الولادة بدون ألم..بين الوهم والواقع
تاريخ النشر: 01/10/13 | 6:12تمشين في الشارع أو تقودين سيارتك فترين لافتات للعديد من الأطباء بعضهم ذائع الصيت والبعض الآخر لا يزال في الطريق نحو دوره في الشهرة وتجدينه يكتب على عيادته (نقدم لك الولادة بدون ألم) وتعتقدين أنك قد وجدتي ضالتك للتخلص من شئ يؤرقك أثناء حملك هذا وتحسبين له بدل الحساب الفا.
بدون أي شك لا تزال آلام الولادة هي الاسوأ بين أنواع الآلام التي تواجهها الأنثي في حياتها ويزيد على ذلك البهارات و الإضافات التي تقوم الواحدة تلو الأخرى في إضافتها عند حديثها معك عن خبرتها بالولادة. معلومات تتناقلها السيدات كأنها قرآن منزل رغم أن معظمها خبرات خيالية نمت داخل عقلها وخيالها فقط حتى تظهر أمامك في دور الخبيرة البطلة ولتتفاخر أنها سبقتك في غايتك التي تعيشين من أجلها من الآن ولمدة ٩ أشهر من الزمان.
وقد تكون تلك الآلام سببًا في إختيارك قرارات انفعالية مبنية على شبهات وإعتقادات راسخة خاطئة وأوهام موجودة لدى العديد من أطراف المجتمع بأن القيصرية ستحميك من آلام الوضع وبذلك تكونين قد هربتي من آلام الوضع لآلام ما بعد القيصرية.
الموضوع بكل بساطة أن آلام الولادة هي ناتجة عن إنقباضات الرحم المتكررة لدفع الجنين خارجًا إلى عالمنا هذا. وهذه التقلصات في الرحم تشبه لحد كبير تقلصات الأرجل عند الجرى و التمارين ويقوم الأطباء بإعطاء المريضة بعض العقارات لتخفيف ذلك الألم.
(الإبيديورال) هو حل آخر للتغاضي عن آلام الولادة حيث يقوم طبيب التخدير بتوصيل قسطرة رفيعه جدًا من الظهر إلى خارج طبقة (الأم الجافية) المغطية للنخاع الشوكي مما يمنع الشعور بأي ألم في النصف الأسفل من الجسم. لا تتسبب الإبيديورال في شلل ولا آلام الظهر كما يشاع وما تلك إلا خرافات تتدارجها السيدات فيما بينهم وما أنزل الله بها من سلطان ومن خلال القسطرة تلك يستطيع طبيب التخدير توصيل المسكنات و المخدرات لجسم السيدة في أوقات معينه ولأي مدة وهي ميزة عظيمة لتلك الطريقة.
انتشر بسبب الأطباء السالف ذكرهم لفظ (الولادة بدون ألم) على تخدير الإبيديورال وهي طريقة تجارية لجذب المريضات للطبيب المولد ولا تعلم السيدة عادة أن الطبيب لا يقوم بعمل أي شئ من أجل منع الألم وأن الموضوع كله هو نوع من التخدير ولا يفرق بين طبيب التوليد ذلك أو ذاك. إذن هي مهارة لطبيب التخدير من أول الأمر لآخره.
ما هي الطرق المتاحة للتخدير في حالة القيصرية؟
هناك ٣ طرق أولها التخدير الكلي والنصفي (Spinal) وأخيرًا الإبيديورال وقد ذكرناها من قبل.
يتجه العالم كله نحو التخدير الموضعي أي النصفي والإبيديورال و يبتعد عن الكلي لما فيه من أخطار على الأم من حساسية صادمة أحيانا ومشاكل في التنفس. كذلك يمثل التخدير الكلي عبئا على الجنين مما قد يحتاج تدخل أسرع في الولادة القيصرية.
يعطي التخدير النصفي مميزات عظيمة للأم فهي لا تشعر بأي ألم ولا ترى ما يجرى في العملية ومع ذلك تستطيع أن تتواصل مع الجميع وأن ترى الطفل فور خروجه وأحيانا التصوير معه و تتمتع بعد ذلك بفترة لا تقل عن ٦ ساعات خالية من الألم و تستطيع أن تبدأ بالتحرك والأكل في وقت أسرع من السيدات اللائي يخترن التخدير الكلي.
هل يتسبب التخدير النصفي في الشلل؟
تتحدث الأبحاث عن نسبة قد تصل لحالة كل ربع مليون حالة قد يرتبط بها التخدير النصفي بضعف الحركة. ومع ذلك فتلك النسبة أقل بكثير من نسبة المضاعفات الخطيرة المصاحبة لتخدير كلي في أي عملية ونسبة مضاعفات القيصرية ذاتها، ولكن قد يكون أكبر عارض للتخدير النصفي هو الصداع وحتى ذلك لا يصيب أكثر من حالتين لكل مئة سيدة ويداوى بالمسكنات كالبنادول و المحاليل الوريدية لمدة ٢٤ ساعة بعد القيصرية.
يتميز الإبيديورال عن التخدير النصفي فقط في أنه يعطي فرصة لمنع الآلام لفترة أطول حيث من الممكن حقن المسكنات بالقسطرة لفترة تصل لـ ٢٤ ساعة بعد القيصرية ولكن عليك أن تنتبهي أن مهارة تركيبه ليست واحدة لدى جميع أطباء التخدير و نسبة فاعليته ستختلف طبقًا لمهارة الطبيب وأيضًا تركيبه له تكاليف مالية أعلى من الطرق الأخرى.