نادي حيفا الثقافي يشهر ديوان “وجع الماء”
تاريخ النشر: 30/03/16 | 18:03غصت قاعة كنيسة مار يوحنا المعمدان الأرثوذكسية يوم الخميس الماضي 24.03.16 ، بجمهور غفير ، تلبيةً لدعوة نادي حيفا الثقافي برعاية المجلس الملّي الأرثوذكسي الوطني في حيفا ، لأمسية ثقافية لإشهار وتوقيع الديوان الثاني للشاعرة فردوس حبيب الله “وجع الماء” .
بدايةً، اعتلى المنصّة رئيس النادي الثقافي المحامي فؤاد مفيد نقارة ليعلن افتتاح الأمسية مرحبا بالجمهور ومعبرا عن شكره للمواظبين على حضور الأمسيات الثقافية وداعيا الشعراء والأدباء أصدقاء النادي الذين قد احتفى النادي بهم أن يواظبوا على مواكبة الأمسيات هذه ليشجعوا زملاءهم المحتفى بهم صارخًا : “يا معشر الأدباء – أحبّوا بعضكم بعضًا” , تحدّث عن نشاطات وفعاليات النادي; وتطرّق ل”موضة الثقافة الموسميّة” حيث سُئل ماذا انتم فاعلين في شهر “آذار الثقافة” فبعض المؤسسات الاخرى التي تحصل على ميزانيات ودعم مالي تقيم امسيات في هذا الشهر وتنصّب نفسها انها سفيرة الثقافة الفلسطينية وما الى ذلك من مسميات، فأجاب اننا في نادي حيفا الثقافي كل السنة عندنا “آذار الثقافة” والثقافة ليست موسميّة وممكن ان نسمي كل السنة “سنة الثقافة” بدون ان نزاود على احد او ندعي اننا سفراء وما الى ذلك من ألقاب بل بإقامة الامسيات فعليا على مدار السنة عدى ايام الاعياد وفي شهر رمضان الكريم حيث نمتنع عن اقامة الامسيات احتراما للمشاعر الدينية; وأضاف بأننا نشجع اقامة الامسيات بل دعينا الى اقامتها في كل مؤسسات البلدات العربية لكي يكون هناك حراكًا ثقافيًّا حقيقي ومتواصل في المجتمع ككل بل نحاول المشاركة في بعض الامسيات بعكس بعض المؤسسات التي تدعي خدمة الثقافة والمبدعين وتقاطع امسيات نادي حيفا الثقافي لأسباب ليست خافية علينا وكذلك تطرق إلى ادعاء البعض “دعم الادب المحلي والثقافة الفلسطينية” متسلقا على نشاطات النادي وبشكل انتقائي مع تجاهله التام لنشاطات النادي وفعالياته منذ اربع سنوات عدا بعض التقارير والتي لا تتجاوز 10% من الامسيات مع العلم ان النادي اقام ما يقارب 200 نشاط وأضاف أن النادي يرحب بجميع المشاركين داعيًا الى دعم الثقافة الوطنية الملتزمة والمتنورة ودعم المبدعين على كافة الاصعدة وليس ادعاءات موسمية وانتقائية مادّين يد التعاون مع الجميع بدون استثناء لما فيه خدمة الثقافة الوطنية الفلسطينية بدون اي دعم خارجي او اية منفعة مادية .
ثم قدم شكره لعضو النادي الكاتبة الواعدة خلود فوراني سرية على دأبها نشر خبر الأمسيات الثقافية في جريدة المدينة كما وقدم التعازي الى الشاعرة آمال عواد رضوان وآل رضوان الكرام بوفاة عميد العائلة الاب الايكونوموس سبيريدون عواد – له الرحمة ولذويه الصبر والسلوان.
ومن ثم دعا عضو النادي الكاتبة خلود فوراني سرية لإدارة الأمسية وتولّي عرافتها.
بدايةً، استهلت العريفة خلود كلمتها بالترحيب والتأهيل بالحضور واستعرضت بمهارة مُمَيزة وبلباقة كاتبة، سيرة موجزة عن المحتفى بها وعن ديوانها.
ثم دعت الفنان الياس عطاالله ليتحف الجمهور بمقطوعة موسيقيّة لاقت الاستحسان وافتتحت بعدها فقرة كلمات التكريم للمشاركين .
بداية اعتذرت عن عدم مشاركة الشاعر والمربي د. محمد حبيب الله لأسباب قاهرة فكانت المشاركة الأولى للشاعر نزيه حسون – كاتب مقدّمة الديوان –
تلاه الأديب د. محمد هيبي متطرقا إلى أسلوب الشاعرة وتطوّره مقارنة بديوانها الأول “همسات من جبل سيخ” .
تلاه قصيدة مغنّاة للشاعرة من تلحين الفنان الكبير كارم مطر -الذي تعذّر حضوره- وغناء الفنانة النصراويّة أدلين صايغ عيسى .
بعدها اعتذرت العريفة عن عدم مشاركة الشاعر عز الدين السعد لأسباب اضطرارية وكانت الكلمة للمشارك دكتور صالح عبود فاختار أن يكرم عليها بأبيات شعر نظمها خصيصا للمحتفى بها واختتمها بمداخلة قيّمة .
يشار إلى تعذّر حضور الفنانة التشكيليّة حنان ملكاوي حبيب الله – صاحبة لوحة الغلاف للديوان – مما أدى إلى إبطال معرض لوحات لها كان مقرّرًا مرافقة للأمسية .
ولتكتمل الدائرة كانت الكلمة للمحامي عضو النادي الناشط حسن عبادي الذي قدّم بدوره مداخلة نقديّة ثاقبة تطرّق من خلالها لمقدمّة الديوان وتشويه اسم جبل سيخ ، وكذلك تطرّق لشعر الحداثة ودوره ومن ثم إلى أدب المقاومة والشعر المباشر وأضاف أن قصيدة النثر لا يجب الدفاع عنها وانما الانتساب لها، مشيرًا ألى دور الشاعر أنسي الحاج ، أدونيس، سركون بولص ، شوقي أبو شقرا ويوسف الخال – صاحب مجلة شعر – ونحن مدينون لهم بالحداثة modernity ولولا هؤلاء الشعراء والذين اتبعوهم ، أمثال شاعرنا هاشم ذياب، لما عَرَفت الشعريّةُ العربيّةُ منجزًا وبقيت متخلّفةً عن روح العصر، بعيدةً عن روح العلم، إعادة النظر في الموروث الفكري، القيم الانسانية الحديثة والابداع المستمر وعليه تحولت اهتماماتُه إلى أن يكون معنيًّا بالإنسان وبالتجربة الإنسانية، معنيًّا بحضوره في زمانه، رافضًا كل خضوع للماضي وتقاليده ومتحرّرًا من كل سلطة موروثة أو شكل مسبق وهكذا ، الشاعر الحديث، هو الإنساني، المعاصر، الرافض والمتحرّر، ونصح فردوس قائلًا : تلحلحي وفكّي القيود وانطلقي !
وأضاف : قبل ثلاثة أسابيع شربت قهوة الجمعة مع إم الياس – بائعة خضار في وادي النسناس – وإذ بمسن ثمانينيّ يسألها عن ضُمّة حوّيرة فأجابه ابنها ايوب قائلًا : إنس يا عمّي من الحوّيرة والخبّيزة والعكّوب وقريباتهن، لأن صبيحات البدويّة مش مسترجية تنزل تنقّب بعد ما دفّعوها الغرامة ، وصبيحات ذكّرتني بديوان فردوس الأول “همسات من جبل سيخ” وفي تلك الليلة قرأت الديوان للمرّة الثانية وتطرّق للأدب الملتزم الذي شاع بعد النكبة وبرز شعرائُنا الكبار أمثال راشد حسين ،عبد الرحيم محمود ، حنا أبو حنا، توفيق زياد، محمود درويش، سميح القاسم وغيرهم ، ولكن تبين لاحقًا أن هذا المفهوم تم تجريده من جمالية الكتابة لصالح الجانب التحريضي والشعاراتية وخطابة المنابر، مما أدى إلى تنحي جماليات الكتابة الفنية وتمت صناعة صورة نمطية مُقَوْلَبة كان الخروج عليها يعد ضربًا من التابو الأدبي أو الثقافي والنضالي ، ربّما تعويضًا عن الشعور بالهزيمة والاحباط والخيبات المتلاحقة وصار النضالُ، على أشكالِه، والمقاومةُ تربة خصبة لزراعة أمنياتنا وطموحاتنا وأحلامنا التي عجزنا عن تحقيقها موضوعيًّا.
أنتجنا أدبا شعاراتيا نمطيا متشابها، تتغير فيه الأسماء، وتبقى الثوابت الأساسية من دون مس، وكانت المشكلة هنا، هي أن موضوعًا كالقضية الفلسطينية، لم نستطع أن نبلوره ونشكله كخزان ضخم لكتابةٍ جماليةٍ عاليةٍ، الأمر الذي أساء إلى القضية نفسِها قبل أن يسيء إلى الأدب، لاحقًا. وعندما قرأنا أدب أميركا اللاتينية، وبعض الآداب الأوروبية المقاومة، اكتشفنا كم كنا بعيدين عن صون قضيتنا في الكتابة، واكتشفنا كم ساهمنا في إضعافِها، لأن تلك الآداب الأخرى قدمت أبطالها وقضاياها كما ينبغي لها أن تكون، لا كما تحب لها أن تكون، وأشار إلى أن فردوس , كغيرها, وقعت في فخ النمطيّة فبدل أن تكتب عن حرماننا من الحويرّة والخبّيزة والزعتر – غرّدت داخل السرب لتكتب الشعر المباشر عن مصادرة الأراضي، وبدل أن تكتب عن يتمنا – أبرقت الى إخوانها الحكّام العرب (رسالة جارحة إلى حكامنا “الأشراف”: ص 35) وكذلك (الى الشاعر المغترب – طارق عون الله ص 73 ; صاحب ديوان “أغنية إلى المقاومة” على ما أظن) ورسالتها (إلى والدة معاذ الكساسبة ص 51) وغيرها وأنهى صارخًا بإذنها : آن الأوان يا فردوس لتتحرّري من تلك القيود ،لتتحدّثي (من الحداثة)، لتتحدّي كونك الضحيّة لأنك امرأة ، لتُضَمِّدي جرحَك النازف وتشفين من وجعك/وجع مائك (وجع الماء ص 105) وتنطلقي بمشاعرِك المتدفقّة وشاعريتك المرهفة إلى قمم أعلى وآفاق أبعد.
وأخيرا كانت الكلمة للشاعرة فردوس فشكرت النادي ورئيسه فؤاد نقاره والقائمين على النادي لعملهم الدؤوب لإنجاح هذا المشروع الثقافي الراقي وألقت قصيدة من ديوانها بمرافقة الفنان الياس عطاالله وتلتها بقصيدة وجع الماء.
وتم التقاط الصور لتبقى بعد أن ينتهي الحدث.
على أن تجمعنا أمسيات ثقافية أخرى ولقاؤنا الخميس القادم 07.04.2016 مع أمسية حول القصة القصيرة جدا واشهار كتاب “مرآة وصور” للكاتبة أنصار توفيق وتد.
خلود فوراني سرية