قراءة في رواية رائحة الزمن العاري لهيام قبلان
تاريخ النشر: 24/05/16 | 17:49قرأت الطبعة الثانية لرواية ” رائحة الزمن العاري” للكاتبة هيام مصطفى قبلان وهي رواية تحوي 228 صفحة .
هيام شاعرة وكاتبة متميزة في العديد من المجالات الأدبية ولها الإصدارات العديدة من شعر ونثر، ومنها : انزع قيدك واتبعني، آمال على الدروب، همسات صارخة، وجوه وسفر، بين أصابع البحر، طفل خارج من معطفه، لا أرى غير ظلّي غيرها.
من الصعب حقا أن يكون الإنسان امرأة في هذا الشرق، حيث تناضل المرأة العربية من أجل المساواة، وهذا لا غبار عليه ، وخاصة حين يكون نضالها مقرونا بوعي اجتماعي وسياسي شامل، متوازياً مع النضال ضد الاستبداد والقهر والظلم، سعياً إلى رفع القيم الإنسانية كلها ومن بينها حق المرأة في المساواة .
تلجأ كاتبات عربيات من مدرسة ما يسمى ب”الأدب النسوي” إلى اغراء القارئ ، بدءا بعنوان إصدارها وليس انتهاءً بمضمونها : تتمثل باستنساخ الصورة الغربية (النمطية) عن المجتمع العربي بتسلّط الرجل على المرأة وعبوديته وقهره لها باعتبار هذه المفردات جزءًا من القيم الدينية وإرثًا عربياً أصيلاً لا يمكن التنازل عن ذرة منه، ويبدو فيها المواطن العربي بشعاً وكريهاً ومنغلقاً – سعياً إلى إرضاء المؤسسة الغربية النخبوية وما أسمّيه “الاستغراب” (التماثل مع الغرب).
ولكن هيام قبلان المتمرّدة والمبدعة لم تقع في هذا الفخ وتمكنت من إعانتنا على رؤية الحياة من زاوية جديدة بجمالية عالية ومكّنتنا من طرح أحلامنا وهواجسنا والنظر إليها بجديّة واحترام كبيرين بعيداً عن النزعة الحسية المجرّدة.
هيام كاتبة متمرّدة على العادات والتقاليد ونصيرة المرأة ، تهتم بشئون أبناء شعبها: مقت العملاء، باعة وسماسرة الأرض، الخدمة العسكرية الالزامية المفروضة وغيرها.
تطرقت هيام للحقوق: الأرض، التّمييز العنصري ضد العرب، مصادرة الأراضي لإقامة المستوطنات، محاولة التهويد والأسرلة وطمس الهوية الفلسطينية.
ثارت هيام ضد الرجل وانهزاماته وخنوعه للتقاليد ونظرته الفوقية مقابل دونية المرأة، وصرخت ضد تهميش المرأة، منادية بتحررها من القيود الاجتماعية والمجتمع الذكوري والعادات المتوارثة ومنها “إجبارها” على الزواج بسبب ضغوط اجتماعية.
في الرواية وقفت هيام ضد سلطة الأب/الأخ/الزوج/العم/الخال التي تقيّد حرية المرأة – بما فيه الخروج من البيت والزواج وغيرها.
الكاتبة هيام تحدّت التابوهات المتوارثة ، تطرقت بجرأة لانتهاك الجسد ومعرفة الانسان به وتطرقت لهذا الواقع بصراحة فهزار –بطلة الرواية- تتحدّث عن أحلامها، حاجاتها، تطلعاتها، سخطها على المجتمع والقيود المفروضة عليها وحقها الطبيعي بفك القيود لتتعاطى الجنس وتمارسه بشغف مع من تميل اليه – مع كأس نبيذها الأحمر وأدهم العشيق و نبيل الحبيب وتتمنع عنه مع الجنائني والعم وتمقت نظرة الأخ نزار والزوج كريم اليه.
تتميّز الرواية بلغتها السلسة، الانسيابية والشاعريّة وتنضح برائحة المرأة والوطن وما بينهما واضعة النقاط على الحروف، حيث باتت الخيانة وجهة نظر …
المحامي حسن عبادي