في مكتبتي
تاريخ النشر: 31/03/16 | 20:58أدخل مكتبتي، فيقع نظري على مئات من الكتب لمّا أقرأْها،
ومئات تناديني لأن أعود لقراءتها، حتى يتمّ لقاء صديقين قديمين،
مئات تشدني لأتصفحها ولزيارتها،
مئات تدهشني بإبداع كتّابها، فأتساءل: متى ألتقيهم في حروفهم؟
تمتعني، تغريني، تحاورني، تناظرني.
لا بدعَ في ذلك، فإذا كان للبيت روح فهي روحه، وهي “خير جليس”.
أشعر بالضيق أمامها بقدر ما أشعر بالمتعة، وأشعر بالضعف حيالها بقدر ما أشعر بالاعتزاز،
أزهو بها لأنني أحتفظ بها، وهي في متناول يدي، وصدق أبو تمام (ت. 845 م)، وهو يصف مشاعري إزاءها:
لنا جلساء ما نمل حديثهم *** ألبّاء مأمونون غيبًا ومشهدا
يفيدوننا من علمهم علم ما مضى *** ورأيًا وتأديبًا ومجدًا وسؤددا
فإن قلتَ “أموات” فلم تعْـدُ أمرَهم *** وإن قلت “أحياء” فلستَ مفنَّدا
أقرأ يوميا وأكتب ما لا يقل عن خمس ساعات، وأشعر أنني لا أفي بالمطلوب أو المرغوب، أشعر بالقصور، ولا أقوم إلا بالقليل الأقل.
في هذا السياق تذكرت الكاتب الفرنسي بلزاك ( ت. 1850 م) الذي قال:
“كلما قرأت كتابًا فتحت نافذة على جهلي”.
أرى وأسمع أصواتًا في مكتبتي تناديني وتدعوني إلى أن أطعم من الشجرة، هذه التي وصفها الجاحظ (ت. 868 م) بشجرة العلم “الأطول عمرًا، والأطيب ثمرًا، والأقرب مجتنى”.
أقول داعيًا:
يا رب!
هيئ لي مع الكتاب الذي بين يدي العافية أولاً، والاهتمام المجْدي ثانيًا،
هيئ لي معه الوقت وفائدة الآخرين، وذلك حتى يكون معنى لقراءتي وكتابتي.
كتبت على مدخل منزلي:
“وقل رب زدني علمًا”!
وأضيف اليوم: “أنعمت فزد!”
ب.فاروق مواسي