الموشحات والقدود الحلبية بأصوات ثورية
تاريخ النشر: 09/10/13 | 21:33على وقع الحياة التي تغيرت في سوريا منذ اندلاع الثورة على النظام في مارس/آذار 2011، تغيرت إيقاعات العديد من الفنانين وأغانيهم، لتنتقل كلماتهم من المعاني الرومانسية وغيرها إلى المعاني الثورية.
في مدينة حلب شمال سوريا والتي تشتهر على مستوى العالم بالموشحات والقدود الحلبية، انخرط فنانون كانوا معروفين بأغانيهم الطربية أو الصوفية إلى المعاني الثورية، وانتقلوا من منصات الحفلات العامة أو الخاصة إلى منصات المظاهرات ضد النظام السوري، أو ما بات يعرف "بالأعراس والسهرات الثورية".
غير أن ذلك لا يخفي -حسب هؤلاء- انخراط غالبية الفنانين في ما يسمونه "التيار المضاد للثورة"، أو الأخذ بموقف حيادي لا يؤيد الثورة ولا يعلن ولاءه للنظام.
أحد الفنانين المعروفين بحلب والذي ذاع صيته خلال الثورة هو "جهاد" واسم شهرته "أبو الجود"، ورغم أنه لم يكن مطربا له حفلات يحييها قبل الثورة، فإن صيته ذاع بشكل لافت خلال الثورة.
ولا يخلو يوم جمعة من مشاركة أبو الجود في مسيرة بأحد أحياء حلب، عوضا عن مشاركاته في "سهرات ثورية"، أو إحياء أعراس في أحياء المدينة التي لا تزال تعرف شيئا من الفرح رغم الحزن والبؤس الذي يخيم على الحياة فيها.
يقول أبو الجود للجزيرة نت إنه درس الموسيقى وخاصة العزف على العود والأورغ قبل الثورة، ولم يكن في يوم من الأيام محترفا للغناء، وأنه كان يمارسه كهواية لا أكثر، حيث إنه يعمل في "التصميم الفني".
أعراس ثورية
وتابع أبو الجود أن "الحفلات في سوريا توقفت بنسبة 80%، ولم يعد هناك حفلات غنائية، وغالبية الفنانين إما غادروا سوريا أو أيدوا النظام، والقلة القليلة هي من انحازت إلى الشعب".
ويلفت إلى أنه مع طول أمد الثورة ما زالت "أجواء الفرح والأعراس والرقص موجودة، إلا أن كلمات الأغاني التي تؤدى في الحفلات تغيرت بناء على ظروف الثورة، وباتت كلماتها ترصد الواقع خلال الحرب".
من الكلمات التي أداها أبو الجود أمام الجزيرة نت "هاون يا ويلي هاون.. قصفت شعبك يا الخاين.. أنا ما إلي بالقصف كله.. عندي حريتي بتحلالي"، وهي قبل تعديلها كلمات لأغنية معروفة للفنان صباح فخري يقول فيها "ماني يا حبيب ماني.. سلامة قلبك يا غزالي.. إشلي بالورد كله.. عندي حبيبي يكفاني".
ومن الأغاني التي اشتهر بها أبو الجود دون غيره في الثورة "حلبية حلبية.. نحن رجال الحلبية.. بدنا نسقط النظام والعصابة الأسدية… ونصرك نصرك يا الله على العصابة الأسدية.. سوريا والله للكل وما عنا طائفية".
ينشط أبو الجود اليوم في إحياء المسيرات يوم الجمعة، وإحياء السهرات الثورية التي تعد للثوار على الجبهات وغيرها، عوضا عن نشاطه في إحياء الأعراس، ويتعدى دوره إلى المشاركة في مشاريع إغاثية، حيث يعتبر ركنا أساسيا في مشروع "الألف ميل يبدأ بخطوة"، وهو مشروع لإغاثة العائلات في حلب.
الفن والثورة
في مكان آخر من حلب، ينشط المطرب رامي شمس الدين الذي أحيا حفلات عديدة قبل الثورة في مهرجانات داخل سوريا وخارجها، عوضا عن غنائه الموشحات والقدود الحلبية في حفلات خاصة وعامة.
بعد الثورة انخرط شمس الدين في تسخير الفن والغناء والحفلات لصالح الثورة، وهو ما أدى إلى اعتقاله ثلاث مرات بسبب نشاطه في المظاهرات المنددة بالنظام قبل سيطرة المعارضة المسلحة على أجزاء واسعة من محافظة حلب.
في واحدة من أغانيه في الثورة يقول شمس الدين "عالندا الندا الندا.. الحرية نادت بدها.. وإن ما أعطوني إياها.. الجبال العالية لأهدها"، وبعدما أجرى تعديلات على كلمات الأغنية الأصلية "عالندا الندا الندا.. الورد مفتح على خدها.. وإن ما أعطوني إياكي.. الجبال العالية لأهدها".
ومن أغانيه التي ما زال يؤديها في المظاهرات "نحنا ما بنهاب النار.. إسمع كويس يا بشار.. بإيدينا أغصان الغار.. دباباتك بنردها".
ينشط شمس الدين في أداء الحفلات للثوار على الجبهات الأمامية، كما بات يتنقل بين "الأعراس الثورية"، ويؤكد أنه يحرص على المشاركة في كل عرس لمقاتل في الفصائل المسلحة عوضا عن المواطنين.
ويلفت إلى أنه يحرص على إبقاء البهجة حاضرة في الأعراس، حيث ينتقل من الغناء الثوري إلى الغناء الطربي لإضفاء الفرح وإبقاء الابتسامة والرقص في الأعراس الحلبية.
يبدي شمس الدين امتعاضا كبيرا من مواقف غالبية فناني حلب الذين يتهمهم بأنهم أصبحوا "شبيحة الفن"، ويرى أن مصير هؤلاء متروك للشعب الذي سيقرر مصيرهم وكيفية التعامل معهم بعد الثورة.
وختم بالقول "أنا شخصيا لن أتعامل مع من كان يغني للنظام ويرقص في ساحة سعد الله الجابري بحلب، بينما كان إيقاع دبابات النظام يضرب الأحياء الحلبية ويوقع عشرات الشهداء والجرحى".