في الذكرى ال 40:عن الأرض واليوم التاريخي الفاصل:يوم الأرض
تاريخ النشر: 24/03/16 | 17:11“الإضراب ” ليس مجرد كلمة أو شعار أو اعلان يصرخ به مسؤول أو قائد
نجاح الاضراب له مدلولات وله نتائج، وفي النهاية إضراب ناجح هو “أداة تضرب في بطن مؤسسه الدولة سياسيا واقتصاديا”
يوم الأرض ليس يومًا عاديًا وليس يومًا للنزهات والراحة، إنّه يوم كفاحي بمضونه وتربوي بأهدافه الوطنية وحدوي بدروسه والاهم أنه يوم له قدسيته الانسانية
30 آذار- يوم الارض إنه يوم مقدس، نعم له في وجداني نوستالغيا وله في عقلي دروس
لأني أريد الرخاء والكرامة لبلدي وشعبي سأشارك في فعاليات يوم الارض بعد 40 عامًا على الاضراب الشهير استذكر الشهداء داعيا لهم بالرحمة
أدعو الجميع للمشاركة في نشاطات الذكرى الـ40 ليوم الارض الخالد في قراهم ومدنهم أو في الفعاليات المركزية في الجليل والمثلث والنقب
“الأرض هي حيز الوجود والبقاء، وحيز التطور والحياة للجماهير الفلسطينية في البلاد. وليس فقط كومة تراب وصخور نحبها…..فكان من الطبيعي أن ينسجم قرار إعلان الإضراب مع الحاجة لأداة نضالية قوية للدفاع عن قضية مقدسة مثل قضية الأرض..”
القرار: “الشعب قرر الاضراب “.. بهذه الكلمات أنهى القائد والشيوعي رئيس بلدية الناصرة الشاعر توفيق زياد الاجتماع الذي حسم وأقر إعلان الاضراب في الثلاثين من آذار عام 1976، نداءً وتلبية للحاجة الموضوعية بالدفاع عن الاراضي التي صادرتها حكومات اسرائيل المتعاقبة في الجليل والمثلث.
“الإضراب” ليس مجرد كلمة أو شعار أو اعلان يصرخ به مسؤول أو قائد، فهذا لا يكفي لنجاحه كتحرك سياسي سلمي يسعى لتحقيق هدف ما.. “الإضراب” مسؤولية تنظيمية وتعبوية وتنفيذية واقتصادية وإدارية ومالية، على المعلنين عنه أن يكونوا على قدر من التنظيم لضمان نجاحه.
نجاح الاضراب له مدلولات وله نتائج، وفي النهاية إضراب ناجح هو “أداة تضرب في بطن مؤسسة الدولة سياسيا واقتصاديا”. للإضراب تباعات اقتصادية بفعل عدم التداول المصرفي وعدم الإنتاج وعدم التبادل المادي والتسويقي. وهو حالة سياسية تقول للمؤسسة أنّه هناك قوى شعبية تعارض قراراتها فتلزمها بتغيير قواعد التعامل الظالم مع الجمهور المضرب.
إذا “الشعب العربي قرر الإضراب” هو قرار سياسي مصدره وجذوره في القواعد الشعبية في القرى والمدن العربية. أما “المهندسين” للاضراب فهم قيادة سياسية شعبية تعرف استعمال أدوات النضال بحكمة، فكانوا الرؤساء وعلى رأسهم القائد توفيق زياد وزملاؤه الرؤساء وآخرون… ولا أكذب أو “أزاود” أو “أزيف التاريخ” إن قلت “وأنا على علم بهذه الحقيقة” أنّ فكرة الإضراب وطرحها والسعي لتنفيذها وإنجاحها كأداة نضالية لتحقيق هدف منع مصادرة الارض العربية واستعادة قسم من الارض أي “تحريرها من المصادرة “. كان قرار بحث واتخذ اولا في مكاتب المكتب السياسي للحزب الشيوعي في احد شوارع تل ابيب ألضيقة ولاحقا في بيت الفنان الوطني عبد عابدي في حيفا ومكاتب الحزب، والذي وصل لقناعه تامه، بعد تحليل الظرف ودراسته ان معركة الارض والدفاع عن ما تبقى منها “بكون الأرض حيز الوجود وحيز التطور والحياة للجماهير الفلسطينية في اسرائيل “..وليس فقط كومه تراب وصخور “…قناعة ان الاضراب هو الاداة او “السلاح ” الأنجع لتحقيق الهدف..وان ما من اداة اخرى تفيد التصدي لقرارات الحكومه بموضوع الارض الحارق مثل الاضراب. وفعلا جاء القرار واستطاع الشيوعيون اقناع القيادات وتم “تبنيه”.
قدسية الأرض:
الأرض، كما كتبت أعلاه، هي حيز الوجود والحياة والتطور، بكلمات أخرى التنازل عن “الارض” يعني التنازل عن قيم الحياة والبقاء والتجذر والتطور… ولشعب مرّ ازمة النكبة واسقاطاتها السياسية والتاريخية والعسكرية والديموغرافية والاقتصادية والنفسية والمجتمعية، وحتى الأسرية، وشعب بقى في ارضه رغم هول الكارثة وبعد 30 عامًا منها، وتحدٍ جديد لجيل جديد. (من ولد عام النكبة 1948 صار عمره 28 عاما ” في اذار 1976)، فأمام هذا الجيل لم يبقى للدفاع عن ارضه إلا ادوات كبيره كالإضراب. فكان من الطبيعي أن ينسجم قرار اعلان الإضراب مع الحاجة لأداه نضالية قوية للدفاع عن قضية مقدسة مثل قضية الأرض. هذا الانسجام بين الفكرة والحاجة وتتويجه بقدرة تنظيمية افقية واسعة في القرى في اطار اللجان المحلية للدفاع عن الاراضي، وعمق الارتباط والتواصل بين الكوادر الحزبية للحزب والناس ، كلها مجتمعة ضمنت نجاح الاضراب، وتحويله ليوم كفاحي فلسطيني بل وعالمي.
نجاح المهمة بالإضراب:
إنّ الانتماء الفكري المتعدد للناس لم يمنعهم في اقامة الوحدة الكفاحية في موضوع الارض والدفاع عنها، فكانت لجان الدفاع عن الاراضي متشكلة من الشيوعيين وأصدقائهم ومن ممثلي حركات وهيئات وأحزب اخرى، وكان تنفيذ الإضراب وإنجاحه مهمة الجميع الذين أفاقوا في الصباح ليتحدثوا الى العمال والفلاحين والطلاب ليبقوا في بيوتهم. كما شهدت الفترة السابقة للإضراب نشاط تعبوي وحالة تجهيزية عليا، فكان الانتماء للحالة السياسية التمردية على المصادرات السلطوية سيد الموقف.
الانتماء للإضراب هو انتماء للأرض. وهو انتماء للوجود والبقاء والتطور، وهو انتماء لمعسكر التصدي لسياسات ظالمة وقاسية بحق الجماهير العربية. وإنّ نجاح يوم الارض هو نجاح للمنتمين لمصالح جماهيرهم ومصالح شعبهم، للمنتمين لإرادة الحياة والكرامة الوطنية..النجاح ليس نجاح للمهندسين “الشيوعيين وحلفائهم”، إنّه نجاح للشعب عامة.
من هنا أوصي بتعميق ثقافة الانتماء للأرض والجماهير، ثقافة الانتماء الوطني الكريم، ثقافة التصدي والتحالف لتحقيق الاهداف…هذه الثقافة التي يحتاجها شبابنا الآن ليستطيع مواصله ردع السلطة الغاشمة على المس بحقوقه اليومية والقومية.
نوستالغيا ودروس:
“يوم الأرض” ليس يومًا عاديًا، وليس يومًا للنزهات والراحة، إنّه يوم كفاحي بمضونه وتربوي بأهدافه الوطنية وحدوي بدروسه، والاهم أنه يوم له قدسيته الانسانية في رفع الارتباط بين الارض والإنسان والكرامة والوجود والبقاء الى قيم عليا يجب أن لا تغيب عن أي حركة او حزب او مؤسسة أو عائلة عربية في بلادنا، في وطننا، الذي لا وطن لنا سواه. هذه بعض من الدروس المهمة التي يجب أن لا تغيب عن بالنا، وعلينا نقلها للأجيال، كتبت عن جزء منها التزاما بالرسالة التي احملها في ضميري.
30 آذار- يوم الارض إنه يوم مقدس، نعم له في وجداني نوستالغيا وله في عقلي دروس. ولأني كنت مشاركا عام 1976 في صناعة يوم الأرض كطالب ثانوي، وعضو شبيبة شيوعية وعضو لجنه الطلاب الثانويين، واذكر تفاصيل المظاهرة والأحداث في ذلك اليوم المجيد. ولأني أريد الرخاء والكرامة لبلدي وشعبي، سأشارك في فعاليات يوم الارض بعد 40 عامًا على الاضراب الشهير استذكر الشهداء داعيا لهم بالرحمة، فاني أدعو الجميع للمشاركة في نشاطات الذكرى الـ40 ليوم الارض الخالد في قراهم ومدنهم أو في الفعاليات المركزية في الجليل والمثلث والنقب.
بقلم : د. زياد محاميد/ أم الفحم