في مئوية رئيف خوري.. المثقف الثوري والمفكر التنويري
تاريخ النشر: 04/10/13 | 23:33تحتفل الاوساط الثقافية والأدبية اللبنانية والعربية هذا العام بمئوية الأديب والمفكر والكاتب اللبناني رئيف خوري ، وبهذه المناسبة تستحضر تراثه الفكري والأدبي الذي يصنف في اطار الفكر التنويري التفدمي الانساني .
رئيف خوري مفكر ثوري وأيديولوجي بامتياز. اشتهر بنصوصه الابداعية ودراساته النقدية وخاض الصراع الفكري. ولج أكثر من ميدان وعالج أكثر من قضية ، ولمع نجمه في الشعر والقصة والرواية والترجمة والنقد الأدبي.
مارس رئيف خوري الكتابة الصحفية اليومية في مجال الفكر السياسي ، فكتب في مختلف أغراض الأدب والفكر ، وبحث في التراث العربي القديم ، وتناول التراث النهضوي التنويري وقدّم اسهاماً كبيراً في التعريف بالفكر الأيديولوجي الماركسي.
عرف رئيف خوري كأحد أبرز المبدعين الذين كرسوا جزءاً من جهودهم للدراسة والبحث بهدف انارة الطريق أمام الأجيال العربية الجديدة، فكان من مثقفي الرعيل الأول الماركسي الذين أدركوا أن المعرفة العميقة والثقافة الوطنية الديمقراطية الملتزمة سلاحان هامان وضروريان من أجل انجاز التحولات الجذرية والتغيير الاجتماعي المنشود.
رئيف خوري متعدد المواهب، واسع الاطلاع، عميق الثقافة، استند الى الماركسية والمنهج الجدلي في دراساته وأبحاثه . رافق الحركة الوطنية العربية التقدمية وكان مناضلاً عنيداً ومدافعاً حقيقياً في سبيل الديمقراطية وحرية الفكر والابداع.
تعامل رئيف خوري بصدق واخلاص مع قضايا الفقراء المسحوقين والمهمشين ، وساهم في نشر التنوير وغرس الفكر السياسي وتأصيل التفكير العقلاني بقضايا المجتمع والوطن، وترك وراءه ارثاً هاماً ومتميزاً للمكتبة العربية وللثقافة الوطنية التقدمية
لرئيف خوري الكثير من الأعمال والمؤلفات في مجالات القصة والرواية والبحث والدراسة والنقد، نذكر منها: " حبة الرمان وقصص أخرى" ، " ديك الجن " ، " أقوى من الحب "، " أثر الثورة الفرنسية في الفكر العربي المعاصر "، " حقوق الانسان "، " معالم الوعي القومي "، " مع العرب في التاريخ والأسطورة "، " النقد والدراسة الأدبية "، "أمين الريحاني"، " ثورة بيدبا"، "جهاد فلسطين"،" مجوسي في الجنة"،" وهل يخفى القمر"، " الدراسة الأدبية"، بالاضافة الى كتابه " التراث القومي العربي" الذي يقدم بحوثاً في المواقف التقدمية من مسألة التراث ومناهضة الفاشية .
رئيف خوري في ثورته الفكرية كاتب عربي سجالي ديمقراطي وعلماني منخرط في النضال والكفاح ضد قوى البغي والطغيان والاستعمار الجديد، وفي معرض حديثه عن الوحدة العربية يقول:" الوحدة العربية في نظرنا نحن الشباب الديمقراطي لا تعني فتحاً بالقوة ولا تنصيب امبراطور، وهي لا تعني حكم العراق لسوريا ولا حكم سوريا للبنان، نحن لا نريد أن نتخلص من نير الاستعمار الاجنبي لنستبدله باستعمار اخر منا وفينا. الوحدة العربية في نظرنا تعني حكماً ذاتياً ديمقراطياً لكل قطر، وتعني حماية الأقليات ومنح الحقوق المشروعة لها . الوحدة العربية في نظرنا تعني ائتلافاً مبنياً على الاختيار، على فهم مصلحة جميع الأقطار تقوم بالتعاون والتبادل لا بالتناحر والتقاطع".
أما العربي في نظره فهو الذي ينزل قطراً من هذه الأقطار التي يتألف منها المشرق العربي، والاتحاد العربي في المستقبل، وهو يتكلم العربية العزيزة، ولا يناقض أو يؤذي انتصار القومية العربية الجامعة، بعصبية من تلك العصبيات الصغيرة السامة التي سبق ذكرها، أو بحركة من الحركات الاقليمية الانفصالية، العربي هو الذي يشعر أنه وارث شعب باسل ذكي ابيّ يعتز بالانتساب اليه.
وأخيراً، رئيف خوري مثقف عقلاني متسامح، مؤمن بالتعددية وقيم الحرية والعدالة الاجتماعية ، دائب الحركة وذو نشاط متوقد، وساع الى الاصلاح والتغيير. امتاز بالخصب والعطاء والابداع وكرس كل مواهبه وطاقاته للأدب الملتزم والثقافة الجادة الحقيقية ، التي تلقي في وجدان الشعب بذور الثورة وتوقظ في نفسه مشاعر النضال والالتزام، وخلّف منارات هادية في مختلف المجالات والميادين الثقافية والفكرية.