عشرون عاماً على اتفاق اوسلو ..!
تاريخ النشر: 25/09/13 | 9:52مضى عشرون عاماً على اتفاق اوسلو المشؤوم بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين اسرائيل، تحت الرعاية الامريكية ، الذي وقعه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، ورئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين ، الذي تم اغتياله وتصفيته بسبب ذلك. وهذا الإتفاق اتاح للكثير من القيادات والكوادر الفلسطينية في الخارج، وخصوصاً قيادات حركة "فتح"، وعدد من قيادات الفصائل الاخرى المنضوية تحت لواء منظمة التحرير، العودة الى ارض الوطن في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وقد شكل هذا الاتفاق انعطافة مفصلية تاريخية، ونقطة تحول في مسار القضية الفلسطينية،وتاريخ النضال الفلسطيني وحركة التحرر الوطني الفلسطيني، وأثار الكثير من الأسئلة وردود الفعل العديدة، وظل حتى يومنا هذا، موضع خلاف في الشارع السياسي الفلسطيني، وبين عدد من القوى الفصائلية الفلسطينية اليسارية، التي عارضته جملة وتفصيلاً، ورأت فيه اتفاقاً منقوصاً لا يحقق المطالب الفلسطينية العادلة، واعتبرته تفريطاً وتنازلاً عن الثوابت الفلسطينية التي نصت عليها قرارات المجالس الوطنية الفلسطينية.
وفي المقابل كانت هناك أحلام وآمال عريضة لدى قطاع واسع من ابناء شعبنا الفلسطيني، الذين رأوا فيه بارقة امل توصلهم الى نهاية النفق المظلم ، لكن هذه الاحلام والآمال تبخرت كفقاعات الماء، وغدت اوهاماً بعد مرور عشرين عاماً على هذا الاتفاق، الذي لم يجن منه الشعب الفلسطيني سوى الاحباط وخيبة الامل . ويمكننا القول، ان اتفاق اوسلو أحدث ضرراً فادحاً وجسيماً وبالغاً لشعبنا وقضيته الوطنية ولحركة تحرره الوطني، وعمق الشرخ في الجسد الفلسطيني، وان آثاره وتبعياته تهيمن على الواقع السياسي والراهن الفسطيني. انه بمثابة تراجيديا يعيش فصولها ابناء شعبنا المعذب والمحاصر، الذي يئن الماً ،ويتضور جوعاً ومعاناة نفسية يومية، ولم يكن امامه مناص سوى التعاطي مع اتفاق اوسلو والتسليم به ومسايرته.
ان صورة الحال السياسي الفلسطيني بعد مرور عشرين عاماً على اوسلو تبدو سوداوية وحالكة، فالمشروع الوطني الفلسطيني تراجع عقوداً الى الوراء، والسلطة الفلسطينية مجرد فضاء محدود يقع تحت سيطرة الاحتلال الاسرائيلي، والمناطق الفلسطينية مقطعة الأوصال بالحواجز العسكرية ومحاطة بجدار الفصل العنصري، والاستيطان يستفحل ويتضاعف ويبتلع المزيد من الاراضي الفلسطينية، والاغتيالات الوحشية متواصلة، وحصار غزة متواصل، وسياسة هدم البيوت واقتلاع الاشجار وتدمير الزراعة الفلسطينية مستمرة، علاوة على الزج بالمناضلين والنشطاء الفلسطينيين في غياهب السجون والمعتقلات والزنازين الاحتلالية. والأنكى من كل ذلك الانقسام المدمرعلى الساحة الفلسطينية، الذي افرزته واحدثته اتفاقات اوسلو.
ان اتفاق اوسلو لم يكن سوى اتفاقاً كارثياً لم يحقق النتائج المرجوة، وبعد عشرين عاماٌ على ابرامه لا بريق أمل في الأفق باتجاه تغيير الحال الفلسطيني وانهاء الاحتلال البغيض واقامة الدولة الفلسطينية الكاملة السيادة، وذلك بسبب سياسة الرفض والماطلة والتسويف والتنكر للحق الفلسطيني المشروع، التي تتبعها حكومات اسرائيل المتعاقبة، المجافية والمناهضة لما انجزه الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي وتوصلوا اليه في اوسلو. وبدون أدنى شك ان المفاوضات الجارية الآن، التي تجددت بعد ثلاث سنوات من توقفها وتعثرها، وذلك بفعل الضغوطات الامريكية والرسائل التي حملها كيري، هي مفاوضات عبثية ، وتراوح مكانها، ولا أمل فيها.
المطلوب فلسطينيا في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة هولفظ اوسلو، وتجاوز الخلافات، وانهاء حالة الانقسام، وتحقيق المصالحة الوطنية الجادة وفق اتفاق وطني يصون ويحمي المشروع الوطني الفلسطيني، الذي يلبي طموحات شعبنا في الحرية والاستقلال الوطني، وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصلحة الفئوية الضيقة، بتعميق الوحدة الوطنية الوطنية الفلسطينية لمواجهة الاخطار والتحديات، التي تهدد شعبنا وقضيته الوطنية.