كُلَّما
تاريخ النشر: 13/10/13 | 4:46كُلَّما أجِدُني جألِسًا مَعَ ذاتي أسائِلُها وأحاوِرُها
أراني جالِسًا أفْتَرِشُ التُّراب في حَضْرَةِ أبْناء امّي
الأقْدَم سِنًّا وَزَمَنا ، كَلْكامِشْ ، لوتْسي وابن المعرة
أصْغي ، بِأذنٍ نَبِهَةٍ وَعَقْلٍ مشْرَعٍ على أكْثَرَ مِنْ مَدى ،
لِما عَلَّمَتْهُم الْحَياة ، عَلّمَتْ كثيرينَ وَعَلَّمتني .
***
قالَ كلكامِشْ،
كما فهمتُ ساعة شُبِّه لي أني أصغي لما يقول :
الموتُ مَسارُ حياة وَهْوَ شَرْطُها
شَرْطُ تَحَلُّلِها ، تَحَوُّلِها وَتَجَدُّدِها .
***
حدَّثَ لوتسي ما أبهَجَني ، فَصِحْتُ مرحى ،
سَمِعْتُهُ يَهْمِسُ صائِحًا :
الْوَعْيُ يا كُنْفوشْيوس نَقيضُ كُلِّ مَوْعِظة
أدْرَكْتُ عِنْدَها ما سَمِعْتُهُ ، في ساعة نَبْشٍ ، مِنْ قليلين آخرين ،
الْوَعْيُ وَليدُ حِوارٍ بيْنَ الذاتِ وما يُحيطُ بِها مِنْ تَجَلِّياتِ حَياة
وَوَليدُ ثالوثٍ حَياتيٍّ ،
هُمُ الْعَمَلُ ، التَّجْرِبَةُ والْمَعْرِفة .
أدْرَكْتُ ساعَتَها أن الوَعْيَ شَرْطُ الإدراكِ
لِما يَجْمُلُ بِنا أنْ نكونَ فَنَكون .
***
في تلك الْلَحْظة السابحة بينَ نَهْرِ نورٍ وَبِحارِ ظُلُمات
وَجَدْتُني ،
مُصْغِيًا بانْبِهارِ سابِحٍ بَحْثا عَنْ ضِفافِ مَعْرِفَةٍ جَديدة ،
مُصْغِيًا لنَشيدِ أبي الْعلاء :
" خَفِّفِ الْوَطْء ما أظُنُّ أديمَ الأرض إلاّ مِنْ هذِهِ الأجسادِ " ،
فازْدَدْتُ فَرحًا إذ لاحَ لي قَبَسُ نور .