بحاجة لخريجين يتحلون بالانتماء لمجتمعهم وأمتهم وإنسانيتهم بعيدا عن الأثرة والتعصب!
لماذا لا يوجد تعليقات على موضوع في غاية الاهميه؟ اتغلبت الاميه على القراء؟ ام ان العلم في ايامنا اصبح شيء ثانوي؟ اقرأوا يا جماعه فهذا موضوع في غايه الاهميه,افيقوا من سباتكم العميق وليحث احدنا الاخر على العلم (على الاقل)
هذا موضوع جميل ويجب على الكل قرائته