بيان كيوبرس حول الذكرى السنوية لإحتلال الأقصى
تاريخ النشر: 05/06/16 | 17:40في كل عام ومع حلول الذكرى السنوية لاحتلال المسجد الأقصى واستكمال احتلال القدس أو ما يُطلق عليه الاحتلال الإسرائيلي “ذكرى تحرير القدس وتوحيد شطريها الشرقي والغربي”، تصدر دراسات إحصائية إسرائيلية متنوعة، لكنها في كثير من الأحيان متطابقة، تسلط الضوء على التعداد السكاني والنسبة بين عدد اليهود وعدد الفلسطينيين في مدينة القدس.
هذه الدراسات وما يرافقها من تحليلات علمية، يتم استخدامها كأسس لوضع مخططات ورؤى تخدم الاحتلال الإسرائيلي ومشروعه التهويدي -وخاصة المتعلق بالميزان الديمغرافي- علماً أن هناك ما يشير إلى عدم الوضوح وفي أحيان عدة إلى التلاعب في تفاصيل وماهية هذه الاحصائيات وبالأخص التعداد السكاني.
فعلى سبيل المثال يصعب تحديد المساحات الجغرافية والأحياء العربية واليهودية التي يشملها الإحصاء بشكل دقيق، ولذلك توجد فوارق في الاحصائيات بين الجهات التي تعدّها. فبينما تشير دائرة الإحصاء الفلسطينية بأن عدد الفلسطينيين في محافظة القدس –وهو المصطلح الأصح تعريفا جغرافيا وتاريخيا لمدينة القدس– فإن عدد الفلسطينيين في منتصف عام 2015 بلغ نحو 419 ألف فلسطيني.
بينما تشير آخر الإحصائيات الإسرائيلية بتعدد مصادرها، وأخرها التي صدرت في الأيام الأخيرة، أن عدد سكان مدينة القدس وصل مطلع عام 2016 إلى نحو 870 ألف شخص، من بينهم 548.200 يهودي (63%) و 322.800 عربي (37%). فيما تشير الإحصائيات الرسمية المعتمدة لعام 2014 بأن عدد سكان القدس وصل إلى 849.800 شخص -533.900 يهودي و 315.900 عربي (أي بذات النسب السابقة أعلاه). ويغلب على الإحصائيات الإسرائيلية الأخيرة عدم شمولها للأحياء المقدسية خلف جدار الفصل العنصري أو اغلبها، ويتراوح عدهم بيم 100 ألف و120 ألف مقدسي).
إلاّ أنه وبحسب إحصاء إسرائيلي أشار بأن نسبة تسارع ازدياد عدد السكان العرب في القدس مقارنة مع اليهود (2.7 للعرب مقابل 2.2 لليهود) جراء الهجرة اليهودية السلبية من مدينة القدس (17.100 يهودياً هاجروا منها إلى مدن أخرى، وجاء للسكن فيها 10.400 يهوديا خلال العام 2014)؛ فإن احصائيات غير رسمية تفيد بتقلص الفوارق بين العرب واليهود حيث يشير الإحصاء بأن نسبة السكان اليهود في مدينة القدس وصل إلى 61% مقابل 39% من العرب.
ويحاول الإحصاء الإسرائيلي تعويض هذه الاحصائيات بإشارته إلى أن نسبة الخصوبة للمرأة اليهودية سبقت ولأول مرة نسبة خصوبة المرأة العربية في القدس، إذ وصلت نسبة الخصوبة للمرأة اليهودية في القدس حسب احصاء عام 2015 إلى 4.3 ولد، مقابل 3.3 ولد للمرأة العربية في القدس (نسبة الخصوبة تعني عدد الأولاد المتوقع أن تلدها المرأة خلال عمرها).
حول هذه المعطيات والإحصائيات يوضح المحامي خالد زبارقة –حقوقي وناشط مختص في شؤون القدس- أن علم الإحصاء -كأي علم- يوظف من أجل خدمة أهداف سياسية لأي طرف، وبما أن الطرف المعني بكل الإحصائيات في مدينة القدس هو أذرع الاحتلال الإسرائيلي فهو دائما يحاول توظيف هذه المعطيات لتخدم مصالحه في مدينة القدس. “لا أستطيع أن أؤكد إن كانت الإحصائيات الإسرائيلية دقيقة أم لا، لكن حتى لو تعاملنا مع الإحصائيات الإسرائيلية فهي تبقى إحصائية تتعامل مع الوجود الفلسطيني القائم في مدينة القدس على أنه وجود مؤقت أو كوجود يجب التخلص منه. كل عام يتم التعامل مع هذه الإحصائيات بخصوص التعداد السكاني العربي الفلسطيني أو التعداد السكاني اليهودي الإسرائيلي، من أجل فرض مزيد من شرعنة السياسات القمعية ضد الوجود الفلسطيني، وفي قلب الميزان الديمغرافي لصالح اليهود في مدينة القدس”.
بالرغم من ذلك يؤكد المحامي زبارقة أنّ النتيجة الواضحة بأن أهل القدس سطروا صفحة ناصعة في ثباتهم وصمودهم أمام آلة القمع الإسرائيلية وحتى الآن ما زال الوجود الفلسطيني موجود بقوة بالرغم من كل السياسات التي مارسها الاحتلال على مدينة القدس وعلى أهلها، منذ مطلع القرن الماضي وحتى هذه الأيام.
وبحسب زبارقة فإن إحصائية نسبة الخصوبة الولادة والمقارنة بين تلك العربية واليهودية، فينم عن الخلفية العنصرية لهذا التقرير الاحصائي، لأنه يتعامل بعنصرية مع التعداد السكاني والولادة ونسبة الخصوبة عند المرأة العربية في مقابل المرأة اليهودية، وثانيا هو يريد من جهة أخرى أن يشجع المرأة اليهودية على زيادة الإنجاب مقابل المرأة العربية، لتقنع المجتمع الإسرائيلي أنه بزيادة الإنجاب يمكن قلب الميزان الديمغرافي في مدينة القدس، وأيضا هذه المعطى يقول للشارع الإسرائيلي بأن السياسات الإسرائيلية أدت الى تقليل نسبة إنجاب المرأة الفلسطينية. وفي المقابل هناك ارتفاع في نسبة إنجاب المرأة اليهودية وكأنه يعطي المجتمع الإسرائيلي أملا أن مسألة الولادة يمكن أن تتغير وتؤثر على الميزان الديمغرافي في مدينة القدس.
ويحذّر زبارقة من مخططات التطهير العرقي والتهجير القسري كمقترحات فصل أحياء مقدسية عن مدينة القدس. ويقول إن احتمالات فصل الأحياء العربية التي تقع خارج جدار الفصل العنصري هي احتمالات بدأت تتصاعد نوعاً خصوصا في ظل هذه الحكومة اليمينية المتطرفة والتي تريد أن تغير وجه مدينة القدس العربي الفلسطيني الإسلامي إلى وجه يهودي.
وقال: “لا ننسى في هذا المقام أن نؤكد على حقيقة أنه من أجل أن يلعب الاحتلال الإسرائيلي في الميزان الديمغرافي، فقد قام بتوسيع حدود مدينة القدس لتشمل مدينة القدس الكبرى أو ما يسمى بـ “متروبولين القدس”، والتي ضم من خلالها عدة مستوطنات تقع خارج مدينة القدس التاريخية، وفي المقابل أخرج عدة أحياء فلسطينية عن مدينة القدس والتي تعتبر تاريخياً احياء مقدسية مثل بير نبالا والجيب وبدو وكل هذه القرى والرام والعيزيرية وأبو ديس. الان جزء منها يعتبر من مدينة القدس، الاّ أن هذا التلاعب في حدود المدينة جاء من أجل التلاعب في المعطيات الإحصائية.
واختتم زبارقة حديثه في إشارة إلى أن الوجود الفلسطيني هو وجود قوي في الجزء الشرقي من المدينة، “لكني انتهز هذه الفرصة لأشير أن السياسات القمعية سواء هدم البيوت والقيود على المعيشة اليومية وأماكن العمل، تفشي البطالة والجريمة والمخدرات بين أوساط الشباب، والتردي الأخلاقي الذي يحاول الاحتلال نشره بين أوساط الشباب؛ كل هذه السياسات من أجل إبعاد الشاب الفلسطيني عن الزواج وإنجاب الأطفال، لذلك نحن نشعر الآن جراء هذه السياسات أن هناك ارتفاع في جيل الزواج سواء عند الشباب والشابات وهذا مؤشر خطير جدا للوجود الفلسطيني في داخل مدينة القدس في العشرين سنة القادمة، وهذه المعطيات التي يجب أن ننتبه لها. صحيح أنه على مستوى النتيجة عام 2014 هناك ثبات للوجود الفلسطيني لكن على مستوى النتيجة الاستراتيجية هناك خطر حقيقي على الوجود الفلسطيني داخل مدينة القدس”.
كيوبرس