مثل باقاوي محلّي: زي عريس البيادسة

تاريخ النشر: 03/06/16 | 10:19

يُقال: «زيّ أو مثل عريس البيادسة ، تقاتلو مع قرايبه وهوّ صامد»، (وصامد اصطلاح خاص بجلوس العريس على كرسي أو أريكة وبجلوسه هذا يرتفع قليلاً عن الجالسين معه). سألني أحدهم وفي صيغة سؤاله نوع من التحدّي والاستفزاز.
هكذا فهمت من نبرة سؤاله : لماذا لا تتطرق في كتاباتك إلى المثل الذي ضُرب بعريس حمولتك البيادسة ؟ !
أخالك تخجل من تصرّف ابن حمولتك حتى ضُرب بتصرّفه المثل ؟ ! !
قلت: أي مثل تقصد ؟ ! قال : وتتجاهل المثل «وكل شعرة في بدنك تعرفه».
أنسيت المثل “زيّ عريس البيادسة” ؟!
قلت: أعرفه وأستعمله وبفضلي وباستعمالي المتكرر له خرج من دائرته المحلية ليحل في بعض قرى المثلث الشمالي والأوسط، وأنا لا أخجل به مطلقا بل أعتز وأفتخر بالشخص الذي ضُرب المثل به وبتصرّفه العقلاني
فبتصرفه هذا أثبت أنه واعٍ وحكيم وعاقل. وبحسن تصرفه ضرب مثلا رائعا في كظم الغيظ وفي نبذ العصبية الجاهلية البغيضة.
أنا لا أتهرب من التطرّق إليه وكما قلت لك فإنني أستعمله في بلدي وخارج بلدي إذا ما دعت الضرورة لذلك .
وتصّرف ذاك الشخص الذي ينسب إليه المثل يدل على تصرف حضاري وإنساني وأخلاقي وترفّع عن العصبية القبلية، إنه تصرف خاص انفرد به عريس البيادسة في زمن استشرت فيه العصبية القبلية والحمائلية البغيضة ..
وعودة إلى المثل: وأصله أن عريسا من حمولة البيادسة الباقاوية إسمه صالح ، وقعت يوم عرسه “طوشه”بين أحد أفراد حمولته البيادسة واسمه ناصر ويكنى بالغول لقوّته وآخر من حمولة أخرى، ويستعرُ أوار الطوشة ويُصاب العديد ومن كِلا لطرفين . . . ويأتي أحدهم إلى حيث يجلس العريس، والمحتفلون من حوله ، ليقول له: “تحرك، “إفزع” لقرايبك، قرايبك بتقاتلوا مع جيرانهم وأنت صامد” ؟!. ولكن أنّى لعريس البيادسة أن يتحرك من مكانه فقد بقى “صامداً” رافضًا مغادرة مجلسه.
هذا هو عريس البيادسة الذي ضرب مثلاً رائعاً بتصرّفه الأخلاقي والحضاري وبترفعّه عن العصبية الحمائلية وبشعوره بانتمائه المطلق إلى بلده باقة فهو ابن باقة وجميع سكان باقة في نظره هم أهله وذووه. وهذا ما حال بينه وبين التدخل ومساندة أبناء حمولته.
وقلت مخاطبًا سائلي: بالله عليك ألم يكن محقّاً في تصرفه؟ ليتنا نتصرف اليوم جميعنا كما تصرف عريس البيادسة في حينه وقبل قرن ونيّف من الزمن. . .
ولمن يُضرب هذا المثل ؟
لمن لا يساهم في عمل يقوم به جميع أفراد العائلة أو الحمولة كحفل عرس أو وليمة أو مأتم، الكل يشارك إلا من أحدهم اختار له مكانًا في الصدارة مع الضيوف، عندها نقول له أن تصرّفك هذا كتصرّف عريس البيادسة، أقاربه في عز الطوشة وهو صامد وكأن الأمر لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد.
* البيادسه حمولة من حمائل باقة الكبيرة. تُنسب إلى خربة بيدوس وفدوا منها الى باقة الغربية والتي تقع إلى الشمال من باقة الغربية والمُقام على أنقاضها قيبوتس معنيت מענית (الفرد بيدوسي والمجموعة بيادسه) وللحمولة فروع في قريتي جت المثلث وكفر قرع وأعداد قليلة في الضفة الغربية والأردن.
وفدوا إلى باقة الغربية في منتصف القرن التاسع عشر أي حوالي سنة 1840م أي قبل حوالي 175 سنة وأصلهم من جنوب البلاد من بيت جبرين من عشيرة “أبو طربوش”وهم أبناء عمومة حمولة القبهه (أو الكبها) واسعة الانتشار. وهذه الحادثة لم تحدث قبل مئتي عام كما ورد في كتاب “مختارات من قصص الأمثال العربية الحديثة” لمؤلفه السيد عبد الحكيم سمارة الصادر عام 2000م ، وأغلب الظن أنها وقعت بين عامي 1855- 1860 ومن المهم أن نذكر أن لناصر الغول أخوين أثنين هما، صالح وسليمان أبناء عيسى بن حسنه.

بقلم : الأستاذ حسني بيادسة

56

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة