حكاية عشق قديم
تاريخ النشر: 08/05/16 | 16:25في ذلك الوقت الذي لم يدخُلْ بعدُ في الرّوزنامة، قبل أن تسقطَ ريشةُ الطّيرِ في الدَّوّاةِ، قبل أنْ نُدثّرَ موتانا بمرثيّةٍ وحَيْرةٍ على ورقِ البَردي وجلد الأيّلِ الوحشيِّ، قبلَ أن يكتملَ النّقشُ على جُدران الكهْفِ، كانت هي ما تزالُ تتعرّى، خيطًا خيطًا، بتلةً بتلةً، ورقةً ورقةً.
كان لها أنْ تتخيّل ما تشاءُ؛
لها أن تتسلّقَ على وهمٍ عسليٍّ، وعلى شجرٍ يركضُ نحو الشُّموس المتوالية.
لها أن تقلعَ آلهةً من سمائِها، أن ترزعَ ألهةً في سقف حديقتِها، وأن تتمنّى نافذةً من الزّجاج، تطلُّ من خلفِها على ما تيسَّرَ من عواصِف.
كان لها أنْ أن تُرخيَ شعرَها، مَطَرًا فاحِمًا، على وجهِها المفعم بالمعادنِ البتولِ، وأنْ تجدلَه ذؤاباتٍ اسمُها أنهارٌ.
لها أنْ ترتديَ القمرَ المُصابَ بالخفرِ الفضّيِّ وبالشّفافيةِ، قميصًا لنومِها الطّفيف.
لها أن تزرعَ وجنتَيها شقائقَ نعمانٍ، حين تخجلُ، وأن تملأ مرآتِها بالفصول.
لا يعرفُ أحدٌ اسمَها.
وها هي ما تزالُ تتعرّى، ورقةً ورقةً، شجرةً شجرةً، جبلًا تلو جبل، وتستريح على سهولِها.
وعندما يشتدُّ الخريف، يجيءُ حبيبُها، على صهوةِ الغيم.
فتقومُ الفوضى الجميلة من سُباتِها، مرّة أخرى، على إيقاعِ المَطَرِ الأوّلِ والأخير.
بقلم: فريد غانم