أم الفحم: الإحتفاء بإنجاز تصور العودة إلى اللجون
تاريخ النشر: 17/09/13 | 7:00نظمت مجموعة "عدنا – اللجون" التابعة لـ "جمعية الشباب العرب – بلدنا"، السبت، الماضي، أمسية ثقافية فنية تحت عنوان "بسوادعنا"، وذلك احتفاءً بإنجاز مشروع تصور العودة إلى قرية اللجون المهجرة.
وقد حضر الأمسية جمهور غفير من أهالي أم الفحم، وخاصةً المهجرين من اللجون، شبابًا ومسنين، كان من بينهم عدد من الرجال والنساء الذين ولدوا وعاشوا في اللجون وشهدوا نكبتها وتهجير أهلها.
افتتح الحفل بترحيب عريفه، الشاعر علي مواسي، بالحضور، والوقوف على ألحان وكلمات النشيد القومي العربي والفلسطيني الأول "موطني"، "إجلالًا وإكرامًا لأرواح شهدائنا، لجرحانا، وأسرانا الأبطال، لضحايا نكبتنا، لمهجرينا، لشعبنا المرابط الصامد المقاوم."
علي مواسي: شباب يؤمن بصناعة المستحيل
وقد بين مواسي منطلقات مشروع "عدنا" وأهدافه ومراحل إنجازه، قائلا: "شباب يؤمن بصناعة المستحيل، جمعه الإيمان والإصرار، عمل على مدار أربعة شهور مضت، ينسج رويدًا رويدًا بخيط حلمٍ إيابه لدارٍ هجره الغريب الغازي منها في يومٍ مشؤوم. كان لنا من آذار وحتى آب من هذا العام، عمل لذيذ الصعوبة عذب التشكل. مشروع شاركت فيه مجموعة اللجون إلى جانب أربع مجموعات أخرى، هي إقرث، وصفورية، ومعلول، وميعار، أعضاؤها من الجيل الفلسطيني الثالث بعد النكبة."
وأضاف: "أساس مشروعنا كان البحث في ماهية العودة، ما مفهومها؟ كيف نخطط لها؟ ما الأسئلة الصعبة والعقبات التي يمكن أن تواجهنا عند التخطيط؟ كيف نتجاوزها؟ وكيف ننتقل من مرحلة الحنين والتنقيب في الذاكرة وجدانًا وعاطفةً، إلى زمن العمل المحسوس الملموس؟ على أي صورة ستكون بلدات العودة؟ كيف سنتعامل مع الازدياد الديمغرافي للمهجرين عند عودتهم؟ كيف سيترجم ذلك في التخطيط، وكيف سنجمع في آنٍ بين تراث البلد المهجر وبين احتياجات الإنسان العصرية، وما يضمن له حياة كريمة؟ طرحت هذه الأسئلة وحاولنا الإجابة عليها جماعيًّا خلال جولة ميدانية لقريتي الياجور وبلد الشيخ، نموذجًا للتفكر والتصور والتخطيط، ثم جرى تطبيق كل ذلك على كل قرية من القرى الخمس."
الباحث وجدي جبارين: اللجون كانت عامرة وأهلها قاوموا الغزاة
ثم قدم الباحث وجدي جبارين نبذة حول تاريخ اللجون القديم والحديث، مبينا أن اسمها كان "ليجو" أو "ليجون" وتحور ليغدو "لجون"، مشيرا إلى مدى استراتيجية موقعها الواصل ما بين شمال وجنوب فلسطين، وشرقها وغربها.
وحول العمل السياسي في اللجون ومنطقتها، أشار جبارين إلى أن أهل اللجون شاركوا في ثورة عام 1936 ضد الإنجليز، وقد برز من بينهم قائد فصيل اسم يوسف الحمدان، وكتب عنه في المصادر أنه أول ثائر فلسطيني قاتل الإنجليز بسلاح أبيض.
ماريا أبو واصل تغني العودة
بدورها، قدمت الفنانة ماريا أبو واصل من عرعرة، مجموعة من الأغاني والمواويل التراثية الفلسطينية والشامية، ذات المضامين الوطنية والقومية والإنسانية الراقية، والتي تؤكد حب الوطن وفدائه، والتغني بالأرض وفلاحتها، والاعتزاز بالشهداء والأسرى والمناضلين، والتأكيد على حق قدسية حق العودة.
ومن بين الأغاني التي قدمتها "الدلعونا"، و"جفرا يا هالربع"، و"سب عيونه ومد إيده"، وذلكوسط تفاعل كبير من الجمهور.
اللجون والعودة شعرًا
بعد ذلك قام الشاب محمد وحيد محاجنة، عضو مجموعة اللجون، بإنشاد قصيدة عنوانها "خلودٌ أبدي"، حول الوطن وفقده والحنين إليه والتمسك بالعودة.
ثم أنشد بعد ذلك الشاب محمد أحمد محاجنة قصيدةً بعنوان "أنا من هناك"، أهداها إلى جده المولود في اللجون، والذي شهد نكبتها واستشهد والده فيها، وهو يتحدث فيها على لسان جده عن اللجون.
بعد ذلك، عرض المهندس المعماري شادي حبيب الله، منفذ مشروع "بسواعدنا"، المخطط الهندسي الذي يعكس تصور أعضاء المجموعة لعودتهم إلى اللجون، عارضا خرائط قديمة وحديثة لمنطقة بلاد الروحة ولقرية اللجون، تبين مساحتها، وموقعها، ومبناها الطوبوغرافي، موضحا الهيئة التي كانت عليها بيوت اللجون ومرافقها قبل النكبة والرقعة التي كانت تمتد عليها، والتطور الديمغرافي لسكانها حتى عام 1948، إذ كانوا في حينه 1280 نسمة، ثم حساب عدد أبنائها المهجرين منها اليوم، وهو 16000 نسمة تقريبا، وهو ما أخذ بعين الاعتبار عند التخطيط.
الجمع بين الذاكرة واحتياجات العصر
وأوضح حبيب الله أن المخطط العام الذي تقترحه المجموعة لقرى بلاد الروحة الـ 34 المهجرة، هو إنشاء عدة تجمعات سكنية، يضم كل واحد منها عددا من القرى القريبة من بعضها والتي كان يتوقع أن تتداخل أو تندمج في حال بقيت ولم تهجر وتوسعت مساحتها، على أن تراعى في التخطيط احتياجات الذاكرة والتراث وصورة المكان في ذهن اللاجئ ووجدانه، ولهذا اعتمدت فكرة "الحوش" الفلسطيني في إنشاء مباني مركز بلدة اللجون المتصورة. ونوه حبيب الله إلى أن احتياجات الإنسان العصري تمت مراعاتها عند التخطيط، وذلك من أجل حياة كريمة للعائد وأبنائه، فأخذت بعين الاعتبار احتياجات العمل، والتعليم، والاقتصاد، والمواصلات، والبنية تحتية، والزراعة، وما دون ذلك. وعرض حبيب الله من خلال الخرائط موقع وهيئة اللجون المقترحين لاستقبال أهلها العائدين، وما ستتضمنه البلدة من مرافق ومنشآت.
فيلم تجسيدي ثلاثي الأبعاد
ثم عرض حبيب الله فيلما جرافيا ثلاثي الأبعاد، عنون بـ "بسواعدنا"، يبين الهيئة المقترحة التي ستكون عليها قرية اللجون عند بنائها مستقبلا، وتحديدا مركز القرية وقلبها وما سيشمله من مرافق مختلفة.
تكريم أصحاب الروايات الشفوية
وفي ختام الأمسية، دعا عريف الحفل السيدين عمر الإغباري من جمعية "ذاكرات" وحسام عبد الهادي من جمعية الدفاع عن أراضي اللجون لتكريم أصحاب الروايات الشفوية التي وثقها أعضاء مجموعة اللجون، وهم الحاج محمد مصطفى عبد الحسين جبارين (أبو عمر)، والحاج ماجد محمد عبد الفتاح ترك، والحاجة نجاة صالح عبد القادر سعادة، والتي حضرت بالنيابة عنها حفيدتها أفنان إغبارية.
مساهمون
وفي ختام الأمسية شكر مواسي كل من ساهم في إنجاز وإنجاح المشروع، خاصًّا بالذكر المحامي توفيق سعيد الذي قدم للمجموعة محاضرة حول "تاريخ المسار القضائي للحفاظ على أراضي اللجون"، والمهندس سليمان فحماوي الذي زود المجموعة بخرائط قديمة للقرية ومنطقتها، ومخطط المدن عروة سويطات الذي قدم محاضرة حول "تخطيط المدن والمناطق"، والباحث وجدي جبارين الذي قدم محاضرة حول "تاريخ اللجون"، ونداء نصار، مركزة مشاريع "بلدنا"، والمرشدين رنين جريس وعمر الإغباري لمرافقتهما المشروع.
"عدنا 2013"
يذكر أن مشروع "عدنا 2013" لتصور العودة نُفّذَ بشراكة كل من "الجمعية العربية لحقوق الإنسان"، و"جمعية الشباب العرب – بلدنا"، و"جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين"، و"ذاكرات"، وبتمويل من صندوق "هيكس إيبير".
وكان هدف المشروع العمل مع مجموعات شبابية من أبناء الجيل الثالث بعد النكبة، وتثقيفها حول تاريخ الشعب الفلسطيني قبل النكبة وكيفية تشكلها، وكذلك حول واللجوء وواقع اللاجئين اليوم، بالإضافة إلى تدريبها على توثيق الرواية الشفوية، والعمل على إنجاز مشروع ختامي لكل مجموعة يتعلق بوضع تصور للعودة. وقد شاركت في المشروع خمس مجموعات شبابية من خمس قرى مهجرة، هي إقرث، وصفورية، واللجون، ومعلول، وميعار، أنجزت كل مجموعة منها مشروعًا لتصور العودة.
كل الاحترام- عمل مهم من الدرجة الاولي-