الدبكة الفلسطينية تبث الدفء بأوروبا الباردة
تاريخ النشر: 18/10/13 | 22:00يبدأ العرض الراقص "بدكة" "تحوير لكلمة دبكة" التي يؤديها مجموعة من الراقصين الفلسطينيين في الظلام بأصوات وأجسام تتحرك وأقدام تضرب على الأرض. وهو تمهيد راقص سرعان ما يظهر في النور ليأخذ المشاهد في رحلة من الموسيقى والألوان والمرح.
هكذا يتحدث كل الذين شاهدوا العروض المختلفة التي قدمتها الفرقة الفلسطينية في بروكسل قبل انتقالها لتقديم العرض في مدن بلجيكية ودول أوروبية أخرى.
فقد لخص الناقد الفني جان ماري وينانت هذا العرض الفلسطيني البلجيكي الذي احتفت به الصحافة في كل الأماكن التي مر بها حتى الآن بالقول إنه "طاقة من الإعصار والابتسامات والأجسام التي تقفز".
وتعد المجموعة التي قدمت عرض "بدكة" غير متجانسة تماما، فبعض أفرادها لديهم تكوين في السيرك، والبعض الآخر في الرقص المعاصر، وأيضا منهم من تعودوا على رقص الدبكة في الشوارع.
وقد سهر مجموعة من الفنانين البلجيكيين على تكوين هؤلاء الشبان لتقديم عرض ينطلق من تراث الشعب الفلسطيني، وينقل هذه الرقصة التي لها جذورها في تقاليد منطقة الشرق الأوسط كلها إلى أوروبا.
أشكال الدبكة
وتقول روسالبا طوريس غيريرو -وهي راقصة كوراغرافية معروفة سهرت على إخراج عرض "بدكة" بالتعاون مع المخرجة البلجيكية هيلداغارت دوفوست وكون أوغاستاينن-"هناك عدة أشكال من الدبكة، ولكن يمكن التمييز بين نوعين رئيسيين: الشعبية التي يعرفها الجميع وتمارس في مختلف الأعياد واللقاءات العائلية، وأخرى مخصصة في كثير من الأحيان للتقديم في الخارج على خشبات المسرح.
وقالت إنها حبذت الرقص التقليدي، لأن وجوده لا يزال قويا جدا في فلسطين، وأضافت أنه جزء رئيسي من الثقافة التي تتم العناية به بشكل كبير من خلال الممارسة اليومية.
وتشدد روسالبا طوريس غيريرو على أن كل المشاركين في العرض قد ساهموا في إخراجه في حلته التي يقدم بها، وهو ما ساعد على جمع ثروة كبيرة من المواد والمعلومات التي استعملت في عملية إخراج هذا العرض.
وأضافت أن هذه الطريقة ساهمت في التوصل إلى كوريغرافيا معقدة ومتعددة الألحان، "أي إلى نوع من الدبكة المعاصرة التي توافق المجموعة بأكملها، بينما الدبكة هي نوع من الرقص النمطي".
وقد تم تلحين مقطوعة خاصة من قبل أوركسترا ناصر فارس من 55 دقيقة سمحت لزخم الإرادة الجماعية للفرقة بالبروز.
موجة أحاسيس
ويقول دافيد بيستيو الذي حضر أحد عروض الفرقة "كمشاهد يتم نقلك بعيدا في موجة من الأحاسيس تنتج في بعض الأحيان الكثير من الفرح. فالجمهور يبدو عليه الحماس. وهو شيء غريب خاصة أن الراقصين لا يلعبون أي شيء، فهو رقص ووقوف بشكل مثير على خشبة المسرح".
ولم يتخلف العرض عن التذكير، ولو بشكل فني، بالوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فهناك مقطع تتوقف فيه الموسيقى فجأة وتنطفئ الأنوار في آن واحد. وتخيم حالة من التأهب تذكر بحظر التجول. "لحظة جميلة جدا ومؤثرة للغاية. وضع يذكر بما يعيشه يوميا هؤلاء الفنانون في بلدهم" كما يفسر دافيد بيستيو.
وقد تلت بعض العروض لقاءات مع الجمهور لم يخف خلالها العديد من المشاركين في عرض "بدكة" أنهم كانوا لا يحبون رقصة الدبكة. فمنهم من ابتعد عن هذه الرقصة الشعبية للانضمام إلى مشاريع للرقص المعاصر أو الباليه. بينما كان العديد منهم يربط الرقصة بموسيقى الأعراس.
وقد تمكن هذا العرض، بالإضافة إلى إمتاع الجمهور الأوروبي، من مصالحة هؤلاء الفنانين مع هذا الفن الشعبي.