حلف الفضول
تاريخ النشر: 20/05/16 | 1:45يعرف المتابعون للأخبار المحلية أن الشيخ هاشم عبد الرحمن من أم الفحم بادر لعقد (حِلْف الفُضول) في مدينته، وذلك بعد أن رأى ورأينا من يفسد في الأرض ويسفك الدماء فيها.
عرفنا خبر مبادرته، وعرفنا استقالته، ولم نتبين السبب أولاً وأخيرًا، وما حكاية ما جرى.
لكن من حق قرائي أن يعرفوا قصة (حلف الفضول)، فعدت إلى كتب التاريخ والأدب لأستقي من مناهلها العذبة:
حلف الفُضول في بعض الروايات:
تحالف ثلاثة من جُرْهم اسم كل منهم (فضل) على ألا يروا ظلمًا بمكة إلا غيّروه، وهم: الفضل بن شراعة، الفضل بن قُضاعة، والفضل بن نُصاعة (أو سُماعة).
في رأيي أن هذه الرواية غير مقنعة، فمن هؤلاء الثلاثة؟ ما أثرهم الذي يدل عليهم، وهم من جرهم؟
في تقديري أن أسماءهم موضوعة، وكأنها قوافٍ لقصيدة (شراعة، قضاعة، نصاعة “وفي رواية أخرى سماعة”)؟
لاحظ كذلك أن الحلف عٌقد في دار ابن جُدعان المبادر إلى هذا الحلف بشهادة الرسول الموثوقة.
الرواية الأخرى -وأظنها الأصوب- أن اسم الفضول (جمع فضْل)- أُخِذ من الفضل الذي هو إحسان وشرف لمن تحالف وفقه.
هناك أقوال أخرى في سبب التسمية، فلنعد إلى المظانّ إن أردنا الاستقصاء.
قال رسولنا الكريم في حديث شريف:
“لقد شهدت في دار عبد الله بن جُدعان حلفًا ما أحِبّ أن لي به حمْر النَّعَم، ولو دُعيت إلى مثله اليوم لأجبت”.
كان سبب الحلف أن رجلاً ممن جاورهم من قبيلة زُبَيد، قد ظُلم حقُّـه، وكانت ظُلامته عند العاص بن وائل السهمي، وكانت هناك شكاوى أخرى سمع بها كلها الزُّبَير بن عبد المطّلب الزُّبيدي، فصعد الزبير في الجبل ورفع عقيرته قائلاً:
يا لَلرجال لمظلومٍ بضاعتُه *** ببطنِ مكّةَ نائي الدار والنَّـفَـرِ
إن الحرامَ لمن تمّت حَرامته *** ولا حرامَ لثوب الفاجرِ الغُدَرِ
(هناك روايات أخرى تشير إلى أن القائل غيره)….
وقال:
حلفت لنعقدنْ حلفًا عليهمْ *** وإن كنا جميعًا أهل دارِ
نسمّيه الفضولَ إذا عقدنا *** يقرّبه الغريب لذوي الجِوارِ
قام الزبير هو وعبد الله بن جُدعان، فدعوا قريشًا إلى التحالف والتناصر، والأخذ للمظلوم من الظالم، فأجابت القبائل بمعظمها، وشهد النبي عليه السلام هذا الحلف قبل الوحي، وقد أثنى عليه.
من أحب التوسع فعليه بكتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني ج 17، ص 288- 295، (الروض الأُنُـف) للسُّـهَيلي (ت. 1185م)
ج1، ص 91.
فما أحوجنا في وسطنا العربي إلى مثل هذا الحلف، وإلى أن نتجاوز الخلافات فيما بيننا عند تأسيس أي مشروع إيجابي فيه الفضول والخيرات حتى نتعاون معًا لنصرة المظلوم، وحتى نتعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.
ب.فاروق مواسي