الفولكلور والغناء الشعبيّ الفلسطينيّ للدكتور جريس نعيم خوري

تاريخ النشر: 03/10/13 | 4:41

صدر حديثًا، عن مجمع اللّغة العربيّة في حيفا، كتاب جديد للدكتور جريس نعيم خوري بعنوان: "الفولكلور والغناء الشعبيّ الفلسطينيّ، دراسة في التاريخ، المصطلح، الفن، والظّواهر الخاصة. يقع الكتاب، بطبعته الأنيقة، في مئتين وثمان وثمانين صفحة من الحجم الكبير، ضمّنها المؤلّف المضامين التالية:

(1)"الفولكلور والأدب الشعبيّ. المصطلح والتاريخ".

(2)"تاريخ الغناء الشّعبيّ العربيّ" .

(3)"الأغنية الشّعبيّة الفلسطينيّة. دراسة في الشّكل والأصول".

يستهل الباحث "خوري" اصداره بكلمة شكر يوجّهها إلى مجمع اللّغة العربيّة في حيفا، على دعمه لهذا العمل، ويخصّ بالذّكر رئيس المجمع البروفيسور محمود غنايم، المدير العام للمجمع الأستاذ محمود مصطفى، مديرة المكتب الأستاذة أمينة حسن، بالإضافة إلى البروفيسور سليمان جبران، على متابعتهم المخلصة لهذا العمل حتى صدوره بصيغته النّهائيّة.

يجد القارئ نفسه في هذا الكتاب أمام دراسة قيّمة حققها مؤلّفها في ثلاثة فصول: الأول "بمثابة مقدّمة ونظريّة، وفيه محاولة لتحديد مفهوم "الفولكلور"، وتطوير هذا المفهوم واختلاف النظريّات التي وُضِعت له على امتداد تطوّره، بالإضافة إلى العلوم التي احتفلت به، والتي انضوى تحتها، تبعًا للفكر التنظيريّ الذي تناوله به المختصّون في كل فترة. ومن ثمّ يتخصص البحث في منظومة فرعيّة من منظومات الفولكلور ألا وهي الأدب الشعبيّ، لتمييز معالمه وسماته ورسم حدوده الأسلوبيّة، وبالتالي توضيح الالتباس الواقع بينه وبين الأدب العاميّ. يأتي كل ذلك تمهيدًا للحديث عن الأغنية الشعبيّة، كجنس من أجناس الأدب الشعبيّ: طبيعتها، سماتها، كلماتها، أنماطها العامة وموسيقاها". في هذا الإطار يضع صاحب هذه الدّراسة الهامة "الخطوط الفاصلة بين الشعر الشعبيّ والشعر العاميّ، وبالتالي بين الغناء الشعبيّ والغناء العاميّ المصنوع."

يتناول الفصل الثاني الفولكلور والأدب الشعبيّ العربيين تاريخيا، مع التطرّق لأهم الآثار العربيّة ذات الصّلة بالآداب الشعبيّة. يتخصّص البحث بعدها في دراسة الغناء الشعبيّ عند العرب منذ الجاهليّة: تطوّره، انتشاره، أنماطه، مباني هذه الأنماط المختلفة وسماتها الخاصة؛ ما يشكّل خلفيّة لدراسة الأنماط الحديثة أيضًا، وبيان صلتها بالأصول."

ننظر في الفصل الثالث، فنراه "ينقسم إلى قسمين أساسيين: الاول تاريخيّ الطابع، يتناول المراحل المختلفة التي مرّ بها الفولكلور الفلسطينيّ الحديث عامة، والأغنية الشعبيّة الفلسطينيّة بشكل خاص، والثاني تحليليّ، يتناول تصنيف الأغاني الفلسطينيّة الشعبيّة (مع التركيز بشكل خاص على أغاني الرّجال) وفق درجة انتشارها وشعبيّتها. وهي "تعتمد في التركيز بين الأصناف المختلفة على الاختلاف الشكليّ المبنويّ بين الأنماط". ثمّ يقوم الباحث بعدها "بتناول كل نمط بالتفصيل إلى أن يختتم مقدّمته التي تفيد بأن "دراسة الأغاني الشعبيّة عمل في غاية الأهميّة، وقد يستفاد منها في مجالات أخرى، كعلوم الاجتماع، والتاريخ وغيرها. إلا أن أهميّة دراسة هذه الأغاني تكمن في المقام الأول في إلقائها الضوء على النظام الأدبيّ والتفاعلات بين قطاعاته المختلفة. ليس بالإمكان التّعرف على النظام الأدبيّ العربيّ، والاطلاع على مراحل تطورّه، دون دراسة الأدب غير الرّسميّ الذي تشكّل الأغنية الشعبيّة جزءًا لا يتجزأ منه"، ثم يضيف: "نعتقد أن دراسة الأدب الرّسميّ قد تستفيد كثيرًا من دراسة الأغاني الشعبيّة، وعلاقتها بالشعر الرّسميّ على مختلف أنواعه. يشير أخيرًا أن "تجاهل هذا النّمط الأدبيّ لأي سبب كان إنّما يؤثّر على تطوّر المنظومة الأدبيّة ككلّ، وقد يخفي عن الباحث الكثير من الحقائق المفيدة بخصوص تطور ونشوء الأجناس الأدبيّة المختلفة، وعلاقتها بعضها ببعض."

يقدّم الكتاب دراسة وافية عن الغناء الشعبيّ الفلسطينيّ، يتوقّف فيها كاتبها، الدكتور جريس نعيم خوري، عند أبرز المحطات في تاريخ هذا اللّون من الغناء الذي يشكّل جزءًا هامًا من تراثنا وحضارتنا وهويّتنا، وعلاقة ذلك بالأدب الشعبيّ والشعر العاميّ. كما تجسّد هذه الدراسة أيضًا، من خلال النّماذج الغنائيّة التي تستعرضها، جماليّة هذا التراث الشعبيّ الفلسطينيّ والإنسانيّ الذي يستحقّ مثل هذه الدارسة التي تطلعنا على جوانب عديدة من هذا التراث، خاصة عند القراء الشباب الذين يجدون فيها مادة غنيّة تضعهم أمام موضوع يحتوي على الفائدة والمتعة في آن معًا، مما يبلور شخصيّتهم، وينمّي في نفوسهم شعور الانتماء إلى تراثهم ومجتمعهم.

———————————

*الدكتور جريس نعيم خوري: باحث وشاعر، من مواليد قرية طرعان سنة 1972. حاصل على لقب الدكتوراة من قسم الدّراسات العربيّة والإسلاميّة في جامعة تل أبيب بعد تقديمه أطروحته "دراسة المصادر الشعبيّة وتشكيلها للنّص الشعريّ العربيّ الحديث". متخصص بدراسة الشعر العربيّ الحديث والأدب الشعبيّ الفلسطينيّ. يعمل محاضرًا كبيرًا في جامعة تل أبيب والكليّة العربيّة للتربيّة- حيفا، كما عمل أيضا مركّزًا علميًا لمجمع اللّغة العربيّة بين السنوات 2010- 2013 . حصل الدكتور خوري على جوائز امتياز عديدة في إطار دراسته الأكاديميّة، وحصل أيضًا على جائزة عميد جامعة تل أبيب لسنة 2010 لتفوّقه في مجال تدريس العربيّة وآدابها في الجامعة. له ثلاثة دواوين شعريّة: جمرات (معليا-1999)، موال في ليل أمي (الناصرة-2001): بلا أشرعة (عمَان-2010)، وله عدد من المقالات المنشورة في مجلات عالميّة محكمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة