“شرايين الإنوجاد” للفنانة رانية عقل.. صيغة لتجديد الوعي بالإنسان
تاريخ النشر: 02/06/16 | 7:08نص للفنان والناقد التشكيلي سعيد العفاسي حول عمل الفنانة التشكيلية رانية عقل بعملها التركيبي “شرايين الإنوجاد ” الذي تشارك من خلاله غدا الخميس بمهرجان “تحت الفانوس” في عين شيمر والذي يتضمن الكثير من العروض الفنية التشكيلية والعروض المسرحية والموسيقية على مدار ساعات المساء…..
هل الوجود الانساني ، من ناحية الزمان والمكان حالة من التطور المستقبلي يكفي لركوب موجة التحولات في معالجات المباحث الوجودية وهي تعتمد الصيغة الرئيسية للإنسان وإمكانياته الفكرية والنية في محاولة فهم هذه الحالات التي ترتكز على القلق الروحي من الوعي للمشكلة لأنه وعيا تجريبيا، لظاهرات معنية كلها تنبع من الأسس البديهية والتجريبية داخل الإدراك الحسي للإنسان؟، هذه هي الاشكاليات – الحدث – التي تطرحها الفنانة رانية عقل في عملها التركيبي الجديد والمتمثل في تغطية ثلاث فروع لشجرة واحدة بأشكال ثلاث من التطريز الفلسطيني، وهو تطريز يمتلك من هوية المبحث ابعادا رمزية تشارف على الغوص في ثنايا الذاكرة، صحيح أنه يغطي الجذوع الشوامخ بالوجود، لكنه يبقي الجذور تسائل الأرض عن فقه الوجودية الخالصة، في دهاليز الغياب، وهي تئن كثيرا لكي تعطي الجذوع حرية الإنوجاد بالفعل والإرادة الحبلى بما قد يأتي ولا يأتي، فالوجود الشاغل هنا للتطريز يجاور في محاورة بناءة ماضي وحاضر ومستقبل مفاهيم الوجود في ذاته لذاته، إنه لا يخضع لأي تأويل ثابت بل يعيد طرح سؤال الفرع والأصل والأحقية في امتلاك ناصية الأرض، لأننا بالأرض نفهم نواميس الطبيعة لنجترح منها ما يعيد نقاء الإنسان من امتلاك حرية الإنسان.
ان الوجود من أجل الذات بحاجة، الى الوجود الذاتي، وهو العدم، وأن المنطق الوجودي، بكل اشكاله المتناقضة برز من وجود آخر، ولا يمكن ان يتحول المنطق الباطني للوجود، الى عدم، ولكن الفنانة رانية عقل تحدده بالوجود الانساني الذي تسعى إليه لتحقيق صراحة القول والتعبير والتنبيه إلى العقم الذي طال خرائط الطريق التي أتلفها حراك الوعد المهرب في الحق، من خلال وعي المعاناة الوجودية، لينبع منه وجودا مشكلا بتطريز يعيد إثارة الوطن المتمثل في الشجرة، أصلها ثابت في الأرض، وفرعها سامق في السماء، وما بين الجذوع والجذور شرايين وجودية مطرزة بأسئلة ملتهبة، حارقة، غير قابلة للنسيان ولا للتناسي.
لقد حملت رانية عقل على أكتافها صخرة سيزيف، ومعها أفكار التشاؤم، والضياع، والعبث، وعدم الجدوى بالإنسان في هذه الحياة، المبنية على تجاذبات المصالح المؤقتة في انتظار شوط العودة للكشف عن شرايين- التطريز- لفهم جوهر واقعية الوجود الانساني داخل منظومة الكون، وهي تمارس اهتماماتها، في مجال منطق الحقيقة، وواقعية تختلف عن المستحيل لتحقيق الممكن، وقد أشرت هذا الموضوع بواقعية الدلالات – الزمكانية – من خلال منطق المعنى الانطولوجي، وواقعيتها هذه، هي تأكيد للحالة التي تعيشها الأرض – رمز الخصوبة- وعمق وجودية الإنسان، فشرايين الإنوجاد هي ليست الإمكان، ولا ما كان، ولا ماهي فيه، بل ما سيكون عليه، هذا الانسان الفاعل في الجذوع والجذور والأصل والماهية، فالإنسان تواجد في البرية في بداية هذا العالم المعزول، لكنه عرف كيف يطوع الطبيعة بتطريزه نحو تأكيد ذاته، وحريته، وامكانياته، في عمليات تغيير هذا العالم.
إن الترابط الموجود في – شرايين الإنوجاد- بين الجذور والجذوع والتطريز والشجرة والإنسان، هو التحليل – الفنومنولوجي- للموجود الانساني، ولآنيته، بحيث يفصح هذا الموضوع، وهو بمثابة الطريق الذي يؤدي بدوره الى فهم التدقيق في الوجود عينه وعلى هذا المنوال أصبحت فلسفة الشرايين الممتدة أفقيا وعموديا فلسفة انطولوجية، فنومنولوجية، وهي التقنيات التي ولفتها الفنانة رانية عقل في سبيل تبسيط المنهج المستخدم في الاشتغال لتوضيح معنى الوجود، والموجود وتفسيره من الناحية المنطقية، والآنية عندها، وهي التحقيق الكلي للوجود ، والموجود العيني ، من حيث الرتبة الذاتية والفكرية والفنية، هو تأكيد لنوعية المعطيات، الخاصة بالخبرة المستمدة من واقع عاشته عبر أجيال وبشكل مباشر، وكلها تنكشف في الموروث – الزمكاني – في خلاصات الماضي ومورثاته، والحاضر من الماضي ، والمستقبل وخواصه ، من الحاضر.
إن اهتمام رانية عقل بهذا التشكيل الذي يرقى إلى المنشأة الفنية، نابع من تشابكات حياتية ومسيرة من البحث والتأويل، واعمال العقل والتدبر، في محاولة لتجديد الصلة بين الفرع والأصل، والبحث عن صيغ الترابط الذي يشكل الوشائج والخلائق بين مختلف المكونات الإنسانية، ويعيد لشرايين الإنوجاد دفق التساكن من أجل مصالح مشتركة تكشف بلاغة الإبداع والتأويل
بقلم سعيد العفاسي – فنان وناقد تشكيلي
ولك ولوووو
ولك ولوووووووووو خطيرة ناريـــــــــــه