سؤال في اللغة

هل يصحّ أن نقول: حضر الحفلَ حوالَي ألف شخص؟
الكلمات (حول)، و (حَوال) و (حوالَـى)- الشيء أو الشخص تعني الجهات المحيطة به، وهي ظروف مكان.
وردت (حوالَـى) في حديث الاستسقاء، إذ دعا الرسول عليه السلام فقال:
“اللهم حوالَينا لا علينا”!
والمعنى أن يكون الغيث في مواضع النبات والشجر، لا علينا في مواضع الأبنية.
غير أن استخدام (حوالى، وتصبح عند الإضافة للضمير= حوالَي) وارد كثيرًا في لغتنا المعاصرة بمعنى نحو، زهاء، ما يناهز أو يقارب، وقد ترد (حوالَيْ) مثنّى (حَوال) مضافة لغير الضمير- حوالَي بيته، وكما سنرى في الشعر أدناه-.
بسبب االخلاف في صحة (حوالَي) في اللغة وافق مجمع اللغة العربية في دورته الآربعين- آذار 1974، على قرار لجنة الأساليب والألفاظ بأغلبية الأصوات بقبول (حوالَي) بمعنى زهاء، وألا تقتصر على المكانية فقط.
فلا بأس إذن في صحة الجملة التي سألت عنها عزيزي.
غير أني لم أجد في الشعر العربي -ما استطعت إلى ذلك سبيلا- لفظة (حوالي) بغير معنى (حول).
يقول المتنبي في قصيدته التي يهجو بها كافورًا الإخشيدي:
أيدٍ مقطعةٌ حوالي رأسه *** وقفًا يصيح بها ألا من يصفع
ومن شعر حافظ اخترت لكم:
وابنوا حوالَيْ حوضكم من يقظة *** سورًا وخطّوا من حذار خندقا
شخصيًا أفضل استخدام “نحو ألف شخص”- (نحو، ومعناها في اللغة- مقدار، قصد، طريق، جهة…)، أو زُهاء ألف (معناها في اللغة- مقدار)، وهذه الواردة كثيرًا، بل غالبة في كتب التراث.
مع ذلك، وفي أثناء بحثي وتجوالي بين الكتب الأدبية واللغوية قرأت في (معجم الشعراء) للمَرْزُباني – ت. 994 م- وفي ترجمة محمد بن نصر الكاتب:
“ويكنى أبا بكر، ويعرف بالزحوفي، لأنه كان يتعاطى علم العَـروض والزِّحاف فيه، فغلب عليه، توفي حوالى الثلثمائة”.
يعني أنه توفي زهاء سنة ثلاثمائة للهجرة.
معجم الشعراء ، ص 828.
وفي كتاب متأخر كتبه عبد الحي حسني (ت. 1923 م) – “نزهة الخواطر وبهجة المستمع والنواظر” يكتب المؤلف عن الشيخ أجمل بن محمود أنه أحد الأذكياء الماهرين في الصناعة الطبية:
“وزار بغداد والمشاهد حوالي سنة 1323 هـ” الكتاب ورقة 5253.
بالطبع لا نستطيع أن نعتمد في التوثيق على هذا المصدر المتأخر.
مع ذلك، فالاستخدام بمعنى (ما يقارب، زهاء) ورد رغم ندرته، فلا نتعجل بعد قرار مجمع اللغة العربية في أن نحكم بالخطأ على من استخدم (حوالي) فـي نحو: “حضر الحفل حوالي ألف شخص”.
(حوالي) تعني في الدارجة وفي اللغة المعاصرة (حول) وكذلك (عددًا يدور حول)، ويكون بعدها مضاف إليه، فعمره حوالي عشرين سنة، وقرأ من الرواية حوالي خمسين صفحة.
وتعرب حسب موقعها من الجملة مثل كلمة (نحو).

ب.فاروق مواسي