في ألأنتخابات وهل ذيل الكلب يصح
تاريخ النشر: 11/10/13 | 6:55طرق بابي..وعندما فتحت له..اصطدمت عيناي بعينين تشعان خجلا وحياء ..كان هو ..سامرابن جارنا ..عبد الله الجعفري ..
كانت هذه المرة الاولى التي يطرق فيها بيتنا .. بيت جيرانه ..!!
نحن نعيش في حي واحد, ولكن "قطيعة " تربط "بيننا ..قطيعة كدنا ننسى بدايتها وأسبابها..!!
هذه القطيعة بدأت ,قبل ان ترى عيني سامر النور..أجيال عديدة ولدت وترعرعت , وهي تتعايش معها ,دون ان تعرف اسبابها ..
فتحت له الباب ..ودخل بعد كادت رجلاه ان تخوناه , التصفتا بالأرض.. وبذل جهد كبيرا حتى, استطاع ان يخلعهما منها ..
وعند أول كنبة اصطدم بها .. رمى بنفسه عليها, متخذا منها ملاذا يحتمي به من عناء السير في داخل البيت ,وعندما عرضت عليه ان يجلس على كنبة أخرى في صدر الصالون ,اعتذر بشدة.. اعتذارا فيه رجاء ..!!
,فأشفقت عليه ..وتركته يلملم تشتت أحاسيسه وأفكاره ,ليستعد لمكاشفتي في أسباب زيارته المفاجأة لي !!,
في هذه اللحظات ..أبت صور ذكريات السجن ألا أن تهاجمني ..ظلامه ..اهاناته ..صور السجانين الذين كانوا يدوسون بنعالهم على كرامة ألأنسان فينا …!!
ليست هذه المرة ألأولى التي تداهمني هذه الذكريات ..بل كانت "تزورني " كلما رأيت أبي سامر او أحد أولاده ..!!
والقطيعة في حينا.. لا تقطع ألأخبار..فتفاصيل حياة كل واحد من سكانيه, مكتوبة بأحرف من طين ,على تراب كل زقاق من أزقته ..وعلى كل حيط من حيطانه ..فصوت فتح وأغلاق الشبابيك,هي جزء من لغة حارتنا ..!! ..وأضاء ة أوأطفاء ألأنوار في بيوته, هي جمل مفيدة تنقل أخباره ..وتحكي حكاياته …!!
..وانخفاض وارتفاع ألأصوات ,هي وسيلة اتصال جيدة بين أبناءه ..!!
أن هذه اللغة خاصة بحارتنا ..لا يفهمها ألا ساكنيه ..!!
وكل الحارة تعرف ان سامر العبدالله ,درس المحاماة في الجامعة , ونال الشهادة بأمتياز , وأستأحر مكتبا في المدينة, وبدأ منذ أسابيع يمارس مهنة المحاماة . ..
– كيف حالك يا سامر ..؟ حاولت تكسير صفائح الصمت الثي كادت تخنقنا ..
– الله يسلمك يا عمي ..أستل كلمات من بين حزم الخجل, التي كانت تتماوج على وجهه ..
-الى أين وصلت يا سامر ..!؟..حاولت ان استدراجه بالحديث ..
-افتتحت مكتبا للمحاماة قبل اسبوعين .. و..
-الله يوفقق ..!! قاطعته لأوفر عليه مشقة معاناة ,شرح أمرا ,لابد أنه قد سئم تكراره ,ولأصل معه الى السبب الذي ساقه الى بيتنا ..
– يا عمي..اني قد عزمت على ترشيح نفسي في ألأنتخابات المقبلة..!!قال وكأنه يرمي بقنبلة بعيدة عنه ,ولا يدرى ما الذي ستحدثه من أضرار لما يحيط به ..!!
– الله يوفقق وينجحك .. ولكن أنا ..
– لقد قررت أن أدخل كل بيت في الحي,طالبا منهم تأييدي والتصويت لي ولقائمتي..!!قاطعني بعد ان فهم ما كنت قد عزمت على قوله ,لأحاول ان أ تملص وأهرب من عرضه ..!!
– رمى بشباكه في بحر مائج..وابتعد ,ينتظر النتيجة …!!
– هكذا كان ابيه…ينصب في بحر مآسي الناس,ليصطادهم ,ويرميهم بين فكي سلطات الدولة , التي كانت فاتحة شدقيها لأفتراسهم ..!!
– عائلة يجبرها فقرها وعوزها ,على دفع كل ثمن من أجل أ ن "يتوظف " أحد أبنئها ..ورب أسرة بحاجة الى تصريح ,يمكنه من العمل عند اليهود ," لينتش " من بين أنيابهم بعض الليرات ,"تبل ريق " "كوم من اللحم " يملأون المصطبة ..!! وآخرلديه مريض أستعصى على ألأطباء القريبين شفاؤه ,ويحتاج الى تصريح ,ليصل الى طبيب مختص ,لعله يجد عنده الدواء الشافي ..وآخر..
– وخرج اهل بلدنا ومعهم أهل حارتنا ..خرجوا يشاركون جماهير شعبنا لتستصرخ الضمير ألأنساني ,ليقف الى جانبنا في الدقاع عن المسجد ألأقصى .
– وكان عبدالله بيننا ..فاستغربنا ألأمر ..ومنهم من استهجنه ..ولكن ا لبعض قال – ربما تاب الرجل ..ربما مناظرألأقصى المهان قد استطاعت ان توقظ حواسه المطمورة عميقا في داخله.وقال آخرون انه كبر وشاب ..والشيب فيه نظرات للماضي قدتصيب ألأنسان بشعور قوي من تأنيب الضميرفيتوب ..!!
– رأيته في المظاهرة يشجع الاطفال الصغار والشباب على رمي الحجارة على السيرات المارة في الشارع الرئيسي ..فتساءلنا :"هل الرجل انقلب من النقيض الى النقيض ..!!؟"
– ورجعت الى بيتي حاولت النوم فلم اسثطع ..ان الصور التي شاهدتها في المظاهرات أطارت النوم من عيوني ..صور الجنود ورجال الشرطة ,وهم يكيلون الضربات للاطفال والشباب والنساء..لم تسمح للنوم ان يغزو عيوني ..!!
فخرجت الى شرفة تطل على الزقاق الذي يمر من أمام بيتنا ..والبيوت المقابلة له..وكانت الساعة قد تجاوزت الثانية صباحا.. واذا بسيارة جيب بوليسي, تتقدم نحو بيتنا و تقف بجانبه , ويخرج منه اثنان من " الخوجات " فضحهما نور مصباح كهربائي بضيئ
– الشارع ,كان جيراننا قد نسوا اطفائه.. نزلوا من السيارة ,ودخلوا الى بيت جارنا عبد الله ..!!
– فذهلت وتكشفت لي ألأمور ..وتأكدت بعد ان كان الشك يعصر قلبي ان عبدالله,نزل الى المظاهرة ,كي يتصيد الناس, ويرميهم في فك السلطات الظالمة ..وتذكرت المثل الشعبي الذي يقول :" ذيل الكلب لا يصح ..!!"
– وفي الليلة التالية كان لقاؤنا في السجن..أنا والكثيرون من من شباب ورجال البلد..وعندما أنكرنا اشتراكنا في المظاهرة "رموا امامنا صورنا ..لقد صورنا "بالجرم" المشهود ..!!
– وقضينا في السجن أياما , وخرجنا على ذمة التحقيق ..بعد ان " بصمونا " وأرونا نجوم الظهر من ألأهانات التي وجهوها لنا وللأقصى الذي نتعبد فيه ..!! وقالوا لنا ان عين الدولة ساهرة لا تنام, ولن يفلت منها كل من تسول له نفسسه, ان يخألف أنظمتها وقوانينها ..!!
– واستمر عبد الله في "تربية" لحيته ..واشتر مسبحة فيها من الحب مئة حبة محبة ..وحج البيت الحرام ..وأصبح من رواد المساجد ,يتنقل من مسجد الى مسجد ..الا من مسجد واحد لم يدخله أبدا..!!مسجد حينا ..أقرب المساجد الى بيته ..لأنه كان يعرف ,أنه لا يستطيع ان يبيع بضاعته في كل مكان ألا في حينا ..فهم يعرفونه..ويعرفون أن:"ذيل الكلب ولا مرة بصح ..!!"
– وامتلات حارتنا,بصور وشعارات ابنه سامر ..تبرق بالشبابية والمصداقية..ومصلحة البلد ومستقبلها..الى ما هنالك من الوعود الرنانة المجترة والفارغة ..!!
– ولكن السؤال الذي سيبقى يحير أهل حينا : "هل ذيل ابن الكلب , مثل ذيل ابيه لا يصح ..!!؟" .