العودة لكفر قرع…لحظة من التاريخ

هل يعيد التاريخ نفسه ؟ وهل للنكبات ان تتكرر ، فقد تعددت انواعها في مجتمعنا وشعبنا.ربما القدر، او ان تصرفاتنا سلطت علينا جور الحكم ،وسوء الحظ ليكتب لنا التاريخ ان نولد ، ونعيش في ظل ظروف سياسية ، واقليمية معقدة جدا.
وفي هذه الأيام أشعر بفقدان البوصلة كانسان وعربي ومسلم، نتخبط لا ندري من معنا ومن ضدنا، وكيف ولماذا ،وماذا سيكون مصيرنا في المستقبل القريب والبعيد الغامض.
هنا ديوان لعداسة كفر قرع ريف حيفا ،جنوب قنير وام الشوف، شرقي صبرين ،غربي ام الفحم وعرعرة شمال جنين ،غربي الناصرة ،جنوب خبيزة وام الزينات.هنا كفر قرع بين الساحل وجنين.
حدثني والدي غالب كنهوش يحيى رحمه الله وامي هند أحمد يحيى حماها الله عن تجربتهم في ايام النكبة 1948 حين اضطر أهل كفر قرع مغادرة البلدة وتوجهوا شرقا عبر (خلة السقيع) باتجاه قرية عارة وعرعرة.عشت تجربة اللجوء بلحظاتها عبر ما سمعت مرارا ودونته في ذاكرتي وحفر في ذهني. اطفال حفاة، وام تبكي ،واسرة تبحث عن بعضها وكل في هروب وخوف.رأت مخيلتي دموع الرجال وقهر الأبطال وثبات العزة رغم الظروف القاسية.
أمي ودار سيدي احمد عبد الله يحيى استقروا في قرية عين السهلة الجميلة شمال شرق عرعرة المثلث ومكثوا قرابة العام في ضيافة أهل عين السهلة الكرام وتحديدا بيت آل عيسى دار (محمد العبد).. عم الأستاذ وجيه كبها ابو نضال واهله وامه الحجة زبيدة رحمها الله.
والدي رحمه الله ودار سيدي كنهوش عبد الله يحيى استقروا في حضن ضيافة أهل ام الفحم لكون خوال سيدي من ام الفحم. ومكثوا قرابة العام .
كان والدي المرحوم غالب كنهوش عبد الله يحيى يبلغ من العمر 12 سنة وحدثني كيف كان يذهب لكفر قرع الخالية من اهلها ويأتيهم بشوال من الخبيزة والخضروات لام الفحم.
اما أمي هند احمد عبد الله يحيى حماها الله حدثتني وما زالت الحمد الله واخبرتني عن أدق التفاصيل في المعاملة الكريمة والضيافة الأصيلة وتستمر حتى هذا اليوم العلاقات القوية واهلنا في عين السهلة.
ساروي لاحقا كل التفاصيل ليوثق من خلال رواية (أميرة الشام).
وبعد حوالي عام كانت تحركات ومفاوضات واتفاقية رودوس..وساعلكم لاحقا كيف تلقوا خبر الاتفاقية وفرصة العودة لكفر قرع. ثلاثة ايام فقط فصلت بين عودة اهلي لكفر قرع وبين مصير الهجرة .
تسرد علي القصة وتخبرني امي ان :”سيدك احمد علم من زهدي بيدس وعبد الله التل انه وفقا لاتفاقية رودوس ( لترسيم الحدود الاسرائيلية الأردنية) ستكون منطقة وادي عارة قريبة من الحدود والقرى المهجورة ستكون خارج المنطقة العربية.. فاتصل جدك بباقي اهل البلد منهم في يعبد ومنهم في عرعرة وام الفحم وقرروا العودة لكفر قرع خلال ايام بسرعة قدر الامكان. وهذا ما حصل. يتبع …..

واخيرا اقول :لا تنتهي نكبتنا ما دمنا ظالمين لحقوق بعضنا ولا نحب الخير لبعضنا البعض.
رحمنا الله جميع امواتنا وحفظ الله اهلنا واهلكم جميعا ودمتم بالف خير.

المحامي محمد غالب يحيى.( ديوان لعداسة)