إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية

تاريخ النشر: 12/04/16 | 7:16

إن الغضب الإسرائيلي من بناء الجسر المصري السعودي “غير مبرر”، حيث إن ارتفاع “الكوبري” لا يتعارض مع ارتفاع السفن المارة في منطقة المياه الدولية، وبالتالي لن يكون له أثر على حركة الملاحة وفقا لما تزعمه إسرائيل. أن رد الفعل الإسرائيلي الغاضب من الخطوة المصرية السعودية يوحي بأن الجسر المزمع إنشاؤه ربما يكون هدفا لتل أبيب في أول مناسبة تسمح لها بذلك، لتمنع مرور القوات المصرية والسعودية فوق الجسر، مع ضرورة أن تراعي كل من مصر والسعودية هذا الخطر المتوقع وتحسبان حسابه جيدًا. أن أي صراع مستقبلي ستقف مصر والسعودية يدًا واحدة للتصدي له. إن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تعد زيارة تاريخية نظرًا لأهمية الموضوعات التي تناولتها. أن الزيارة تناولت ملف تعيين الحدود البحرية بين البلدين وما يتعلق بالجزر السابقة بشفافية كاملة وإدراك لقوة العلاقات التاريخية والإستراتيجية التي تجمع بين كلا من البلدين “للأسف الشديد هناك من تناول تلك القضية بدون علم، ووعى وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي التي زعمت تنازل مصر عن تلك الجزر، رغم عدم الإعلان عن بنود الاتفاقية التي تشكل سابقة قانونية لحسم خلافات السيادة على المياه الإقليمية بين الجانبين المصري والسعودي في الحدود البحرية المتقاطعة بينهم سواء في خليج العقبة أو في البحر الأحمر وبالتحديد في المناطق البحرية لشمال خط عرض 22 الفاصل بين مصر والسودان. إن كافة المعاهدات والاتفاقات والمواثيق التي تبرم بين الدول ترسل أصلها إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة.
أعلنت أوساط سعودية رسمية، وإعلامية في كلٍّ من القاهرة والرياض، أنه سوف يتم التوقيع بشكل نهائي على 14 اتفاقية جرى بلورتها مؤخرًا بين سلطات البلدين، خلال الزيارة المرتقبة في الرابع من أبريل 2016م، للعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، إلى القاهرة. بعض هذه الاتفاقيات تم التوصل لصيغة نهائية لها، خلال الجلسة الخامسة لمجلس التنسيق السعودي – المصري، والتي عقدت في الرياض في العشرين من شهر مارس 2016م.
كانت مصادر إسرائيلية أعلنت أمس، السبت، عن اعتراض تل أبيب على مشروع جسر الملك سلمان بين مصر والسعودية. وقالت الإذاعة الإسرائيلية، إن إسرائيل تعترض على مشروع الجسر البرى، الذي تعطل تنفيذه قبل سنوات، إبان حكم الرئيس حسنى مبارك، وأعيد إحياؤه بعد الثورة. وأضافت أن إسرائيل تعتبر بناء جسر فوق جزيرتي تيران وصنا فير الواقعتين عند مدخل خليج العقبة يمثل “تهديدا استراتيجيا لها لأنه يعرض حرية الملاحة من وإلى منفذها البحري الجنوبي للخطر”. وكشفت الإذاعة الإسرائيلية، عن أن إسرائيل أعلنت مرارا وتكرارا أنها تعتبر إغلاق مضيق تيران “سببا مباشرا للحرب”.
وكانت العلاقات بين مصر ودول الخليج والعالم العربي بشكل عام، لم تزل بعد في طور التكوين، بعد عقود من الخلافات في عهد جمال عبد الناصر، والقطيعة في عهد أنور السادات، بعد الصلح مع إسرائيل.
وكانت لهذه الواقعة، بالرغم من أنه لم يتم توثيقها بشكل كامل، دلالات شديدة الأهمية، حول سلوك أنظمة الحكم المتعاقبة في مصر، إزاء ثروات الوطن، وحقوق الأجيال القادمة، لاعتبارات السياسة القريبة الضيقة.
أكدت الإذاعة الإسرائيلية أن بناء جسر فوق جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين عند مدخل خليج العقبة يمثل “تهديدا إستراتيجيا لها لأنه يعرض حرية الملاحة من وإلى منفذها البحري الجنوبي للخطر، وفقا لما ذكرته «سبوتنك» الروسية».وقالت الإذاعة، إن إسرائيل أعلنت مرارا وتكرارا أنها تعتبر إغلاق مضيق تيران “سببا مباشرا للحرب”. وأشارت الإذاعة إلى أن “معاهدة كامب ديفيد الموقعة بين إسرائيل ومصر تؤكد حق حرية الملاحة عبر مضيق تيران حيث تنص المادة الخامسة منها على أن الطرفين يعتبران مضيق تيران من الممرات المائية الدولية المفتوحة لكافة الدول دون عائق أو إيقاف لحرية الملاحة أو العبور الجوي، كما يحترم الطرفان حق كل منهما في الملاحة والعبور الجوي من وإلى أراضيه عبر مضيق تيران”.
ومن المقرر، أن يربط الجسر بين مصر والسعودية من منطقة منتجع شرم الشيخ مع رأس حميد في منطقة تبوك شمال السعودية عبر جزيرة تيران، بطول 50 كيلومترا لان إسرائيل ستستهدف الجسر المصري السعودي في أول مناسبة.. والكوبري لا يهدد ارتفاع السفن
وأشارت الإذاعة إلى أن “معاهدة كامب ديفيد الموقعة بين إسرائيل ومصر تؤكد حق حرية الملاحة عبر مضيق تيران، حيث تنص المادة الخامسة منها على أن الطرفين يعتبران مضيق تيران من الممرات المائية الدولية المفتوحة لجميع الدول دون عائق أو إيقاف لحرية الملاحة أو العبور الجوي، كما يحترم الطرفان حق كل منهما في الملاحة والعبور الجوي من وإلى أراضيه عبر مضيق تيران”.
أمّا الحدود البحريّة فإنّ تحديدها يعني وضع الحدود بين منطقتين بحريّتين متشاطئتين. وهذا التحديد عادة نتيجة لمفاوضات بين الدول المعنيّة، تخضع لأنظمة القانون الدوليّ للبحار (حسب اتّفاقيّة Montego Bay للأمم المتّحدة سنة 1982). وفي حال النزاع فإنّ تحديد الحدود يعود إلى محكمة تحكيم إذا قبل الأطراف المتنازعون بذلك، أو إلى محكمة قانون البحار، أو إلى محكمة العدل الدوليّة.
إنّ مفهوم المنطقة الاقتصاديّة الخالصة كُرّس في الجزء الخامس من اتّفاقيّة Montego Bay سنة 1982 الخاصّة بقانون البحار، إلاّ أنّها لم تعرّفه بشكل محدّد، وإنّما جاء التعريف بشكل غير مباشر عندما نصّت على أنّه يخضع لنظام قانوني خاص يختلف عن المياه الإقليميّة وأعالي البحار. مع العلم أنّ مفهوم المنطقة الاقتصاديّة اكتسب على الصعيد العمليّ، وبين الدول، قيمة عرفيّة كبيرة، الأمر الذي أدّى إلى القبول به بين الدول، وعمّمت مبادئه العامّة فلم يلق أيّ اعتراض على الصعيد الدوليّ. وقد أكّدت ذلك محكمة العدل الدوليّة في قرارها المتعلّق برسم الجرف القارّيّ بين تونس وليبيا سنة 1980 بحيث اعتبرته جزءاً من القانون الدوليّ المعاصر.
.ومن المقرر أن يربط الجسر بين مصر والسعودية من منطقة منتجع شرم الشيخ مع رأس حميد في منطقة تبوك شمال السعودية عبر جزيرة تيران، بطول 50 كيلومترا. تقع جزيرة تيران في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، ويبعد 6 كم عن ساحل سيناء الشرقي، وتبلغ مساحة الجزيرة 80 كم². وكانت الجزيرة نقطة للتجارة بين الهند وشرق آسيا، وكان بها محطة بيزنطية لجلب الجمارك للبضائع. أما جزيرة صنافير فتقع بجوار جزيرة تيران من ناحية الشرق وتبلغ مساحتها حوالي 33 كم².
تصنع الجزيرتان ثلاثة ممرات من وإلى خليج العقبة الأول منها يقع بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، وهو أقرب إلى ساحل سيناء، وهو الأصلح للملاحة ويبلغ عمقه 290 مترًا، ويسمى ممر “إنتربرايز”، والثاني يقع أيضًا بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، ولكن أقرب إلى الجزيرة، ويسمى ممر “جرافتون”، ويبلغ عمقه 73 مترًا فقط، في حين يقع الثالث بين جزيرتي تيران وصنا فير، ويبلغ عمقه 16 مترًا فقط.
الأساس التاريخي للجزيرتين وحول الأساس التاريخي لتلك الجزر، يكشف المؤرخ عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث، أن تلك الجزر يعود تبعيتها إلى قبيلة الدرعية التي يعود إليها أساس الأسرة الحاكمة السعودية التي توسعت وضمت الحجاز وكونت المملكة العربية السعودية.
وأوضح الدسوقي أن السعودية قامت بالتنازل عن تلك الجزر إلى الدولة المصرية خلال فترة الخمسينات، أثناء حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حتى تتفادى المواجهة المباشرة مع إسرائيل، مؤكداً أنه من حق السعودية استردادها إذا رغبت فهذا حقها. وأكد الدسوقي على عدم صحة الروايات التي تشير إلى استئجار عبد الناصر لتلك الجزر لأهميتها الإستراتيجية، لتساعده في أي مواجهات مع إسرائيل. اتفاقية تعيين الحدود البحرية تتم بشفافية وفى سياق متصل،
وتشمل هذه الاتفاقيات تمويل عمليات توريد مشتقات بترولية، بين كل من الصندوق السعودي للتنمية، وشركة “أرامكو”، وبين الهيئة المصرية العامة للبترول، وتمويل بقيمة 1.5 مليار دولار، تخص برنامج الملك سلمان بن عبد العزيز لتنمية شبه جزيرة سيناء، ومن بينها بناء جامعة كبيرة في جنوب سيناء تحمل اسم العاهل السعودي، بجانب مذكرة تفاهم بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي، ووزارة الاستثمار المصرية.
ولكن أهم هذه الاتفاقيات، اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين، والتي تمت بلورتها خلال زيارة قام بها اللواء “عبد العزيز بن إبراهيم الصعب”، رئيس الهيئة العامة للمساحة السعودية، ووفد فني وقانوني سعودي، إلى مصر، في نفس توقيت انعقاد الجلسة الجديدة لمجلس التنسيق. وكانت هذه الزيارة هي الثانية للصعب منذ توليه لهذا المنصب، وكانت الأولي في ديسمبر 2015.
خط الحدود تضمن مناطق تعتبرها القاهرة ضمن مناطقها الاقتصادية الخالصة، والتي تمتد مسافة 200 ميل بحري، وفق اتفاقية ترسيم المياه الاقتصادية الخالصة بين الدول ، التي أقرتها الأمم المتحدة، وصارت نافذة في العام 1982م، ووقعت عليها كلٌّ من مصر والسعودية، وبالتالي فهي ملزمة للطرفَيْن.
لذلك، عندما أعلنت السعودية خطوط الأساس الواردة في المرسوم الملكي الصادر في ذلك الوقت، قامت القاهرة بإصدار إعلان أودعته لدى الأمم المتحدة، أن المرسوم الملكي السعودي “لا يمس أو يغير في الموقف المصري في المباحثات الجارية مع الجانب السعودي لتعيين الحدود البحرية بين البلدَيْن”
تبعد جزيرة تيران (جمع “تير” وتعني موج البحر في بعض لهجات العرب)، نحو 6.1 كيلومتر من ساحل شبه جزيرة سيناء الجنوبية، وتبلغ مساحتها حوالي 80 كيلومترًا مربعًا، بينما تبعد جزيرة صنافير عنها بحوالي 2.5 كيلومتر، إلى الشرق منها، وتبلغ مساحتها حوالي 33 كيلومترًا مربعًا.
وتقابل الجزيرتان اللتان تقعا في مضيق تيران، مخرج خليج العقبة إلى البحر الأحمر، كلاًّ من شرم الشيخ ودهب في جنوب سيناء، ورأس حميد، في السواحل الغربية لتبوك في شمال المملكة العربية السعودية، ويمر خط الملاحة الدولي إلى الغرب من تيران، لأن الجهة الشرقية منها، المواجهة لصنافير والحدود السعودية، منطقة غير صالحة للملاحة.
وتعود أهمية الجزيرتَيْن إلى قيمتهما الكبرى في التأمين الدفاعي الاستراتيجي للتخم الجنوبي لشبه جزيرة سيناء والمياه الإقليمية المصرية قُبالة شمال الساحل الشرقي لمصر على البحر الأحمر، كما أنهما من الأهمية بمكان في صدد إغلاق خليج العقبة بالكامل في حال اندلاع أي حرب مع إسرائيل.
وقد احتلت إسرائيل كلا الجزيرتَيْن وهما تحت السيطرة المصرية، خلال عدوان يونيو من العام 1967م، ولذلك تم تضمينهما في اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة عام 1979م؛ حيث تقعا في المنطقة (ج) التي لا يحق لمصر وضع قوات عسكرية فيها. وبموجب اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، فإن هناك قوة دولية مرابطة في كلا الجزيرتَيْن، وتقوم على إدارة كلٍّ منها، إدارة مدنية مصرية، ولمواطني الدولتَيْن الحق في زيارة كلا الجزيرتَيْن بالتنسيق مع القوات الدولية المتواجدة هناك، ولكن لا يحق للقوات البحرية المصرية أو السعودية الاقتراب من كلا الجزيرتَيْن دون موافقة من القوات الدولية.

الدكتور عادل عامر

3adel3amer

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة