سحر خليفة.. امرأة بين الأرض والسماء
تاريخ النشر: 21/09/13 | 21:00منذ روايتها الأولى "لم نعد جواري لكم" وحتى إصدارها الجديد "أرض وسماء"، تغير الكثير في فتاة اسمها سحر خليفة، خرجت من حي شعبي بمدينة نابلس القديمة لتطلب نجدة وبطانيات للاجئين المرضى والمصابين في نكسة 1967، وكرّست حياتها للكتابة عن النساء، وصولا لبحثها عن أسباب الهزيمة العربية في دراستها لتجارب مناضلين فلسطينيين وعرب.
استضاف متحف محمود درويش الروائية الفلسطينية سحر خليفة في ندوة برام الله بعد حصولها على جائزة محمد زفزاف للرواية العربية في مهرجان أصيلة بالمغرب، لتلتقي بجمهورها وتعرفه على نقطة التحول في حياتها ومعنى الكتابة النسوية في واقع فلسطيني عربي تواجه النساء فيه تحديات اجتماعية وسياسية مزدوجة.
وسحر خليفة، كما تعرفها الموسوعة واحدة من أهم الروائيات الفلسطينيات. ولدت في نابلس عام 1941، وتزوجت في سن مبكرة زواجا تقليديا، وبعد مرور 13 عاما قررت التحرر من هذا الزواج وتكريس حياتها للدراسة والكتابة في مواجهة الإحباط.
حصلت خليفة على شهادة الدكتوراه من جامعة أيوا في دراسات المرأة والأدب الأميركي، ولها حتى الآن 11 رواية أشهرها "الصبّار" التي صدرت نهاية السبعينيات، و آخرها "أرض وسماء" التي ستصدر بداية سبتمبر/أيلول في بيروت. وحصدت العديد من الجوائز العربية والعالمية.
نقطة تحول
تقول خليفة إن حادثة واحدة غيّرت حياتها إلى الحد الذي جعلها تتخلى عن حياة زوجية تقليدية وتعتزم الانكباب على المعرفة والدراسة والكتابة. كانت تلك هزيمة يونيو/حزيران 1967.
كانت خليفة، كما وصفت، امرأة ناعمة مستورة، استفاقت على الاحتلال فوق رأسها وأمامها وداخل بيتها، واختبأت مع عائلتها في أقبية الدور خوفا من الطائرات والمدافع والدبابات، ولما خرجت كان اللاجئون الذين هجرهم الاحتلال من قراهم يملؤون المدينة.
ومن جارتها الأكثر جرأة، ستقتنع خليفة بقطع طرق المدينة المهجورة المحتلة وصولا إلى رئيس البلدية من أجل إخباره بجوع الناس ومرضهم، ليفتح مخازن الحبوب لإغاثتهم من الموت جوعا.
لكل امرأة قصة
وفي حوارية أجرتها أستاذة الأدب بجامعة البتراء الأردنية رزان إبراهيم، تجيب خليفة عن الذات الفردية للمرأة في الكتابة النسوية أمام الذات الجمعية للمجتمع كاملا.
تقول خليفة إن المرأة لا يمكنها تجاوز فرديتها كما لو كانت عاملا من العمال أو عضوا ذكوريا في تنظيم ما، لأن لكل امرأة قصة مختلفة، وهي منذ الطفولة واجهت تحدي إلغاء ذاتها وفُرض عليها الصمت، لذا تظل بحاجة للحديث عن شيء ما دائما.
وتشير خليفة إلى أنها لم تتوقع الحصول على مساحة واسعة من القراءة في العالم العربي ومن ثم ترجمة أعمالها للعديد من اللغات الأجنبية، وتقر أيضا أن الحديث عن ذاتها كامرأة فلسطينية تحت الاحتلال ساعدها كثيرا في الانتشار عالميا.
واستمرت روايات سحر خليفة عن المرأة، وتجلت مرة أخرى في روايتها "باب الساحة" التي صدرت عام 1990 وتناولت دور المرأة الفلسطينية في الانتفاضة الأولى، وقد سبقت ذلك برواية "مذكرات امرأة غير واقعية" ومن ثم رواية "الميراث" و"ربيع حار" وغيرها.
لماذا هُزمنا؟
لكن في انعطافة مهمة، بدأت بتناول إشكالية أكبر من المرأة والرجل وهي أسباب الهزيمة في المجتمع العربي، من خلال تقديم تجارب مناضلين فلسطينيين وعرب ابتداء من تجربة الشيخ عز الدين القسام ومرورا بتجربة عبد القادر الحسيني ووصولا إلى تجربة المناضل القومي أنطون سعادة في مؤلفها الجديد "أرض وسماء".
وعن روايتها الجديدة، تقول خليفة إنها اختارت شخصية أنطون سعادة الإشكالية لأنها مناسبة جدا لهذه المرحلة، وهو أول من ناضل ضد الطائفية، وإليه ترد مقولة "اقتتالنا على السماء يفقدنا الأرض"، ولذلك ستخرج روايتها الأخيرة بعنوان قريب من هذه المقولة "أرض وسماء".
الكتابة من ذات نسوية
تعتقد الأكاديمية رزان إبراهيم أن لسحر خليفة تجربة كتابة نسوية مختلفة، فهي لم تلتزم بالكتابة عن نساء من طبقة معينة كما حصل في فترة ما، لكنها ارتبطت بقضية نضال نسوي ضد نظرة المجتمع وضد الاحتلال معا.
وتقول إن سحر خليفة لامست الانكسار الفلسطيني وكتبت عن أمة مقهورة تبحث عن خلاصها وكانت حريصة على نقد الذات لا جلدها، بل المحافظة عليها ودفعها للنمو والتجدد كما في "باب الساحة" وفي "ربيع حار" وغيرها.