فن التطنيش لمن أراد أن يعيش
تاريخ النشر: 09/06/10 | 3:25اعداد أم المُـثـَيـب- بقلم الشيخ د. عائض القرني
قال أحد الصالحين: طنش تعش تنتعش، ومعنى ذلك أن لا تبالي بالحوادث والمنغصات، وقد سبق إلى ذلك زميلي وصديقي الدكتور أبو الطيب المتنبي، حيث يقول: فعشت ولا أبالي بالرزايا .. لأني ما انتفعت بأن أبالي.
وأنت إذا ذهبت تدقق خلف كل جملة وتبحث عن كل مقولة قيلت فيك وتحاسب كل من أساء إليك، وترد على كل من هجاك، وتنتقم من كل مَنْ عاداك، فأحسن الله عزاءك في صحتك وراحتك ونومك ودينك واستقرار نفسك وهدوء بالك، وسوف تعيش ممزقاً قلقاً مكدراً، كاسف البال منغص العيش، كئيب المنظر سيئ الحال، عليك باستخدام منهج التطنيش، إذا تذكرت مآسي الماضي فطنش، إذا طرقت سمعك كلمة نابية فطنش، وإذا أساء لك مسيء فاعف وطنش، وإذا فاتك حظ من حظوظ الدنيا فطنش، لأن الحياة قصيرة لا تحتمل التنقير والتدقيق، بل عليك بمنهج القرآن: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ).
سبّ رجل أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقال أبو بكر: سبُّك يدخل معك قبرك ولن يدخل قبري ، إن الفعل القبيح والكلام السيئ والتصرف الدنيء يُدفن مع صاحبه في أكفانه ويرافقه في قبره ولن يُدفن معك ولن يدخل معك.
قال العلامة عبد الرحمن بن سعدي: وأعلم أن الكلام الخبيث السيئ القبيح الذي قيل فيك يضر صاحبه ولن يضرك، فعليك أن تأخذ الأمور بهدوء وسهولة واطمئنان ولا تُقِم حروباً ضارية في نفسك فتخرج بالضغط والسكري وقرحة المعدة والجلطة ونزيف الدماء، لقد علمتنا الشريعة الإسلامية أن نواجه أهل الشر والمكروه والعدوان بالعفو بالتسامح والصبر الجميل الذي لا شكوى فيه، والهجر الجميل الذي لا أذى فيه، والصفح الجميل الذي لا عتب فيه، إذا مررت بكلب ينبح فقل: سلاما، وإذا رماك شرير مارد بحجر فكن كالنخلة أرمه بتمرها، إن أفضل حل للمشكلة أن تنهيها من أول الطريق، لا تصعّد مع من أراد التصعيد، انزع الفتيل تخمد الفتنة، صب على النار ماءً لا زيتاً لتنطفئ من أول وهلة، ادفع بالتي هي أحسن وتصرف بالأجمل وأعمل الأفضل وسوف تكون النتيجة محسومة لصالحك؛ لأن الله مع الصابرين ويحب العافين عن الناس وينصر المظلومين.
إننا إذا فتحنا سجل المشكلات وديوان الأزمات ودفتر العداوات فسوف نحكم على أنفسنا بالإعدام، انغمس في عمل مثمر مفيد يشغلك عن الترهات والسفاهات والحماقات، إذا رفع سفيهٌ صوته بشتمك فقل له: سلام عليكم ما عندنا وقت، إذا نقل لك غبي تافه كلاماً قبيحاً من شخص آخر فقل له: سلام عليكم ما سمعنا شيئاً، إذا تذكرت أنه ينقصك مال أو عندك أزمة أو عليك دين فتذكر النعم العظيمة والكنوز الكبيرة التي عندك من فضل الله من سمعٍ وبصر وفؤاد وعافية وستر وأمن ودين وذرية وغير ذلك تجد أن الكفة تميل لصالحك، وأن المؤشر الأخضر يبشرك أن النتيجة تدل على أرباحك ونجاحك وفوزك، إن أفضل رد على النقّاد والحسّاد هي الأعمال الجليلة والصفات النبيلة والأخلاق الجميلة.
أما المهاترات والسباب فهذا شأن كلاب الحارة، والله يقول في وصف النبلاء الأبرار: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)، ونعود إلى أبا الطيب المتنبي ليقول لنا: لو كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخر مثقالاً بدينارِ فلو ذهبنا نرمي الكلاب إذا نبحتنا بحجارة فسوف يرتفع سعر الحجارة ولا نستطيع شراءها.
اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ
آه ولله .. طنش تعش تنتعش !!
بارك الله فيكِ يا ام المثيب ويعطيكِ ألف عافية .. كل المقالات بجنن
د. عائض القرني وكتابه لا تحزن من أجمل الكتب إلي قرأتها بحياتي كُلها !
شكرا ً كثير يا رائعة
آه والله .. طنش تعش تنتعش !!
طنش تعش تنتعش…حــــلو
والله هذه الدنيا لا تستحق حزنا ما دمنا لا نعصي الله … لأن كل شيئ مقدر لنا
“التطنيش”، حسب رأيي، أحيانا كثيرة غير مجد وضار!
ولنتذكر الحديث النبوي الشريف:
مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ”.
طبعا، أنا أؤيد التسامح والحلم، لكن يجب السعي لكبح جماح الشر وأصحابه!
صدقت يا د.محمود بالنسبة للتطنيش … فلو ان كلنا رأى عملا سيئا ولم يحاول ان يصلح او حتى يتكلم . لضعنا جميعا …
وأظن أن هذا العالم الجليل عائض القرني قصد تطنيش اساءات الناس لنا من سب ونقد غير موضوعي وكذلك تطنيش المصائب (ليس دقيق اقصد أن لا نحزن لكل مصيبة )…
عين الصواب د.محمود التسامح واجب, وواجب ايضاً صيانة الخير حتى لا يجد الشر مكاناً بيننا, فالشر لا يولد الا الشر وبصدد الجميع, اما الخير فيعم على الجميع, وللاسف اصبح الشر في ايامنا اداة اثبات الوجود ,وطريقه لابراز الشخصيه ,والسبب انعدام التوعيه والتربيه الصحيحه والابتعاد عن الدين.
صدقتم اخواني..ولكن اعتقد ان المراد بالتطنيش على مستوى الفرد نفسه مما يلقاه من اذى من اصحاب النفوس الضعيفه التي تسعى لتحطيم كل عمل ونجاح اي انسان بدافع الغيرة.
ان أردت ان تعش سعيدا دون توتر وانفلات أعصاب وبدون أي أمراض من قرحة معدة أو آلام في ألرأس وغيره إتبع المواعظ ألتي ذكرت في ألمقالة, فخير لنا أن نتجاهل النقد الهدام المدمر فربما وراءه نفس مريضة بالغيرة والحسد…. وليكن شعارك:
اصبر على كيد ألحسود — فإن صبرك قاتله
فالنار تأكل بعضها — ان لم تجد ما تأكله
وان سبك أحد, أو ظلمك لا تبالي ولا ترد مادمت تعرف قيمة ذاتك ولا تنزل الى مستوى سفاهته وسخافته, فذلك يزيده غيظا ويقهره فيعتبر.. وقل “حسبنا ألله ونعم الوكيل”.