وقتي ثمين
تاريخ النشر: 03/04/16 | 0:00
الوقت هو الحياة وهو الذي تعيشه في هذه الدنيا وهو اغلى ما لديك ولايقدر بثمن…والعمر الذي تعيشه هو مزرعتك التي تجني ثمارها في الدار الآخرة…فإن زرعته بخير وعمل صالح جنيت السعادة والفلاح…وكنت مع الذين ينادى عليهم في الآخرة:(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ )
وإن ضيعته في الغفلات وزرعته بالمعاصي ندمت على ما قدمت يداك…وتمنيت الرجوع إلى الدنيا لتعمل ولو حسنة واحدة ..
قال تعالى(أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ)
وليبين الله لنا اهمية الوقت اقسم الله عز وجل فيه…في كثير من مواطن القرآن واياته…ولاشك انه يدل على قيمة مااقسم الله فيه…
قال سبحانه… (والفجر)
وقال سبحانه : ( والليل إذا يغشى )
وقال سبحانه ( والضحى )
وقوله تعالى : ( والعصر )
روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال:(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:( اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)
فإذا اجتمعت الصحة وقوة الجسد وعدم الانشغال بمرض وأجتمع معها الفراغ الذي يمكن أن يستثمره الإنسان بلا شك أن تضييع المرء لذلك هو غاية الخسران.
قال: (اغتنم خمسا قبل خمس فراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك وصحتك قبل مرضك وشبابك قبل هرمك)
وجعل عليه الصلاة والسلام يؤكد على هذه المسائل لأجل أن يبين ان هذه النعم إذا لم يستثمرها الإنسان استثمارا صادقا فإنه ربما وجد الخسران يوم القيامة
ولـ اهمية الوقت كان السلف يضنون بأوقاتهم ويبخلون بها ويستغلونها في كل خير قال الحسن البصري – رحمه الله – : أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشدّ منكم على دراهمكم ودنانيركم ! وكان يقول : ابن آدم إنك بين مطيّـتين يُوضِعانك : الليل إلى النهار ، والنهار إلى الليل حتى يُسلمانك إلى الآخرة ، فمن أعظم منك يا ابن آدم خطراً .
وهذا عامر بن عبد قيس – أحد التابعين – يقول له رجل : كلّمني . فيقول له : أمسك الشمس ! وما ذلك إلا ليشعره بقيمة الوقت .
قال عبدُ الرحمن بن مهدي : لو قيل لحماد بن سلمة : إنك تموتُ غداً..ما قَدَر أن يزيد في العمل شيئا .
وقال عفان بن مسلم : قد رأيت من هو أعبد من حماد بن سلمة ولكن ما رأيت أشدّ مواظبة على الخير وقراءة القرآن والعمل لله من حماد بن سلمة .
وقال موسى بن إسماعيل : لو قلت لكم إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكا قط صدقتكم
كان مشغولا بنفسه ؛ إما أن يُحدِّث ، وإما أن يقرأ ، وإما أن يسبح ، وإما أن يصلي .كان قد قسم النهار على هذه الأعمال . ولذا مات حماد بن سلمة في المسجد وهو يصلي.
وكذلك كان ابن الجوزي – رحمه الله – يصنع .قال رحمه الله : الزمان أشرف شيء ، والواجب انتهابه بفعل الخير … فصرت أُدافع اللقاء جهدي – يعني لقاء البطالين –
ثم أعددت أعمالاً لا تمنع المحادثة لأوقات لقائهم ، لئلا يمضي الزمان فارغاً فجعلت من الاستعداد للقائهم قطعَ الكاغد وبَريَ الأقلام وحزم الدفاتر !
فإن هذه الأشياء لا بُـدّ منها ، ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب فأرصدتها لأوقات زيارتهم ، لئلا يضيع شيء من وقتي !
وأوصى ابن الجوزي ابنه فقال : واعلم يا بني أن الأيام تبسط ساعات والساعات تبسط أنفاساً ، وكل نَفَسٍ خِزانة فاحذر أن يذهب نَفَسٌ بغير شيء ، فتَرى في القيامةِ خزانةً فارغة فتندم .
قال الإمام الذهبي عنه : ما علمت أحداً صنّف ما صنف ابن الجوزي.
عرفو قيمته فا اهتمو فيه…لانه أثمن ما يملكه البشر .
قال ابن هبيرة رحمه الله : والوقتُ أنفسُ ما عُنيتَ بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيعُ
قال ابن مسعود رضي الله عنه : ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يَزِد فيه عملي .
فيا لحسرة ضياع الأوقات وفوات الباقيات الصالحات فالكافر أو المُفرِّط يتمنّى يوم القيامة أن لو استغل ساعات عمره فعمل لآخرته ( يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي )