جنون العظمة،أعراضه،حالاته،وأنواعه
تاريخ النشر: 28/03/16 | 4:31تعريفٌ : جنونُ العظمةِ هُوَ مرضٌ عقليٌّ كما يَعتبرُهُ علماءُ النفس يعودُ في أسبابهِ لداخل الفرد ، أو هو جوابٌ لِحادثةٍ ما إذ يُرَى في هؤلاء المرضى غرور ورهافة حِسٍّ غير طبيعيَّة تؤثِّرُ في كيفيَّةِ التفكير والتعبير . وَيُرَى في التفكير ِ والتعبير ِ والفعاليَّة والرَّغبةِ فيهم هذيان شعوري مُزمِن ، ثابت ، شامل يُصِرُّ المريضُ على ترديدِهِ باستمرار ، نفس الموضوع بنفس الوتيرةِ مُقدِّمًا البراهين التي يحاولُ بها أن يُثبتَ هذيانَهُ … وهذا الهذيانُ غير معقول ولا يمتُّ للواقع بصلةٍ وَيُرَى هذا الهذيان في أغلب الأحيان بعد سنِّ الثلاين . وفي بعض ِحالاتِهِ قد يتشابهُ ” بالشينروفريني “… أي انفصام الشَّخصيَّة حتى َليَصْعُبُ التمييزُ بينهما، وهو بدون هلوسةٍ ولا يصلُ إلى حدِّ الخرفِ ، ولكن بعضَ حالاتِهِ ( paraphreni ) تقودُ إلى الخرف .
علائِمُهُم وَحالاتُهُمْ : مثلا ً – مريضٌ مُعَيَّن كانَ يدَّعي أنهُ يسوع المسيح عليهِ السَّلام ويُقدِّمُ كإثباتٍ أنهُ يطيرُ وأنهُ يدورُ في مكانهِ ولكن أتباعهُ فقط يمكنهم أن يروهُ وهو يصعدُ إلى السَّماء .
وهنالكَ آخرون ينحصرُ جنونُ العظمةِ فيهم في هذيان ٍ فكريٍّ يدَّعونَ أنهم مُصلِحونَ … يُقدِّمونَ حلولا ً في طاقةِ البشر تنقيذها … مثلا ً يدَّعي أحدُهُم أنهُ الوحيد الذي يستطيعُ حلَّ مشاكل بلدهِ الإقتصاديَّة … ويعيشُ هذيانهُ هذا ويُقدِّمُ الحلولَ للكثيرين ، يعرضُ أفكارَهُ الغريبة َ في كتبٍ يطبعها ويُرسِلها ويُوزِّعُها للمسؤولين وكبار الموظفين ولِرجال الحكومةِ وزعماء الدولة … وإن كان رجلا ً عسكريًّا يُحاولُ القيامَ بانقلابٍ عسكريٍّ لتنفيذ ِ خططهِ وأوهامِهِ … وهوَ في هذيانهِ قد يتطرَّقُ إلى كلِّ كبيرةٍ وصغيرةٍ ولا يغيبُ عن ذهنهِ كلُّ التفرُّعاتِ مهما صغرَت وينحصرُ همُّهُ كلُّهُ في هذيانهِ هذا . ( مثال على ذلك الرئيس الليبي الرَّاحل ” معمَّر القذ َّافي – فقد قام بإنقلاب عسكريٌّ وقد ساعدتهُ الظروف والأضاع السياسيَّة والإقتصاديَّة والإجتماعيَّة التي كانت سائِدة ً آنذاك – زمن حكم السنوسيِّين – بنجاح انقلابه هذا ) .
ونجدُ نحنُ في هؤلاءِ المرضى ظاهرة ً أخرى هيَ تلفيقُ الأحاديث الكاذبة – مثلا ً : يُرْوَى أنَّ امرأةً هنديَّة كانت تدَّعي الأصالة َ فتسردُ وتتبجَّحُ أنها إبنة ” مهراجا ” خُطفت من قصر والدِهَا وبيعَت إلى بلاد أخرى .. وتخترعُ أنَّ أثرَ جرح ٍ في يدها نتجَ عن عَضَّةِ أسدٍ كانت تداعبهُ عندما كانت في قصر والدها ( بينما هذا الجرح حصلَ بعد َ أن عضَّت نفسها ) . وهنالك ظاهرة ٌ أخرى موجودة ٌ فيهم أيضًا وهي ظاهرة ( الهجرة ) ، وذلك للتهرُّبِ من عدوٍّ يتوهَّمونهُ يُلاحقهم وَيسعى لإيذائِهم فيُبَدِّلونَ بإستمرار أماكنَ سكنهم أو مدنهم أو قراهم وحتى بلادهم … وأحيانا يتنكَّرون ويُغيِّرون طبيعة عملهم ، ولكنهم في كلِّ ما يلجؤون إليهِ فيُعاودونَ الكرَّة من جديد … ويُلاحَظ ُ في هؤلاء المَرضى الثرثرة وكثرة الحركة ، يتكلَّمونَ ، يكتبونَ ويعترضونَ إن أخذوهم إلى المُستشفى ويتشبَّثونَ بكلِّ وسيلةٍ للخروج ، ومستوى الذكاء في هؤلاء المرضى، في بعض الأحيان ، يكون عاليا جدا وليس دائما، وهم عادة ً لم يحصلوا على نجاح ٍ وإنجاز يتناسبُ مع ذكائِهم . وتظهرُ عليهم منذ ُ طفولتِهم بوادرُ المرض : إذ يُرَى ويُلمحُ فيهم العناد والقسوة والشِّدَّة َ… وعصيانٌ لوالِدهم ومُعلِّميهم… وحقدٌ وعدم إنسجام في اللعب مع أترابهم .. ومع تقدُّمِهم في السِّنِّ يتَّضحُ فيهم أكثر إعجابهم بأنفسهم ونرجسيَّتهم وعجرفتهم وتصلُّبهم بآرائِهم… وإن ام تتحقَّقْ رغباتهم ونزواتهم وإن هُضِمَ حقٌّ لهم في الحياةِ غمرَهُم سوء ُ الطالع ونسَبوا هذا إلى أنَّهم غُدِرُوا من قبل ِعدوٍّ أو حاسدٍ أو حاقدٍ . ويُعطونَ معنى لكلِّ حركةٍ أو بسمةٍ للغير (( مرحلة للتحليل والشَّك)) ويضنون لدرجة أنَّ كلَّ حديثٍ في الإذاعةِ أو مقال ٍ في الصُّحف أو أيَّ كلام عاديٍّ في أيَّةِ مناسبةٍ بين مجموعةٍ من الناس من بعيد هو يقصدُهم ويعنيهم وأنَّ هنالك شبكة ٌ من الأعداءِ تتعقّبهُم لتعذبهم (( مرحلة التَّظلُّم )) . وإذا أصابَهُم أيُّ عارض ٍ جسدي ( إسهال أو إمساك أو قيىء مثلا ) لسبب ما كما يُصيبُ كل إنسان توهَّموا وادَّعوا أنَّهم سُمِّمُوا من قبلِ جهةٍ ما أو أنَّ أحدًا ما عملَ لهم سحرًا … حتى أنَّهم بتفكيرهم المريض والشَّاذ قد يرسمونَ الحطط َ للإنتقام وقد يرتكبونَ جرائمَ عديدة ً بحقِّ أناس ٍ أبرياءٍ لا ذنب لهم … وحتى ضدَّ أقرب المُقرَّبين إليهم . ولا تنمو أفكارُ المُصابِ المريضةِ هذه في تفسير خاطىء لحوادث فحسب ، بل يريطها بحوادث وأشياء سابقة أيضا ويستنتجُ منها أحكاما كثيرة ً (هذيان الماضي ) ..ومع الزَّمن يمرُّ للمرحلةِ الثالثةِ وهي:( مرحلة الإعجاب والكبر والعظمة ) – ويدَّعي ” هؤلاء المُصابون بهذا المرض” أنَّ كلَّ ما يُعانونهُ إنَّما هو حسدٌ لهم لذكائهم الخارق الفذ ّ، أو لثروتهم ولجمالهم ولأصالتهم .. فيُخاطبونَ غيرهم بسخريةٍ وازدراءٍ ، ويُعلنونَ أنهم مُصلحون وَرُوَّادٌ بُعثوا وأرسلوا للإصلاح والتنوير ولإرشاد البشريَّةِ نحو الصلاح والتقدم والرّقيّ، والبعض منهم قد يُرشِّحُ نفسَهُ لمركز مرموق وحسَّاس ٍ ولوظيفةٍ عاليةٍ كالسُّلطةِ المحليَّةِ أو للبرلمان، ويُوسوسُ لهُ عقلهُ المريض ( للمرشَّح ) أنَّهُ سيفوزُ .
أشكالُ وحالاتُ جنون العظمةِ :
إنَّ حالات جنون العظمة بعضها حادّ والبعض مُزمن ، والحادُّ منها قابلٌ للشفاء خلال بضعةِ أشهر، أمَّا المزمن فيُشَخِّصُهُ ويُقسِّمُهُ خبراءُ وعلماءُ النفس إلى عدَّةِ أشكال وأنواع ، وهي :
1 ) التظلُّمِي :- يُسَيطرُ هنا على المريض أوهامُ التظلُّم والإجحاف بحقِّهِ من دون سببٍ ، يُردِّدُ أنَّ بيتهُ ملاحق وأنَّهُ مظلومٌ مهظوم الحق .
2 ) الغيرة :- المريضُ هنا مثلا يغارُ على زوجتهِ من الجميع … حتى من أقاربها فيُراقبُ حركاتها وتصرُّفاتها دائما، يوهمها أنَّهُ سيُغادرُ القرية َ أو المدينة َ ( بلده ) في عمل ٍ ضروري ثمَّ يبقى ليُراقبَ بيتهُ من مسافةٍ قريبةٍ .. يكثرُ الظنَّ بزوجتهِ من دون مُبَرِّر ٍ..حتى أنَّهُ قد يرتكبُ الجريمة . .
3 ) الإكتشافي : – يدَّعي المريضُ في هذهِ الحالةِ أنَّهُ صاحبُ ابتكار واختراع ٍ مُعَيَّن وأنَّهُ مُوحًى لهُ بفكرتِهِ وَمُخطَّطِهِ ( يأتيه الوحيُ والإيحاءُ ) وإذا أدخِلَ للمشتشفى فيدَّعي في المستشفى أنَّهُ إتَّخَذ َ لنفسهِ صفة َ مجنون … أي تظاهرَ هو بالجنون لأنَّ لديهِ اختراعًا يشفي المجانين وبذلك يؤَمِّنُ ويضمنُ دخولهُ بينهم دونَ شبهةٍ وريبةٍ . والعديدُ أيضًا ، من المُصابين بهذه الحالةِ ، يتصرَّفون بشكل ٍ مُضحكٍ وأحيانا خطير ٍعلى المجتمع فيدَّعونَ أنَّ بإمكانهم اختراعات وهميَّة خارقة ، مثل : صُنع قنبلة ذريَّة … صاروخ .. أو اكتشاف أبجديّة ولغة قديمة ضائعة لم يذكرها المُؤِرِّخون وعلماءُ الآثار ونسيتها البشريَّة ُ… أو وضع وتأسيس أبجديَّةٍ ولغةٍ جديدةٍ للناس أفضل من جميع اللغاتِ الموجودة على كرتنا الأرضيَّة …أو اكتشاف بحور وأوزان شعريَّة جديدة لم يعرفها عالمٌ نحويٌّ وشاعرٌ من قبل ، ومنهم من يُؤَلِّفُ الكتبَ ويكتبُ المقالات المضحكة في هذا الصَّددِ، وقد يُقنعُ بعضَ الأغبياءِ أحيانا بصحَّةِ توهُّماتِهِ وتهيُّآتِهِ فيُكتبُ عنهُ بعضُ المقالات والدراسات عن إختراعِهِ واكتشافهِ العظيم ، في البعض من وسائل الإعلام المخدوعة أو الصفراء التي ترغبُ وترحِّبُ بمثل هؤلاء الأشخاص الشَّاذين وغريبي الأطوار . وكما أنَّ من بين هذه النوعية المذكورة وهؤلاء الأشخاص الشاذين نرَى ونجد ُ المريضَ والمُعقَّد المزمن والخطير على المجتمع والناس والذي يُكيلُ الشتائمَ والمسبَّات والكلمات الجارحة والسوقيَّة للجميع ، وهنالك شخصٌ من هذه النوعيةِ يدَّعي المعرفة َوالإلمامَ في الأدبِ والنقدِ وفي إكتشاف بحور شعريَّةٍ جديدة كان ينتقدُ ويشتمُ الأدباءَ والشعراء وجهابذة الفكر والإبداع ويتهمُ معظمَ الكتابِ والشُّعراء والفنانين والعلماء بالقصور وعدم المعرفةِ . فيتهمُ مثلا بعضَ الشُّعراء والأدباء الكبار بسرقةِ الشعر وعدم المعرفةِ وأنهم يخربشون ويكونُ هو الذي يسرقُ الشِّعرَ ويُخبِّصُ .. وأحيانا يتهمُ فنانا ومُخرجًا سينمائيًّا عالميًّا نالَ الكثيرَ من الجوائز العالميَّة التي لا تحصَى بعدم المعرفةِ والفهم في مجال الإخراج والتمثيل … وإذا اطلعَ على بعض المقالاتِ الأدبيَّة والنقديَّة لكاتبٍ وأديب مُبدع ومحبوب فيُصاب بالهستيريا والجنون الخطير والكريزا لأنَّهُ ربَّما أخفقَ وفشلَ في كتابةِ النقد الأدبي وغيره فيكتبُ تعليقا أرعنَ في موقع للأنترنيت وباسم مستعار على هذه المقالات الإبداعية أو القصائد الرائعة كله شتائم دون ذكر اسمه أو باسم مستعار فكأنهُ بهذا قد يفشُّ غليله ويُبرِّرُ عن رواسبِهِ ونقصِهِ وعقدِه النفسيَّةِ .. وإذا حققنا وفحصنا في هويَّة هذا الشخص( أو من على شاكلتِهِ وأمثالهِ في هذا التصرُّف الجنوني والشَّاذ ) ومستوى ثقافتِهِ ودراستهِ فنجدُ انَّهُ لم يُكمل المرحلة الإبتذائيَّة … . بل لم يُنهِ الصف الأول الإبتذائي وبصعوبة يستطيعُ أن يفكَّ الحرفَ وقد يكون شكلهُ ومنظرهُ الخارجي قبيحٌ وبشعٌ ومُقرفٌ جدًّا فنشأت وتكوَّنت عندهٌ ظاهرة ٌ خطيرة ٌ عدوانيَّة ٌ لمهاجمةِ الغير بدون سبب أو مُبرِّر فيرمي عقدَهُ وجنونهُ وتخلُّفهُ وشذوذهُ ورواسبَهُ الدفينة َعلى الناس والمجتمع .
4 ) الأصالة ُ :- قد يتهوَّمُ المريضُ هنا في هذهِ الحالة أنهُ سليلُ ملكٍ أو عائلةٍ كبيرة …وهنالك قصص وروايات كثيرة عن أشخاص يُعانون من هذه الحالة … فمثلا ً : يُحكى عن شخص ٍ كان يروي بحماس ٍ كيف اختطِفَ عندما كانَ يلعبُ في الحديقةِ وأعطيَ لوالديهِ الحاليّين ليتبنّوهُ ، وأنَّ حقيقة َ نسبهِ العريق الكريم ستظهرُ عاجلا ً أم آجلا وسيعرفها الجميع .
5) الديني :- في هذه الحالة َيرى المريضُ نفسهُ عظيما خُلِقُ وَوُجِدَ لأجل ِ إنقاذ البشر وبُعِثَ لنشر الفضائل والقيم وأنَّهُ نبيٌّ أو أنّهُ السيِّد المسيح وَيُخاطبُ مَن حولهُ ليُقنعهم للإيمان بهِ . وأحدُ الأشخاص المُصابين بهذه الحالةِ تفاقمَ عنده المرضُ فكان يخرجُ عاريا من ملابسهِ للشارع كما وُلِدَ ويتمشَّى في الحاراتِ وبين البيوت ويتوهَّمُ أنّهُ السيّدُ المسيح فيهرعُ وراءَهُ أهلهُ وذووهُ وأقاربهُ ويجرُّونهُ بالقوَّةِ إلى البيت .
6 ) العاطفي : – يتصوّرُ المريضُ ، في مثل هذه الحالةِ أنَّ امرأة ً تفوقهُ إجتماعيًّا واقتصاديًّا تعشقُهُ ، ويفسِّرُ هذا إذا لاطفتهُ بكلمةٍ أو ببسمةٍ بريئةٍ على سبيل المجاملةِ فيكتبُ الرسائل ويبعثُ المراسيل إليها … وحتى إذا ردَّت إليهِ رسائلهُ وأوصدوا الأبوابَ دونهُ أو رَمَاهُ ذووها أو العاملونَ والموظفون للشارع أو إشتكوا عليه للشرطةِ وأخذوهُ للمستشفى فإيمانهُ بحُبّها لهُ يبقى ولن يتغيِّر .
7 ) المقاضاة : – يبدأ المرضُ هنا لدى خسارةِ المريض لدعوى ما وقد يرصدُ ويكرِّسُ حياتهُ في ملاحقةِ هذه الدَّعوى ( القضيَّة ) ليكسبَها ويُقاضي الكثيرين سواءً كان أو لم يكن لهم علاقة ٌ بالموضوع – حتى ليقاضي القاضي الذي حكمَ في قضيَّتِهِ .
8 ) الوَسْوَاس : – فمثلا يتوهَّمُ المريضُ أنَّ الأطبَّاءَ أخطؤُوا في علاجهِ أو في إجراءِ عمليَّةٍ لهُ ويشتمهُم ويُهدِّدُهُم وقد يُحاولُ قتلهم بشتَّى الطرق ِ إن لم يحسنوا التصرُّفَ بلباقةٍ معهُ .
9 ) الإنتحالي : حيث يسرقُ المريض أشياء وأمورا ليست لهُ وينتحلها وينسبها لنفسه ويدَّعي أنه وهو الذي ابتكرها وصنعها وبعد فترة زمنيَّة قصيرة يصدق نفسه وافتراءاته وأنه هو الذي وضع وابتكر هذا العمل والإنجاز ….وهذه الظاهرة موجودة في مجالات عديدة ، مثلا :في المجالات المهنيَّة والثقافيَّة والأدبيَّة وغيرها..ونلمسها بكثرة ، في الفترة الأخيرة ، في المجالات الأدبيَّة . وأنا بدورها أعرف أشخاصا عن كثب فيهم هذا المرض وهذه العقد والرواسب الدفينة.. فمثلا هنالك شخص مهووس وموسوس والكل يعرفه أنه مضطرب نفسيًّا وعنده خلل عقلي وهو كل شهرين أو ثلاثة أشهر يصدر ديوان شعر جديد والقصائد التي ينشرها باسمه في وسائل الإعلام وفي هذه الدواوين معظم أبياتها مأخوذة ومسروقة حرفيًّا عن قصائد لشعراء آخرين مع تغيير وتعديل بسط . والمضحك أنَّ هذا الشخص الغريب الأطوار بعد فترة قصيرة أصبح يصدق نفسه أنه شاعر كبير وعالمي وفي مستوى شكسبير وبابلو نيرودا وهو وريث لنزار قباني ومحمود درويش .
وهنالك أيضا امرأة مهووسة وشبه أميَّة لم تكمل دراستها للمرحلة الإبتذائيَّة ولا تعرف قواعد اللغة ونحوها وصرفها ولا تعرف المبتدأ من الخبر وحرف الجر من النصب وترفع الفاعل وتنصب المفعول به وترفع الإسم المجرور وتنصب المبتدأ والخبر ولدرجة أنها لا تعرف كتابة الإملاء وتقوم بنسخ ونقل قصائد لشعراء آخرين من عدة كتب ودواوين حرفيا فتنسخها خطأ ويكون هنالك الكثير من الأخطاء الإملائيَّة . فمن كل قصيدة تأخذ مثلا جملتين أو ثلاثة وترتب هذه الجمل والأبيات المنقولة وتدرجها في قصيدة واحدة مع تغيير بسيط في بعض الكلمات ولا يكون أي تنسيق وانسجام وتسلسل في المعاني بين الجملة أو البيت الشعري والبيت والجملة التي تليها. وكانت تتصل بي تليفونيًّا لأصححَ لها الأخطاء اللغويَّة والإملائية من القصائد التي تنسخها وتأخذها عن غيرها وتنسبها لها وكنت أتفاجأ أنها لا تعرف أيضا كتابة الإملاء عدا كونها لا تعرف قواعد اللغة العربية اللغويَّة إطلاقا فابن صف أول أو ثاني ابتذائي يعرف اللغة العربية وقواعدها اكثر منها ..وكنت في البداية اصحح لها الأخطاء من باب حب المساعدة وهي لم تقل لي كلمة شكر إطلاقا.. ولم تقل أبدا أمام أحد أنني أساعدها وأصحح لها أخطاءها الكتابية المأخوذة والمسروقة عن غيرها ..وكنت أواجهُ بعض الإنتقادات من الإصدقاء في صدد هذا الموضوع وأنه يجب علي ألا أصحح لها شيئا لأنها ليست شاعرة إطلاقا بل مجرد سارقة وامرأة مهووسة ومضطربة وأنانيَّة ولا تستحق أية مساعدة وفي تصحيحي لأخطائها الإملائية الشنيعة واللغويَّة فكأنني أشاركها في التزييف واقتباس وسرقة القصائد وانتحالها ..وبالفعل أنا توقفت عن مساعدتها في التصليح لإدراكي واقتناعي جيدا أنها ليست شاعرة ولن تصبح في يوم ما شاعرة وكاتبة وبعيدة مليون سنة ضوئية عن الأدب.. ولكن المضحك أن هذه المرأة أصبحت تصدق نفسها أنها شاعرة كبيرة ومبدعة وتضاهي كتاباتها الشعريَّة مستوى الشاعرات الكبار في العالم العربي مثل : نازك الملائكة وفدوى طوقان وغيرهما ..
الخاتمة ُ : كثيرٌ من حالاتِ مرض جنون العظمةِ وانفصام الشَّخصيَّةِ لم يكن لها علاجٌ ناجعٌ سابقا . ولكن في الآونةِ الاخيرةِ تطوِّرَ العلمُ والطبُّ كثيرًا وحققا تقدما وقفزات نوعيَّة رائعة وبدأ العلماءُ والاطباءُ المُختصُّون يستعملونَ وسائلَ طبيَّة مُتطوِّرة وعلاجات نفسيَّة حديثة ، مثل : التداوي بالصدمة الكهربائيَّة والتحليل النفسي . وقد وفقوا إلى حدٍّ كبيرٍ جدًّا في تحسين حالةِ المرضَى وشفاء الكثيرين منهم شفاءً تامًّا .
بقلم : حاتم جوعيه / المغار – الجليل