إحفظ الله يحفظك
تاريخ النشر: 24/03/16 | 8:16يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ” احفظ الله يحفظك “. فما معنى احفظ الله ؟ وبم يحفظك الله ؟
حفظ الله يكون بحفظ أوامره ونواهيه , بحفظ وقتك مع الله , بحفظ قلبك ولسانك وسمعك وبصرك
حفظ القلب
يكون بحفظه من الشبهات والشهوات , من الشك والكبر , من الرياء والنفاق، من الحقد والحسد و الرسول الكريم يقول: ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) .
صلاح هذه المضغة بأن تمتلئ بلا إله إلا الله محمد رسول الله , صلاحها بتقوى الله ومخافته .
عليك بتقوى الله في كل حالة … ولا تترك التقوى اتكالاً على النسب
فقد رفع الإسلام سلمان فارس … وقد وضع الكفر الشريف أبا لهب
صلاحها بالذكر والدعاء فمن يدعوا الله يهدي قلبه ومن يذكره يهدي قلبه ومن يسجد له يهدي قلبه ووالله لايجعل الله من يذكره ويجلس في حِلق الذِكر ويتعاهد نفسه ويرغمها على الطاعة , كمن يُعرض ويجلس مجالس اللغو والزور والفاحشة ومع الغناء المآجن(أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون ) .
حفظ اللسان
اللسان أمره عجيب وخبره غريب وأغلب السيئات والذنوب والمعاصي منه فلا إله إلا الله كم هتك من عرض , ولا إله إلا الله كم أوقع في معصية يقول الرسول الكريم: ( يا معاذ ألا أخبرك بملاك الأمر كله ، قال بلى يانبي الله , فأخذ بلسانه وقال : كف عليك هذا . قال معاذ : يانبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به : قال : ثكلتك أمك يامعاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ) ويقول عليه السلام (من يضمن ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)
والعجيب يا أخواتي أن الإنسان يحرص على حفظ جوارحه ويشعر بمرارة الذنب الذي ارتكبه بتلك الجارحة إلا في اللسان فقلما يحترس المرء من خطره فكم انطلق اللسان في المعاصي وكم سجل الملكان من الكلام السيء القبيح كم ينطق اللسان في الغيبة والنميمة والسخرية والكذب والخداع واللغو والجدال .
كم من كلمة قالها صاحبها هوت به في نار جهنم سبعين خريفاً ، وكم من كلمة خير قالها صاحبها لايظن أن تبلغ مابلغت يكتب الله بها رضوانه أبداً .
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يبكي ، ويخرج لسانه ويقول ( هذا أوردني الموارد ) وابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن يُمسك بلسانه ويقول ” قل خيراً تغنم أو اسكت عن شر تسلم ” إذا كان لسان أبو بكر وابن عباس أوردهما الموارد فما بالكم بألسنتنا !!!
حفظ السمع
احفظي أختاه سمعك بتوجيهه لسماع كتاب الله تعالى , لسماع المحاضرات ،لسماع المواعظ , جنبيه سماع ماحرم الله من الغيبة والنميمة والمعازف والأغاني .
والحق سبحانه يقول: ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا )
نعم سَنُسَأل والله , ومن السائل ؟ وكيف سيكون الجواب ؟ وهل هناك مجال للإنكار ؟
فالملكان يشهدان (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)
والجوارح تشهد (يوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )، والجلود تشهد (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ) والأرض تشهد (يومئذ تحدث أخبارها ) قيل ما أخبارها ؟ قال رسول الله : أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها عملت كذا وكذا .
حفظ البصر
كم جنى البصر على القلب من ويلات , وكم جنى من المصائب , العين إن انطلقت للحرام فهي سهم من سهام ابليس كم نظرة جلبت الهموم والأحزان وكم من نظرة أسرت قلب صاحبها . والحق سبحانه العليم بعباده يقول: ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ). ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن )
لذلك يجب عليك أختاة ان تغضي بصرك عن الحرام ومن غض طرفه أبدله الله إيماناً يجد حلاوته في صدره .
ومن حِفظ الله أن تحافظي على ما أوجب الله عليك من الصلوات فالصلاة أول مايحاسب عليه المرء يوم القيامة فمن حفظ الصلاة حفظه الله ومن ضيعها ضيعه الله فحافظي على أدائها في أوقاتها بخشوع وطمأنينة يحفظك الله يوم تضيع الأفهام وتضل العقول.
فها هو رسول هذة الأمة وهو في سكرات الموت يوصي أمته بالصلاة . وعمر بن الخطاب وهو في سكرات الموت مطعون يقول : ( الله الله في الصلاة لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة من حفظ الصلاة حفظه الله ومن ضيع الصلاة ضيعه الله ) .
فحافظي عليها يحفظ الله لك دينك من الشبهات والشكوك ويحميك من الشرك والنفاق ويحفظك من الحيرة والتردد .
ثم يحفظك في دنياك من كل سوء وشر ويحفظ لك أهلك ويسهل أمورك وينصرك على أعدائك ويحفظ لك جوارحك
وولدك ويرزقك من حيث لاتحتسبي ويستجيب دعاءك ويسخر لك مخلوقاته وأخيراً يحفظك ساعة الاحتضار عند فراق الدنيا في تلك اللحظة الحرجة التي يحرص الشيطان فيها على منع الإنسان من النطق بالشهادة ، يسددك وقتها ويوفقك لقول كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله
وكم من شخص ضيع حدود الله وعند الموت عجز عن التلفظ بالشهادة فندم وتحسر
وأسِفَ على ماقدم ولات ساعة مندم فخسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين .
أخواني، ليس منا أحد إلا وقد وقع في الذنوب والمعاصي فالبدار البدار بالتوبة والإستغفار ، ارفعي يديك إلى علام الغيوب إلى التواب الرحيم أدعية في أوقات الإجابة في جوف الليل الآخر حين ينزل سبحانه إلى السماء الدنيا فيقول هل من سائل فأعطية هل من مستغفر فأغفر له . أدعيه في أدبار الصلوات واطلبي منه المغفرة والتوبة عما سلف وكان والتثبيت فيما سيأتي من العمر ، أدعية في آخر ساعة من يوم الجمعة فهي أقرب للإجابة , أدعية بين الأذان والإقامة وفي حال السجود فهي من مواضع الإجابة .
وإياك وتأجيل التوبة غداً سأتوب بعد غد سأتوب فالموت يأتي فجأة والقبر صندوق العمل وعندها تتمنين أن لو عدتي للدنيا لتتوبي. انظري ماذا قال فرعون عند مواجهه الموت (قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو اسرائيل )
فهل قبلت توبتة وهو يغرغر . كلا والله لم تقبل . بل قيل له كما قال الحق سبحانه ( آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين )
والله يقول (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ). فاحذري من تسويف التوبة , واعلمي أن الله غفور رحيم يغفر الذنب مهما عَظُم , أما قبل توبة قاتل المئة نفس , ألم يقبل توبة المشركين بإسلامهم وبدل سيئاتهم حسنات
, أما قبل توبة الزاني الذي أقيم عليه الحد وأخبر رسولنا أنه رآه ينغمس في أنهار الجنة (قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً )
اللهم ياأكرم الأكرمين ياأرحم الراحمين اقبل توبتنا , اغفر ذنوبنا , استر عيوبنا , ارحم ضعفنا , اجبر كسرنا , اللهم اغفر لنا خطايانا واسرافنا في أمرنا , اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وماأنت اعلم به منا , اللهم طهر قلوبنا من النفاق وأعيننا من الخيانة وألسنتنا من الكذب والغيبة والنميمة , وجنبنا الوقوع في الأعراض , اللهم اشغلنا بعيوب أنفسنا ولاتشغلنا بعيوب غيرنا , اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ، اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .