بين مدينتين
تاريخ النشر: 16/05/16 | 6:09في الطّريقِ الكرتونيّ، بين المدينةِ المُكتظّةِ بالشّهواتِ الأرضيّة، المُغلّفةِ بالورَقِ السّماويِّ، وبينَ مدينةِ الله التي انسحبَت منها الأشجارُ والتّلالُ وتناسلَ فيها الزّجاجُ، صحَوْتُ عشرين مرّةً.
ذكرياتٌ جميلةٌ تبتعدُ عن بعضِها، في مساحةٍ تنكمشُ ودروبٍ تطولُ فوقَ طاقتِها.
قوافلُ عربيّةٌ تحطُّ في الهامشِ المحفورِ وتُوتِّرُ مطّاطَ الوقتِ حتّى نُقطةِ الانقطاع. أسباطٌ يهوديّة تأتي من الصّحراء، تكسِرُ رَملَ الطَّريقِ وتُقيمُ خيامًا من الإسمنت.
ملائكةٌ يتعاركون فوقَ رمشيَّ.
كاتبٌ أسمرُ يأتي من آخر الدّنيا، من مدينةٍ مُحاصرةٍ بالرّغوةِ المالحةِ، بتصريحٍ ربّاني.
يعتذرُ ابنُ غزّةَ للعيون المصابةِ بالحَيْرة. يقولُ: توقّفَ قلمي عن البُكاءِ وفرَّت أصابعي من يديَّ، منذُ صارَ الضّوءُ شحيحًا عندَنا.
ثمَّ، في المساءِ المُتسلِّلِ إلى مدينة اللهِ عبرَ الطّرقِ المُتوارِبة، تتشقّق شفتاهُ تحتَ غابةِ الفلوريسنت المعلّقةِ في سقفِ رام الله.
يقول لنا طبيبٌ عابرٌ: لا تقلقوا. تشقّقت شفتاهُ من شدّةِ الكهرباء هُنا. عليهِ أن يصومَ عن الابتسام.
ثمَّ، يخرجُ صباحٌ كئيبٌ من آخرِ كَرْمٍ، فينهمرُ الكلامُ المتعَبُ على حُمرةِ الخَجَلِ المُهاجر.
بقلم: فريد غانم