الآثار الإقتصادية للطلاق في مصر
تاريخ النشر: 13/05/16 | 0:55فقد وصل عدد المطلقات إلى 3,230 ملايين مطلقة وتلك نسبة سيئة للغاية وما يترتب عليها من آثار سلبية جدا على الزوجين والأبناء .
أن الأسباب غالبا تكون اجتماعية واقتصادية وسياسية فضلا عن نقص الوعي أو إدمان المخدرات، وانتشار المواقع الإباحية على الانترنت، ما جعل هناك تزايدا في نسب الطلاق . ومن جانبها أعلنت محاكم الأسرة أن 240 حالة طلاق تقع يومياً، بمعدل حالة طلاق كل 6 دقائق،حتى أنه في كثير من الأحيان لا تكاد تستمر ساعات الزواج لعدة ساعات وكان إجمالي عدد حالات الخلع والطلاق عام 2015، 250 ألف حالة طلاق وخلع بمصر، بزيادة عن عام 2014 بـ89 ألف حالة.
وفى استبيان عُرِض على الكثير من المواطنين لاستنتاج أساب الطلاق كانت أهمها (عدم الإنفاق – سوء الحياة الجنسية – ختان الزوجات – الإساءة الجسدية – الخيانة الزوجية – صغر السن – الحموات – الخلافات الدينية والسياسية –
يحاصر المجتمع المطلقة بنظرة فيها ريبة وشك في سلوكها وتصرفاتها مما تشعر معه بالذنب والفشل العاطفي وخيبة الأمل والإحباط مما يزيدها تعقيداً ويؤخر تكيفها مع واقعها الحالي فرجوعها إذن إلى أهلها بعد أن ظنوا أنهم ستروها بزواجها وصدمتهم بعودتها موسومة بلقب “مطلقة” الرديف المباشر لكلمة “العار”
عندهم وأنهم سيتنصلون من مسئولية أطفالها وتربيتهم وأنهم يلفظونهم خارجاً مما يرغم الأم في كثير من الأحيان على التخلي عن حقها في رعايتهم إذا لم تكن عاملة أو ليس لها مصدر مادي كافٍ لأن ذلك يثقل كاهلها ويزيد معاناتها، أما إذا كانت عاملة أو حاملة لأفكار تحررية فتلوكها ألسنة السوء فتكون المراقبة والحراسة أشد وأكثر إيلاما
وأبرز ما يفعله الزلزال الاجتماعي الأسري (الطلاق) على الزوجة هو العوز المالي وزيادة الأعباء المالية على المرأة المطلقة مما يجعلها من أكثر الأطراف تضررا من الناحية الاقتصادية مما يؤدي إلى انخفاض في المستوى المعيشي.
الضرر الواقع عليه من كثرة تبعات الطلاق المالية كمؤخر الصداق ونفقة العدة ونفقة وحضانة الأولاد، الأمر الذي سينعكس أيضاً على الزوجة الثانية وأولادها، هذا إذا قبلت به زوجة أخرى لترعى مصالحه وأولاده في ظل وجود الأعباء المالية عليه الناتجة عن الطلاق فإذا كانت الزوجة هي التي تطلب الطلاق فليس لها الحق في أن تطالب بأي نفقة، ولكن لها نفقة العدة التي يحددها الشرع
ومدة العدة كما هو معروف 3 أشهر وعشرة أيام، أي أنه من حقها أن تحصل على نفقة فترة الثلاثة أشهر فقط، وإذا كانت حاضنة يحق لها أن تحصل على نفقة أبنائها الذين يعيشون معها، وفي حالة بلوغهم سن الرشد فإنهم يخيرون وإذا ما اختار أي منهم أن يعيش معها، فمن حقها أن تحصل على نفقة أبنائها الذين يعيشون معها وقوله : ” فلا جناح عليهما فيما افتدت به ” البقرة: 229،
أن تكاليف الطلاق الرسمية في مصر والتي تتحملها الخزانة العامة للدولة من جراء حالات الطلاق تبلغ نحو 13 مليارات و750 مليون جنيه تقريبا من خلال مصروفات التقاضي ومرتبات القضاة والنيابة العامة والخبراء والمستشارون والعاملون بالنيابة العامة من سكرتارية وموظفين وإداريين هذا فضلا عن تكلفة الحراسات الأمنية الضرورية للمحاكم أثناء نظر هذه القضايا وأثناء تنفيذ الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية وخاصة في قضايا قائمة المنقولات والنفقة ومصروفات المحاكم وأتعاب المحامين.
التكلفة الاقتصادية للطلاق في مصر والتي تنقسم إلي تكاليف مباشرة وتكاليف غير مباشرة أما التكاليف المباشرة فهي التي تتمثل في المبالغ والأموال التي تتكبدها الخزانة العامة للدولة أثناء وبعد نظر الدعاوى القضائية المتعلقة بالطلاق أو المترتبة علي حالات الطلاق والتي تتمثل في تكاليف المحاكم التي تنظر هذه القضايا والتي تشمل مرتبات وكلاء النيابة والقضاة وسكرتارية النيابة والمحاكم وموظفي النيابة العامة والمحاكم والمستشارين الاجتماعين والخبراء حيث يقدر وقت القاضي علي أساس أن متوسط الأجر الشهري هو 6000 جنيه للقاضي وعلي اعتبار أن القاضي يعمل 200 ساعة شهريا تشمل وقت الجلسات والمداولات ونظر الدعاوى والإطلاع علي القوانين بكافة أشكالها
وهو ما يعني أن كل ساعة من وقت القاضي تقدر بنحو 35 جنيه مصرية وبالنظر إلي قضايا الأحوال الشخصية وتحديدا قضايا الخلع والطلاق والنسب والنفقة وغيرها من قضايا الأحوال الشخصية المتعلقة أو المترتبة علي حالات الطلاق نجدها تستغرق مع القاضي نحو عشر جلسات في المتوسط وعلي اعتبار أن كل قضية تنظر في ساعة فإن تكلفة القضية الواحدة بالنسبة للقاضي تقدر بنحو 250 جنيه يضاف إليها تكلفة الطلاق بالنسبة للموظفين المدنين العاملين بالمحاكم والذين تبلغ متوسط مرتباتهم 1400 جنيه وتصل مدة أعمالهم بالمحاكم نحو 200 ساعة شهريا
بالإضافة إلي التكلفة الأمنية الناتجة عن حالات الطلاق والتي تتمثل في أعمال الحراسة بدءا من المحاكم وحماية المحكمة و المستشارين والقضاة ووكلاء النيابة و الموظفين أثناء وبعد نظر الدعاوى وانتهاء بالإجراءات الأمنية اللازمة لتنفيذ الأحكام المتعلقة بالطلاق والتي تقدر تكلفتها بأكثر من 2 مليار جنيه تتحملها الخزانة العامة للدولة
يضاف إلي ذلك أتعاب المحامين التي تتحملها وزارة العدل بالنسبة للمواطن غير القادر علي توكيل محام عنه أو الممتنع عن توكيل محام عنه حيث تضطر المحكمة إلي تعيين محام عنه طبقا للقانون والدستور
يضاف إلي ذلك مصروفات التقاضي الإدارية ورسوم المحاكم والمكاتبات والمراسلات والانتقالات والاتصالات وقيمة الأدوات اللازمة للقضايا مثل الأوراق والأقلام وأدوات الكهرباء والمياه والمصروفات النثرية الأخرى والتي تبلغ في المتوسط 800 جنية تقريبا في القضية الواحدة
متوسط تكاليف قضية الطلاق الواحدة في مصر بنحو 81 ألف و195 جنيه مصرية تشمل كافة المرتبات والمصروفات والمكاتبات والحراسات ومصروفات المحاكم الإدارية من مياه وكهرباء وغاز طبيعي وخلافة
أما التكاليف غير المباشرة فتتمثل في مصروفات ما بعد الطلاق وذلك بخلاف تكلفة الطلاق الفعلية التي تتكبدها الأسرة المطلقة بنحو 981 ألف جنية تقريبا بالإضافة إلي تكاليف ما بعد الطلاق وبعد أن يضطر كل طرف من الطرفين إلي فتح منزل جديد بمفرده فإن الأسر المطلقة تتكبد مبالغ تزيد عن 41 مليار جنيه تشمل مقدم الإيجار والإيجار الشهري ومصروفات النفقة والأولاد والمعيشة وبالإضافة إلي هذه التكلفة تشكل قضية الطلاق بعدا قوميا آخر حيث تحدث أزمة قومية سنوية وخاصة في الإسكان والعقارات حيث يضر المطلق أو المطلقة إلي الانتقال إلي شقة جديدة للسكن بها فيتضاعف عدد الشقق المستغلة
مما يزيد من اشتعال سوق العقارات ورفع قيمة الإيجارات وبالتالي رفع القيمة السوقية لعقارات هذا فضلا عن أن السكن الجديد يستلزم شراء الأدوات اللازمة للحد الأدنى من المعيشة مثل الأساس والأدوات الكهربائية والمنزلية وبالتالي يستلزم ذلك استهلاك إضافي للمياه والكهرباء والغاز الطبيعي والنقل والمواصلات وجميع هذه الخدمات مدعومة من الدولة بمبلغ يصل إلي 40 مليار جنيه وهو ما يعني اقتطاع جزء جديد من السلع والخدمات المدعمة من الدولة
ومن التكاليف غير المباشرة للطلاق والتي تتكبدها الدولة حتما فتشمل التدهور الوظيفي وانهيار كفاءة العامل بعد انفصاله عن زوجته أو بعد تفكك أسرته فان خسائر الموظف العام في عمله شهريا بعد انفصال أسرته بنحو 1040 جنيه شهريا بينما قدرت الدراسة خسائر الزوجة المطلقة في عملها بنحو 572 جنيه شهريا وأن كلا منهما يعمل بأقل من 50 % من طاقته العملية وكفاءته الإنتاجية و بحصر جملة تكاليف الطلاق المباشرة التي تتحملها الدولة بنحو 17 مليارات و850 مليون جنيه مصرية يضاف إليها ضعف هذا المبلغ خسائر غير مباشرة باعتبار أن قضية الطلاق الواحدة تبلغ تكاليفها المباشرة وغير المباشرة نحو 298 ألف و200 جنيه تقريبا فيصبح إجمالي تكاليف الطلاق في مصر نحو 35 مليار جنيه تقريبا
في معظم الحالات يمثل الطلاق تدميرا لحياة الوالدين و لحياة الأبناء أيضا , و التأثير الأكبر يكون على الأولاد و نفسيتهم لما يشعرون به من حيرة حول ما حدث بين الوالدين , فذلك له تأثير نفسي و سلوكي و من الممكن أن يؤدي إلى أمراض عضوية و عقلية نتيجة فقدان أحد الوالدين بسبب الطلاق , و له تأثير على الدراسة و العلاقات الاجتماعية و الصداقات مع الآخرين و النوم الكثير أو السهر الكثير و العصبية و كثرة الخلافات
لذا من المهم التركيز على الرعاية و الاهتمام بالأبناء لمساعدتهم على التعامل بشكل صحيح و منطقي في حال حدوث الطلاق . و كذلك المرأة ما تعانيه من ألم الطلاق و نظرة المجتمع لها , مما يؤدي بها إلى سلك طرق غير صحيحة لتأمين رزقها , و جميع هذه الطرق تؤثر سلبا على المجتمع 3- كثرة الجرائم و تزعزع الأمن في المجتمع و زيادة الانحراف و الأمراض النفسية , كل ذلك يعود سببه إلى تشرد الأطفال بعد طلاق الوالدين و قلة الرعاية لهم و التفكك الأسري الذي دفعهم لأن يتجه إلى سلوكيات غير سوية.
د.عادل عامر
كاتب المقال دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام ومستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم امن المعلومات ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية