اللقاء السري بين عرفات وغونين عام 1973 في برلين
تاريخ النشر: 06/04/16 | 9:25في العام 1973 كنا في مؤتمر شبابي في برلين وجاء إليّ صديقي الشاعر محمود درويش وقال أن ياسر عرفات يرغب بلقاء شيوعي يهودي، فذهبنا أنا وتوفيق زياد وجورج طوبي لمقابلته. كان الألمان قلقين من هذه الزيارة إلى درجة أن طريق الذهاب استغرقت ثلاث ساعات من السفر في الجبال والمناطق الوعرة وأما طريق العودة فكانت في عشر دقائق. كان عرفات مع قادة المنظمة في انتظارنا، ومعه كالعادة سلاحه، رحّب بي ببشاشة وقال لي “سفيركم سيترجم” قاصدًا درويش. تحدّثت عن ضرورة الحل السياسي وهو لم يقل إلا جملة واحدة: ما أخذ بالقوة لا يرد إلا بالقوة. وانتهى اللقاء. وعندما عدنا للقائه بعد عشرين عامًا في وفد جبهوي في تونس عام 1993، ففاجأني بأنه يذكر اللقاء الأول وحدّث الحضور به وقال أن حديثي عن الحل السياسي كان له أثر الماء في الصخر”.
هذا ما رواه النقابي الشيوعي العريق بنيامين غونين، خلال أمسية خاصّة عُقدت مساء الأحد (3 نيسان 2016) في المسرح البلدي في حيفا، تحت عنوان “لا خبز بدون السلام”، على شرف المؤتمر العشرين للشبيبة الشيوعية، حيث أشغل غونين منصب السكرتير العام للشبيبة الشيوعية بين الأعوام 1965-1969.
وكان قد افتتح الأمسية الصحافي رجا زعاترة، سكرتير منطقة حيفا للحزب الشيوعي، متحدثًا عن جدلية الخبز والسلام التي آمن بها غونين وناضل من أجلها طيلة عمره. وقدّم المربي عادل عامر، السكرتير العام للحزب الشيوعي، تحية تطرّق فيها إلى مسيرة غونين ورفاقه العرب واليهود النضالية، وميراثهم الكفاحي الذي نغرف منه اليوم أيضًا لاجتراح الأجوبة الصائبة والثاقبة في مواجهة الواقع الذي يكابده الشعبان في هذه البلاد، واقع الاحتلال والفقر، والتدهور العنصري والفاشي. أما عضو الكنيست دوف حنين فأكد أنّ المصالح الحقيقية للشعبين وللعاملين من الشعبين ليست على طرفي نقيض.
· الشيوعي الأول في قيادة الهستدروت
وأجري حوار مع غونين، بمشاركة سكرتير عام الشبيبة الشيوعية أمجد شبيطة والمحامية مور ستولر والمحاضرة الجامعية أورنات تورين، روى فيه بعضًا من ذكرياته، فقال عن انضمامه لأول مرة إلى الشبيبة الشيوعية بفضل رفيقة دربه يوخيفد غونين: “كانت يوخيفد صديقتي وطلبت أن نذهب إلى السوق، فذهبنا وطلبت مني أن أتمعن في المشهد التالي: سيدة بملابس أنيقة تشتري الخضار وطفل عربي يحملها على ظهره حتى كاد ينهار. سألتني يوخيفد: أنظر هل هذا الأمر عادل. قلت: لا، قالت: إذا عليك أن تنضم إلى الشبيبة الشيوعية التي تقاوم هذا الظلم.
وحول عمله النقابي، أشار غونين إلى المصاعب الجمة التي تعرض لها كعامل في شركة الكهرباء وإلى مضايقته وملاحقته خاصة بعيد حرب حزيران 67، وكان حينها سكرتيرا عاما للشبيبة الشيوعية، وأكد غونين على ضرورة أن يكون العمل النقابي على رأس سلم الأوليات الحزبي وعبّر عن اعتزازه بأنه عند دخوله إلى الهستدروت وُصف بأنه “الشيوعي الأخير في الهستدروت” وسرعان ما تحوّل إلى “الشيوعي الأول في قيادة الهستدروت.”
وقدّمت الفنانة أمل مرقس تحيّة فنية خاصة إلى بنيامين ويوخيفد، وفي مشهدٍ مؤثر، مع السكرتير العام للحزب عادل عامر والقائد الجبهوي رامز جرايسي وأعضاء الكنيست الجبهويين الخمسة أيمن عودة وعايدة توما سليمان ودوف حنين ويوسف جبارين وعبدالله ابو معروف، وكوكبة من قدامى الحزب من حيفا ومن كافة المناطق؛ قدّم رفاق الشبيبة الشيوعية درعًا للرفيق بنيامين، تثمينًا لدوره في قيادة الشبيبة في إحدى أقسى المراحل في تاريخها. حيث ورغم التحديات صمدت الشبيبة واتسعت كحركة ماركسية لنينية، أممية وطبقية. وقدّم رفاق منطقة حيفًا درعًا للرفيقين يوخيفد وبنيامين، جاء فيه: مع الشكر والتقدير والمحبة على عقودٍ من النضال من أجل الخبز والسلام، في صفوف الشبيبة والحزب والجبهة.