نجاح عرض مسرحية المتشائل بمسرح الميدان حيفا
تاريخ النشر: 18/05/16 | 0:01عاد الفنان محمد بكري مرة وأخرى ليتحفنا بصدق أدائه، وتعبيره الفذ لنص اديبنا الراحل اميل حبيبي، في رائعته “الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل”، وهذا في عرض خاص ومفتوح للجمهور، جرى يوم امس في مدينة حيفا على خشبة مسرح الميدان. حيث عجت قاعات المسرح بحضور مهيب وغفير، توافد لمشاهدة المسرحية.ويأتي تنظيم هذا العرض في مسرح الميدان، كحدث ثقافي يجمع بين نقاط زمنية خاصة، هي مرور عشرون عام على رحيل اديبنا الكبير اميل حبيبي، وبإتمام مسرحية “المتشائل” وبشكل نادر الحدوث في عالم المسرح، لثلاثين عام متواصلة على الخشبة.
تخلل الأمسية في قاعة الاستقبال، معرض لصور تذكارية وتوثيقية، كانت القيمة عليه الفنانة حنان واكيم، صور شخصية من أرشيف محمد بكري وعائلة حبيبي، صور تعود لعقود أصبحت بعيدة عنا، من خلالها دخلنا لأجواء تلك الهالة لحضور بكري وحبيبي واجتماعهما مع المخرج الراحل مازن غطاس لبناء هذه العمل الخالد، لحظات حنينية كثيرة جمعتها هذه الصور، كانت تقدمة بصرية للجمهور قبل دخوله للعرض.أسلوب حبيبي وأداء بكري وإخراج الراحل مازن غطاس هو لقاء بين قمم في هذه المسرحية، اكان في النص ام في التجسيد ام الاخراج، فهي المونودراما الفلسطينية الأولى، التي غدت ايقونة ثقافية فلسطينية، ومن بين الاعمال الفنية النادرة التي لا تزال تجذب الاف الحضور من جميع فئات مجتمعنا، رغم مرور ثلاثين عام عرضها للمرة الأولى. حول هذا العرض وعن سر استمرار هذه المسرحية بهذا الزخم طوال السنوات، يقول الفنان محمد بكري : “قوة المسرحية من قوة الرواية والنص ومن قوة واقعنا، هي شهادة للتاريخ ولقضية عادلة “.
رواية “الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل”، التي صدرت عام 1974، شكلت تجربة روائية كسرت الحدود في الرواية العربية الحديثة، سواء على صعيد الرؤية أو الأسلوب الروائي، رواية خصنا بها اميل حبيبي نحن من بقينا في بلادنا، لتعكس الحالة التراجيدية الفلسطينية منذ نكبة 1948، بمأساتنا ونكبتنا، وبمفارقات عيشنا الحاضر، والذي نعيشه متأرجحين بين التفاؤل والتشاؤم.
بكري بأدائه المميز، يجسد حكاية البؤس الفلسطيني بسخرية وحرفية عالية، يروي تشريد الشعب الفلسطيني واقتلاعه من أرضه، وإقامة الدولة العبرية اليهودية على أنقاض الوطن الفلسطيني، من خلال شخصية العربي المهزوم، سعيد ابي النحس المتشائل، هو نفسه ضحية النكبة وهو نتاجها، هو الخائف المتأقلم، الباحث عن التكيف، الملتمس للأمن والأمان، والقابل لتقديم كل التنازلات التي تطلبها منه الدولة اليهودية بصورة افراد مخابراتها الحاضرين كالأشباح في حياته، ومع هذا هو الذي يقف في النهاية، ممزقًا في ازدواجيته اللعينة تلك، حين يحمل ابنه السلاح ضد الدولة ويلوذ الى كهف بعيد في الطنطورة. وينتهي الأمر به بالجلوس على قمة الخازوق، عاجزاً عن النزول عنه، ولا يجد أمامه سوى الاستنجاد بالكائن الفضائي، الذي يستجيب له، فيحمله إلى حيث الجنون أو الموت.
ويعتبر هذا العرض فاتحة للتعاون بين مسرح الميدان والفنان محمد بكري، وفي اعقاب نفاذ التذاكر لهذا العرض بعد أيام قليلة من الإعلان عنه، قررت إدارة المسرح ترتيب عروض إضافية للمسرحية سيتم الإعلان عنها لاحقاً.