الفارابي
تاريخ النشر: 25/03/16 | 11:23عندما صار الفارابي يتكلم وحده
أورد ابن خَـلِّـكان (ت. 1282 م) في كتابه (وَفَـيَات الأعيان وأنباء أبناء الزمان) قصة الفارابي (ت. 950 م) عندما دخل إلى مجلس سيف الدولة، وكان فيه فضلاء العلماء، يتدارسون ويتباحثون في العلم والأدب.
القصة طريفة ومدهشة، ولكن ما استوقفني فيها ما يلي:
…
“ثم أخذ الفارابي يتكلم مع العلماء الحاضرين في المجلس في كل فن، فلم يزل كلامه يعلو، وكلامهم يسفل، حتى
صمت الكل، وبقي يتكلم وحده. ثم أخذوا يكتبون ما يقوله.”
…
(تحقيق إحسان عباس- مادة: الفارابي الفيلسوف- 3794)
يا سلاااام!
….
ما راق لي في هذا القول أن العالم العارف يتفوق وتعلو كلمته -إن آجلاً أو عاجلاً- ، فيحق الحق أوالصواب، ولا بد من ذلك، ويزهق الناقص أوالجاهل فيسفل.
..
تخيّل التدرّج إلى أن صمت الكل!
..
انتبهت كذلك إلى سلوك علمائنا في ذلك العصر، كيف يقتنعون بالحق، ولا يكابرون أو يناكفون، وكيف يصمتون عند تجلّي المعرفة وبيانها، بل يأخذون في النقل والاقتباس عن الضيف دون سابق معرفة، وهذا دليل الانقياد للعلم الدامغ، ودليل على تقييده في كتاباتهم طلبًا لفائدتهم وإفادة غيرهم.
…
ألا توافقني أن هذا النص القصير فيه العِبر لمن اعتبر!!
ب.فاروق مواسي