أنىّ للباعة والتجار أن يتقّوا الله
تاريخ النشر: 13/10/13 | 4:30أيها التجار والباعة :
( ومن يتقّ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ) صدق الله العظيم
لقد بلغ تذمر المواطنين الذروه ومن كافة قطاعاته والذي تجاوز بغالبيته خط الفقر الأحمر، والمحظوظون منهم- وهم فئة قليلة جداً جداً، تكفيهم وبالكاد دخولاتهم الشهرية، وغالبية المأجورين من ذوي الدخول المتدنية والغير ثابتة أحياناً، لذا فأنهم يأنّون دائماً من وطأة الديون والعجز أو الحساب السلبي في المصارف، ناهيك عن أولئك الذين ينتظرون وكل شهر من أشهر السنة بفارغ الصبر مواعيد دفع مخصصات مؤسسة التأمين الوطني: الشيخوخة، ضمان الدخل، البطالة، الخلَف، الأولاد، مصابو حوادث العمل، تأمين العجز، محدودو التنقّل، التأمين التمريضي (סעודי)، تأمين المعوقين، وهم قطاع لا بأس به آخذةٌ أعداده بالتزايد سنة بعد أخرى وإذا ما أضفنا إلى هذه الظاهرة مبنى أسرنا المباركة كثيرة الأولاد والبنات فأن الصورة تبدو أكثر وضوحاً وجلاءاً بل وتعقيداً لما يترتب على هذه الكثرة المباركة من طلبات والتزامات، كانت هذه السنة مميّزة عن سائر السنين السابقة لكثرتها أولاً ولتزامنها ثانياً وتسلسلها، حيث كانت بشكل سلسلةٍ قريبة حلقاتها من بعضها البعض: العطلة الصيفية وما ترتب عليها من فعاليات ونشاطات ورحلات ومخيمات للأولاد والبنات، شهر رمضان المبارك مصروفاته ورمضانياته، عيد الفطر معايداته ومصاريفه الجمّة، والسنة الدراسية الجديدة والكل يعرف ما تتطلبه السنة الدراسية من ملابس وقرطاسية وأدوات وكتب مدرسية، ومن ثم عيد الأضحى المبارك القادم علينا بالخير إن شاء الله…
ومما زاد الطين بلّة تزامن أعراس هذا الصيف مع جميع المناسبات التي ذكرناها آنفاً، وكانت أعراساً باهظة تمثلت بالولائم الفخمة والنقوط ثقيل الظل والذي أصبح يشكّل عبئاً يئّن من ثقله الفقراء ومتوسطو الحال، وهم كُثر والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروهٍ سواه، وأمام هذا المشهد المؤلم القاسي، يطل علينا برأسه كالثعبان مشهدٌ أثار معه هذا التذمر الذي ذكرناه في مطلع مقالنا ألا وهو الغلاء الفاحش والاستغلال البشع في جميع مناحي حياتنا: في الملبس، في المأكل والمشرب وفي كل ما يتعلق بالحياة اليومية والمنزلية كالخدمات المرتبطة بالبناء، الماء، الكهرباء، القرطاسية والأدوات المدرسية والقائمة طويلة، وقد تطول وتطول وفي هذا السياق لا بد من نقل كلام أحد المواطنين المتألمين والمتذمرين من هذا الوضع المأساوي، وأنا أنقله بأمانة وإخلاص وحرفياً وكما قاله لي: قال لي وفي كلامه تحّدٍ واضح لكل من يكتب في الصحف المحلية، فيه ألم صارخ: بماذا يفيدنا أن تكتبوا عن الانتخابات والأحزاب ومصر وسوريا؟! هل كتابة كهذه تشبع جائعاً أو تكسي عارياً؟ّ ولماذا لا تعالجون موضوع الغلاء؟! وعن الغلّو في الأسعار وفي كل ما يحتاجه المواطن من مأكلٍ ومشربٍ وملبس؟! ألا تشعرون معنا بما نعانيه من غلاء وفحشٍ في الأسعار؟ّ ألا تحسّون بنبض الشارع؟! أين مخافة الله وأين الأسعار عندنا منها في المدينة الفلانية أو القرية الفلانية؟ّ فيا أيها التجار ويا أيها الباعة ارحمونا، نحن أبناء جلدتكم وشعبكم لعّل الله أن يرحمكم ويغفر لكم ذنوبكم….
وأنا أضيف من عندي لأقول: هنالك بعض الباعة والتجار الرحماء وأنا أعرفهم وألمس مدى تراحمهم مع الناس، ولكنهم قلّة، ولكنهم بصيص الأمل في هذه الظلمة من الاستغلال والغُبن… ونحن على أعتاب عيد الأضحى المبارك، عيد التضحية والفداء وإنكار الذات، أملنا فيكم يا معشر التجار والباعة أن تضربوا المثل في التضحية كما أراد أن يضّحي أبونا إبراهيم بابنه إسماعيل، ألقوا بالجشع جانباً وانبذوه واكتفوا بالربح القليل الحلال والمقبول وحتى نستمتع جميعنا ببهجة العيد، وتكون في الناس المسّرة… ولو تراحمنا ما كان بيننا مظلوم ولا مغبون.
ارحموا من الأرض يرحمكم من في السماء «ومن يتقّ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب»- صدق الله العظيم .
وكل عام وكل عيد وأنتم بخير
جزاك الله خيرا