علاقة الرجل بالمرأة في مجتمعاتنا الشرقية
تاريخ النشر: 06/06/16 | 0:35أن الصداقة الحقيقية لا تتجمد في الشتاء. و يقول أرسطو عن الصديق: إنسان هو أنت، إلا أنه بالشخص فهو غيرك. بكلمات الأخرى فإنه عدا المستوى التعليمي و الفكري و توسع الفكر العقلي، إلا أن هناك عوامل أخرى مثل التربية الاجتماعية والثقافة الدينية تلعبان الدور الأكبر في تحديد شخصية الإنسان وتؤسس هذه لأفق معرفي محدد يستند إليه الإنسان في نظرته لمبدأ الصداقة خصوصاً إذا كانت صداقة بين رجل وامرأة..
فنظراً إلى أن التربية الاجتماعية في مجتمعاتنا الشرقية تقوم بالدرجة الأساس على العامل الديني، فإن ما يكمل هذه التربية و يسندها هي القوانين التي هي أيضاً تستمد روحها من الدين والشريعة، عليه فإن أي ظاهرة في المجتمع أو أي حالة تكون خاضعة لمقاييس وقيم دينية بالدرجة الأولى ثم بالقيم الإنسانية بالدرجة الثانية.
من هنا يمكن القول أن علاقة الصداقة بين الرجل و المرأة في مجتمعاتنا هي من الحالات التي لا يمكن إيجاد مكان بين طيات الشريعة الدينية ولن يكون لها أي أساس أو مبدأ تربوي. فالإنسان في هذه المجتمعات لا يتلقى التربية على أساس إنساني، بقدر ما يتلقاه على أساس ديني يستمد روحه من النصوص القرآنية التي تؤكد على الاختلاف الجنسي (جندري) الذي يرفض أي تلاقي بين الجنسين من غير الأقرباء من ذوي الدرجة الأولى إلى بسنة الله وشرعه، عدا ذلك فإن أي اجتماع بين رجل وأنثى سيكون ثالثهما الشيطان، كل هذا وفق نظرية الحلال والحرام والخير والشر
هنا نفهم لماذا بقيت علاقة الصداقة بين الرجل والمرأة من أكثر المسائل أو المفاهيم إشكالا والتي لا زال يدور حولها الجدال والخلاف، ونظرة مجتمعاتنا لهذه الظاهرة، بين مؤمن بها ورافض لها، فالكثيرين لا يؤمنون بوجود علاقة صداقة بيضاء ونبيلة بين رجل وامرأة، ويبررون ذلك أن أكثر الصداقات بين الرجل والمرأة تتحول بمرور الوقت إلى علاقة حب والبعض منها تنتهي بالزواج.
والبعض القليل من الناس ممن فهموا مفهوم الصداقة المجردة بين الناس بغض النظر إذا كان بين أفراد من الجنس الواحد أو بين الجنسين فهم يقدرون الصداقة كما هي على أنها علاقة إنسانية ذات قيمة أخلاقية نبيلة لا أهداف أو أغراض لها إنما تقاس بتوافق الأفكار والميول بغض النظر عن الجنس والمستوى الثقافي والاجتماعي السائد في بعض المجتمعات الشرقية والتي تدعي الانفتاح أن المرأة هي المسئولة عن توتر العلاقة بين الرجل و المرأة منذ الأزل و هي التي لا تتجرأ على تخطي حدود المجتمع خصوصاً فيما يتعلق بمسألة الصداقة بين الرجل و المرأة.
وهي التي لا تتقن فن إقامة الصداقة بينها وبين الرجل، وذلك بسبب تربيتها الأسرية التي لا تساعد على إنماء شخصيتها مثل الرجل ولا ينمي لديها شعور الثقة بالنفس، ذلك أن تربية المجتمع هي أساساً تربية ذكورية تهيئ الرجل ليكون القائد وصاحب المبادرة، وتهيأ المرأة جسدياً ونفيساً لكل ما هو أنثوي والذي يترجم في القاموس المعرفي لهذه المجتمعات بالضعف وهي أمور المنزل، تربية الأطفال وخدمة الرجل داخل المنزل، هذه الوظائف التي يعزلها عن العالم الخارجي بحيث لا تتعلم فن التعامل مع الجنس الآخر، وأن أي آخر بالنسبة لها يقاس بمقياس الفضيلة والرذيلة ومبدأ الحلال والحرام، فتفقد أي فرصة لكي تكتشف العالم الخارجي ولن يكون احتكاكها إلا بالنساء من حولها، فلا يجوز لها أي نوع من أنواع التواصل مع هذا الآخر وإلا ستقع في الرذيلة والخطيئة.
في حين أن نفس الحالة تنطبق على الرجل، فهو ليس ببعيد عن المجتمع وعاداته وتقاليده وقيمه الدينية والاجتماعية، لكن الفرق هو أن الرجل في هذه المجتمعات وعلى أساس تربيته المجتمعية التي تصور له المرأة على أنها كائن للتمتع والخدمة
لذا نجده دائماً هو الجانب القوي و المرأة الجانب الضعيف، فهو صاحب القرار الأول في بناء العلاقة، وفي أغلب الأحيان يسيء فهم محتوى علاقة الصداقة، ويسيء التصرف كصديق بعيداً عن غرائزه، و في أكثر الأحيان يتخذ من صداقته مع المرأة سبيلاً للوصول إلى نوع آخر من العلاقة من أجل إشباع غرائزه.
لأنه غالباً ما يخلط بين علاقة صداقة بيضاء وعلاقة مع امرأة ما يقوده خياله معها إلى درجة أخرى من هذه العلاقة التي تؤدي إلى الحب والمعاشرة أو ربما قد تنتهي بالزواج، في حين أن ما من علاقة صداقة نبيلة تؤدي إلى الحب وتنتهي بالزواج و، حسب رأيي الشخصي فإن المرأة هي الأكثر تفهما للمعنى الحقيقي لعلاقة الصداقة بهذا المعنى، وإن المبادرة إلى تغيير إطار علاقة الصداقة تأتي غالباً من الرجل وليس من المرأة، وهذا يعني أن سوء فهم معنى الصداقة أو استغلال الصداقة كطريق للوصول إلى غاية أخرى هي من سمات الرجل وليس المرأة.. ثم ما يجعل علاقة الصداقة بين الجنسين من الأمور الأكثر إشكالاً هو ردة فعل المحيط بالمرأة إزاء علاقة امرأة مع رجل كصديقين، أو بالعكس ردة فعل محيط الرجل أمام علاقة الصداقة التي تربط بينه و بين امرأة.
فمن خلال ملاحظاتي الشخصية اكتشفت أن المرأة هي أكثر صدقاً و مهارة في عملية التمهيد لإعلان صداقتها بالجنس الآخر في محيطها، في حين أن الرجل على العكس من المرأة لا يمهد، إنما يخوض تجارب الصداقة مع الجنس الآخر بشكل عشوائي و، في أغلب الأحيان يقيم علاقات صداقة قصيرة المدى، في حين إن المرأة عندما تصادق تضع في حسبانها أنها صداقة العمر، بعكس الرجل الذي لا يهتم بعمر الصداقة بقدر ما يهتم على ماذا يحصل و، بهذا المعنى الصداقة عند الرجل تخضع لمبدأ الأخذ والعطاء، أما عند المرأة فغالباً تخضع لمبدأ العطاء فقط وهذا هو سر الإشكال الذي يدور حول مثل هذه العلاقة الإنسانية في المجتمعات الذكورية، الذي يولد فهماً خاطئاً لشخصية المرأة..
من ضمن هذه الإشكاليات هو أن أكثر الرجال في الشرق خصوصاً الرجال الذين تزوجوا بعد علاقة صداقة مع زميلة عمل أو دراسة وتطورت العلاقة إلى حب وانتهت بالزواج، فهذا النوع من الرجال وفق هذا التصور لا يسمحون لزوجاتهم بأن تصادق رجلاً سوى في حدود الزمالة أو على مقاعد الدراسة و، يؤمن بالصداقة مع الجنس الآخر لنفسه ومن أجل المتعة فقط، لذلك لا يؤمن به للنساء من حوله كزوجته، لكن للأسف هناك ظاهرة أكثر خطورة، وهي أن الرجل نفسه هذا الذي لا يسمح لزوجته بأن تصادق، يصادق هو النساء و هذا شيء طبيعي، لكن الشيء غير الطبيعي هو أنه لا يستطيع أن يكون هو نفسه ذلك الصديق لتلك المرأة بوجود زوجته، وهذه تسمى ازدواجية يعاني منها غالبية رجال الشرق، فبغياب زوجاتهم تجدهم يؤمنون بالصداقة وهم أوفى الأصدقاء، لكن بوجود زوجاتهم يعاملون الجميع وكأنهم غرباء بمن فيهم صديقاتهم النساء.
الإشكال أن الصداقة بين الرجل والمرأة في مجتمعاتنا الشرق أوسطية لا تتعدى حدود (الحالات) ولا تتطور إلى أرقى من ظاهرة، لأنها تبقى من الأمور التي تدور حولها السجال، و تحتاج إلى ثقافة ووعي عاليين وهي ثقافة مجتمع وليس ثقافة فردية، لأن حالات الثقافة التي يمكن الإشادة بها تبقى حالات فردية و لم تتطور إلى حالة مجتمعية مشبعة بثقافة طبعا هناك العديد من الصفات الإيجابية التي يتسم بها الرجل الشرقي كالنخوة ورحابة الصدر ولكن للأسف تقوم بعض المجتمعات بالتركيز عبر وسائل الاعلام و المسلسلات وأفلام السينما على الصفات السلبية للرجل الشرقي دون التحدث عن الأمور الإيجابية.”
و هذا لا يعني أن الرجل الشرقي خالي من العيوب. المجتمعات الشرقية هي مجتمعات ذكورية وكل مفاتيح السلطة هي بيد الرجل الذي يعمل على جعل المرأة تبقى دائما في الظل وتابعة له وتحت سلطته المطلقة. اعطى هذا الحال للرجل الشرقي صفات معينة قد لا تجد معظمها في الرجل الغربي نظرا لاختلاف المكونات الثقافية.” الصداقة بين الجنسين
هل توجد علاقة بريئة (صداقة) بين الجنسين؟:
أولاً: العلاقة غير البريئة:
وهى العلاقة التي تتصف بعدم وجود موانع وعوائق لرغبات كلا الطرفين، وقد تكون بدايتها بريئة كالصداقة والزمالة، وتنتهي بهما إلى الفاحشة أو في أفضل الحالات الزواج العرفي فهذه العلاقة ليست محل نقاشنا لأن أهل العقل فضلاً عن أهل الدين يجمعون على حرمة هذه العلاقة ودناءة أهلها ونسأل الله الهداية للجميع.
ثانياً: العلاقة البريئة:
وتكون بين رجل وامرأة أو فتى وفتاة، ولكن يحدّها حدود، ويفترض أنها لا تتطور، ويشملها الأدب العام والعرف وتعتمد على المصارحة والصدق والألفة والثقة بين الطرفين ولا بأس بمعرفة الأهل بهذه العلاقة إلى حد ما وقد تتعدى الصداقة إلى الأخوية، فكلا الطرفين يحرص على مصلحة الأخر، وذلك دون الوصول إلى ما حرمه الله وقد يكون أحد الطرفين متزوجا، ولكن لا بأس فإنها علاقة بريئة ويكون الحديث فيها في الأمور الحياتية العادية، أو المشاكل الشخصية العادية.
والخلاصة أن أصحاب هذه العلاقة على قناعة بصحتها، وبراءتها من الفحش، وأنها علاقة طبيعية مادامت لا تصل إلى ما حرمه الله، ومادامت هذه العلاقة في العلن!!! ولحل هذا الإشكال، نوضح لب وأساس هذه العلاقة بكل صراحة من زاويتين: الواقعية والشرعية.
أولاً: من الناحية الواقعية والعملية: ·إنّ المصارحة والصدق والثقة في هذه العلاقة كالسم في العسل، إذ إن هذا الصدق ما هو إلا قناع لعملية تمثيلية، يصوّر كلّ واحد فيها نفسه في أحسن صورة، ويزّين مظهره ويتزيّن في كلامه، ولا يقبل أن يتعرّف الطرف الآخر على عيوبه فهو لا يذكر عيباً من نفسه حتى يكون صريحا ولو حدث فإنه يمدح نفسه في صورة الذم، كأن يقول أو تقول: “أكبر عيب عندي أني صريح، وإني أعيب على نفسي قول الحقّ بدون مجاملة”!!.. فأين الصدق والصراحة؟
بل على العكس، أوضح ما في هذه العلاقة الكذب والمخادعة، سواء على نفسه أو على الآخر ومن أوضح ما يبين مسألة التظاهر الكاذب، طرح كلا الطرفين في بعض الأحيان موضوعات تبدو هامة، كأن تكون قضية سياسية أو نفسية أو دينية، ويتنافس كلا الطرفين بإبداء رأيه في هذه القضية ووجهة نظره، لا لشيء إلا ليُظهر أنه على دراية وإلمام بشتى لعلوم والثقافات، وهذا أمر واضح جداً.
· هذه العلاقة يُفترض أنها لا تتعدى الصداقة والزمالة البريئة ولكن ما يدرى كلا الطرفين أن الآخر طوّر أو يطوّر هذه العَلاقة ولو من طرف واحد؟
· يجد الرجل في هذه العلاقة الراحة والتسلية، إذ ينشرح صدره وينسى همومه ويأنس بهذه المحادثات والمناقشات هو لا يبحث عن حل أو يريد أن يحقق غرضا وإنما يريد أن يفرغ همّه وهذا حاصل في هذه العلاقة، فليس مهمّا أن تكون الفتاة جميلة المنظر، وإنما هي ـ كفتاة ـ تحمل مراده وتحقق غايته من تسلية النفس وانشراح الصدر أثناء المجالسة، سواء عياناً أو هاتفياً وهذا الأنس مركب في طبع الرجل تجاه المرأة، لا ينكره صادق ويقابل ذلك عند المرأة تحقيق الشعور بالذات والأهمية وزيادة الثقة بالنفس، نتيجة لطلب الفتى أو الرجل إياها كلّ هذا في إطار من التظاهر والمخادعة والتمثيل فهي تحكمه بدلالها وهو يحكمها بدهائه.
· وإذا كانت هذه العَلاقة لا تدعو إلى الفاحشة، فهذا ليس دليلاً على صحتها وشرعيتها فقد كان أهل الجاهلية قبل الإسلام يقولون (الحب يطيب بالنظر ويفسد بالغمز) وكانوا لا يرون بالمحادثة والنظر للأجنبيات بأسا، مادام في حدود العفاف وهذا كان من دين الجاهلية وهو مخالف للشرع والعقل، فإن فيه تعريضا للطبع لما هو مجبول على الميل إليه، والطبع يسرق ويغلب والمقصود أن أصحاب هذه العلاقة رأوا عدم العفاف يفسد هذه العلاقة فغاروا عليها مما يفسدها فهم لم يبتعدوا عن الفاحشة تدينا!
·ومنذ متى واعتراف المجتمع يعد معيارا؟ فهل اعترافه بعلانية بيع الخمور يبيح الخمر؟ إن معيار المجتمع معيار ناقص وكذلك معيار كثرة المتردّدين على الأمر لا يعد دليلاً على صحته يقول الله تعالى (قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون).
·ومن أوضح ما يلاحظ في هذه العلاقة، أنّ كلا الطرفين يرى الآخر في أحسن صورة، حتى لو كان عكس ذلك بمعنى أنّ الشاب قد يكون تافها وسمجا وغير متزن، والفتاة التي معه قد لا تقبله زوجا ولكن مع ذلك، فهي تراه في صورة محببة إلى نفسها، بدليل استمرار هذه العلاقة بينهما وكذلك الفتاة أو المرأة قد تكون لها من التفاهة نصيب كبير، وأفكارها ساذجة وليس لها همة في عمل شيء مفيد ومواضيعها المطروحة تنمّ عن فراغ في العقل، بل زد على ذلك أنها قد تكون غير جميلة ولا يقبلها الشاب زوجه ومع كل هذا يشعر تجاهها بارتياح وقبول وقد يتفقّدها ويسأل عنها إذا غابت، بل قد يغار عليها إذن ما سر هذا الترابط واستمرار هذه العلاقة على الرغم من علم كلا الطرفين بنقائص الأخر
ان المجتمع الشرقى ينقسم الى اجزاء فى هذا الموضوع ففي جنوب مصر الصداقة ممنوعة لحسابات أخرى لكن فى الشمال والسواحل والقاهرة لان الثقافة تختلف وكذلك النظرة الاسرية يوجد بعض الصداقات اذا كان فى اطار العمل والمراكز الثقافية والنوادى لان معظمها اشكال اجتماعية .
لان الصداقة أحيانا تفتح أبواب معرفة لأسر كثيرة لان هناك علاقة وانفتاح فى والثقافات وتكون العلاقة بينهما بنسبة محدودة للمحافظة على العادات والتقاليد والصداقة الانسانية المحترمه لا مانع منها من خلال العمليات النفسية المحترمة، طالما انها قامت على اسس محترمة وزمالة ولا اضرار لها بل على العكس لها فوائد كبيرة وهذا يظهر فى أوقات الازمات بمعنى لو حدثت مشكلة عند شخص ما من الناس قد تعطيه زميلة بعضا من المال وهذا يدل على التماسك بينهما .
أما اذا كانت العلاقات فاسدة فهذا يؤثر تأثيرا سلبيا على الأصدقاء (مابنى على خطأ فهو خطأ)وإذا كانت العلاقات جميلة تمكث أطول فترة.
أن الصعيد بدا تتغير عاداته من هذه الناحية لان العلم في اى مكان فى الدنيا يغير بعض ثقافات المكان، فمثلا وجود جامعة الوادى بقنا أضافت علاقات وعلم جديد وغيرت الثقافات ودخول المؤسسات التعليمية مثل الجامعة غيرت الكثير من العادات والتقاليد وأصبحت الفتاة تنتقل من الريف للمدينة لتلقى العلم وأصبحت تحتك ببعض الزملاء بطريقة محترمة وأصبح العلم يرفع مستوى الثقافى والفكرى لدى الاشخاص والعلاقات على حسب المجتمع الذى هم فيه.
الدكتور عادل عامر