كانَتْ مَلاكي: في رِثاءِ ابْنَتي عائِشَة
تاريخ النشر: 31/10/13 | 2:00لَيْسَ الرِّثاءُ بُنَيَّتي مِنْ شاني = أَوْ نَبْشُ مَجْرى الدَّمْعِ وَالأَشْجانِ
لٰكِنْ مُصابي فيكِ فاقَ تَحَمُّلي = لَوْلا التَّصَبُّرُ نِعْمَةُ الرَّحْمٰنِ
كُلُّ الكَلامِ مَضى وَفارَقَ مُعْجَمي = إِلَّا "اَعِنْ يا رَبُّ" فَوْقَ لِساني
أَوْ حَمْدُ رَبِّي وَهْوَ أَرْحَمُ راحِمٍ = ضَعْفَ العِبادِ وَمَلْجَأُ الحَيْرانِ
ضاقَتْ عَلَيَّ مَسالِكي في ساعَةٍ = حُمَّ القَضا وَأَنا بَعيدُ مَكانِ
وَاللهُ كانَ العَوْنَ في ما نابَني = طولَ الطَّريقِ وَصانَ مِنْ زَيَغانِ
في غُرْفَةِ الإِنْعاشِ أَفْصَحَ عَجْزُهُمْ = وَهُمُ الأُساةُ وَيَشْهَدُ الثَّقَلانِ
لٰكِنْ أَمامَ بَيانِ رَبِّي اسْتَعْجَموا = وَاسْتَسْلَموا لِـمَشيئَةِ الدَّيَّانِ
فَالطِّبُّ وَالتَّطْبيبُ أَسْبابٌ وَلا = أَقْدامَ لِلْأَسْبابِ لِلْجَرَيانِ
لٰكِنَّها بِيَدِ الـمُسَبِّبِ واقِعٌ = كَالشَّمْسِ في وَضَحٍ بِلا بُهْتانِ
وَمَشيئَةُ الباري قَضَتْ بِرَحيلِنا = عَنْ ظَهْرِها لِلْجَوْفِ لِلدِّيدانِ
هَبَطَ الذُّهولُ عَلَيَّ دونَ تَرَيُّثٍ = وَعَلا الوُجومُ مَلامِحي، غَشَّاني
وَاسْتَعْجَمَتْ لُغَتي وَعَجْزٌ لَفَّني = وَوَقَفْتُ مُفْتَقِرًا سَليمَ بَياني
وَرَأَيْتُ وَجْهَكِ أَشْرَقَتْ أَنْوارُهُ = كَالبَدْرِ مُكْتَمِلًا بِلا نُقْصانِ
وَسَرى هُدوءٌ في العِظامِ وَأَعْيُنٌ = شَخَصَتْ وَحَلَّ الـمَوْتُ دونَ تَوانِ
وَالرُّوحُ لَبَّتْ إِذْ دَعاها رَبُّها = وَطَغى السُّكونُ وَغارَتْ العَيْنانِ
وَهَتَفْتُ يا "عَيُّوشَ" قومي وَانْهَضي = إِذْ كُنْتِ نائِمَةً أَمامَ عِياني
وَعَلى الجَبينِ سُخونَةٌ وَحَرارَةٌ = تَنْفي انْقِضاءَ العُمْرِ في الرَّيْعانِ
وَنَسيتُ أَنَّ الـمَوْتَ حَلَّ بِغَيْبَتي = قَبْلَ الْتِقاءِ حَبيبَتي بِثَواني
لَوْ كُنْتُ يا "عَيُّوشَ" أَعْلَمُ وَقْتَهُ = عَجِلَتْ خُطايَ كَرَفَّةِ الأَجْفانِ
وَوَصَلْتُ قَبْلَ حُلولِهِ وَرَحيلِهِ = وَبَذَلْتُ روحي راضِيًا كَحَناني
لٰكِنَّهُ السِّرُّ الـمُغَيَّبُ يا ابْنَتي = وَالكَشْفُ مُمْتَنِعٌ عَلى الإِنْسانِ
وَعَنْ الخَلائِقِ رَبُّنا قَدْ صانَهُ = أَبْقاهُ طَيَّ الغَيْبِ وَالكِتْمانِ
أَوَ ما دَعَوْتِ الكُلَّ قَصْدَ نَظافَةٍ = في بَيْتِ جَدَّتِكِ اسْتِباقَ أَذانِ؟
قَدْ خِفْتِ أَنْ تَقْضي وَتُقْبَضَ روحُها = فَغَسَلْتِ لِلْحيطانِ غَسْلَ أَواني
لٰكِنْ قَضَيْتِ وَشَيَّعَتْكِ بُنَيَّتي = فَالـمَوْتُ في تَوْقيتِهِ رَبَّاني
وَاسْتَرْجَعَتْ نَفْسي وَفاضَتْ مَنْطِقًا = يُرْضي الإِلٰهَ مُكَوِّنَ الأَكْوانِ
سُبْحانَ مَنْ خَلَقَ الخَلائِقَ وَالحَيا = وَقَضى الفَناءِ لِإِنْسِها وَالجانِ
سالَتْ عَلى الجَسَدِ الـمُسَجَّى أَدْمُعٌ = وَعَلا النَّشيجُ وَعَمَّ في الأَرْكانِ
اَلْكُلُّ يَبْكي زَهْرَةً قُطِفَتْ وَما = يُرْجى الرُّجوعُ لِسابِقِ الأَزْمانِ
وَغَدا رَحيلُكِ واقِعًا وَحَقيقَةً = يا وَرْدَةً سُقِيَتْ دَمَ الشِّرْيانِ
وَتَواتَرَتْ بَعْدَ الرَّحيلِ بَشائِرٌ = تَفْسيرُها اسْتَعْصى عَلى التِّبْيانِ
قالوا حَمامٌ أَبْيَضٌ غَطَّى السَّما = في اللَّيْلِ فَوْقَ البَيْتِ في طَوَفانِ
في لَيْلَةِ البَرَكاتِ لَيْلَةِ جُمْعَةٍ = مَنْ يَقْضِ فيها يَنْتَقِلْ لِأَمانِ
وَالدَّمُّ، رَغْمَ البَرْدِ في ثَلَّاجَةٍ = حَتَّى الصَّباحِ، يَنِزُّ في فَوَرانِ
وَالـمِسْكُ فاحَ مِنْ الجَبينِ كَما رَوُوا = وَسُهولَةُ التَّقْليبِ لِلْجُثْمانِ
لَمْ يَشْتَكوا ثِقَلًا لِوَزْنٍ أَوْ عَنًا = بَلْ كُنْتِ وَزْنَ الرِّيشِ في الحُمْلانِ
وَبِساعَةِ التَّشْييعِ قالوا قَدْ رَأَوْا = سِرْبَ الحَمامِ يَرِفُّ في هَيَجانِ
وَيَطيرُ صَوْبَ مَجَنَّةٍ كَمُشَيِّعٍ = وَالنَّعْشُ في الإِسْراعِ كَالطَّيَرانِ
وَلَقَدْ تَواتَرَ عَنْ نَبينا أَحْمَدٍ = أَنَّ الشَّهادَةَ سَبْعُ في الحُسْبانِ
مَنْ قَدْ قَضى بِالبَطْنِ نالَ شَهادَةً = أَوَ لَيْسَ هٰذا الوَصْفُ في السَّرَطانِ؟
وَيَقينُ قَلْبي حُزْتِها يا طِفْلَتي = وَمَضَيْتِ راضِيَةً إِلى الرِّضْوانِ
وَرَضيتُ عَنْكِ بُنَيَّتي وَحَبيبَتي = وَالكُلُّ راضٍ يا ابْنَتي وَيُعاني
غُصَصَ الفِراقِ بِحَرِّها وَلَهيبِها = مَنْ ذا لَهُ بِلَظى الفِراقِ يَدانِ؟
حَتَّى الطُّيورُ تَكَدَّرَتْ أَلْحانُها = وَالحُزْنُ وَشَّحَ خُضْرَةَ الأَغْصانِ
وَالقَلْبُ مَفْطورٌ وَلَسْتُ مُحَصَّنًا = مِنْ فَتْكَةِ الزَّفَراتِ في الأَحْزانِ
مَرَّتْ عَلَيَّ خَواطِرٌ وَهَواجِسٌ = كادَتْ تُزَلْزِلُ راسِخَ الإِيمانِ
أَسْتَغْفِرُ الرَّحْمٰنَ جَلَّ جَلالُهُ = كادَ اليَقينُ يُصابُ بِالخِذْلانِ
ما جازَ يَمْتَزِجُ اليَقينُ بِشُبْهَةٍ = كَلَّا وَلا بَرِحَ الرِّضى وُجْداني
ثِقَتي بِرَبِّي لَمْ تُزَعْزَعْ لَحْظَةً = فَالشَّكُّ أَصْلُ تِجارَةِ الخُسْرانِ
اَفْرِغْ عَلَيَّ الصَّبْرَ يا رَبَّ الوَرى = وَالْطُفْ بِنا مِنْ سَطْوَةِ الهَذَيانِ
فَالضَّعْفُ أَصْلٌ في الأَنامِ وَنَصُّهُ = آيٌ أَتى في مُحْكَمِ القُرْآنِ
وَالقَلْبُ تَغْمُرُهُ الشُّجونُ مَرارَةً = بَعْضي إِلٰهي لُفَّ بِالأَكْفانِ
أَدْرَجْتُها بَطْنَ اللُّحودِ وَعَتْمَها = وَأَهَلْتُ تُرْبًا فَوْقَها في آنِ
وَتَرَكْتُها وَاللهُ يَعْلَمُ أَنَّها = أَغْلى عَلَيَّ مِنْ العَريضِ الفاني
كانَتْ عَروسَ الدَّارِ أَجْمَلَ وَرْدَةٍ = تُهْدي الشَّذا لِلْبَيْتِ وَالسُّكَّانِ
وَتُوَزِّعُ البَسَماتِ في جَلَساتِها = وَيَفيضُ مِنْها البِشْرُ لِلْجيرانِ
اَلْكُلُّ عَنْ أَخْلاقِها قَدْ حَدَّثوا = أَوْ طيبِها وَالعَقْلِ وَالرَّجَحانِ
كانَتْ مَلاكي في الحَياةِ وَحارِسي = إِنْ قُلْتُ "عُشْعُشَ" صَوْتُها لَبَّاني
رَكَضَتْ تُسابِقُ ضَحْكَها نَحْوي وَكَمْ = ساقَتْ طَرائِفَها إِلى آذاني
وَإِذا صَرَخْتُ مُغاضِبًا وَمُعاتِبًا = هَبَّتْ تُراضيني "أَنا هِيَّاني!"
وَتَلُفُّني بِذِراعِها وَحَنانِها = وَبِبَسْمَةٍ تَسْتَلُّ ما أَعْياني
وَتُقَرِّبُ الخَدَّ الطَّهورَ لِقُبْلَةٍ = وَتَغيبُ وَالأَفْراحُ مِلْءَ جَناني
يا رَبُّ فَارْحَمْها وَطَهِّرْها فَما = يُرْجى سِواكَ لِـمِنْحَةِ الإِحْسانِ
وَاجْعَلْ إِلٰهي في الجِنانِ خُلودَها = وَبِلا حِسابٍ يا عَظيمَ الشَّانِ
وَاسْبِغْ عَلَيها يا كَريمُ تَحَنُّنًا = وَاغْفِرْ لَها يا واسِعَ الغُفْرانِ
وَاشْمَلْ بِعَفْوِكَ رَبَّنا لِضَعيفَةٍ = وَبِذا دَعاكَ وَأَلْحَفَ الأَبَوانِ
اترثي نجم في السماءتالقَ***ام ترثي قلباًللملاك قد ارتقى
ان اراء روحً تعنقها السماء***وجميع من فيها بنورهااُعتقَ
ابكت قوافيك العيون فمابقى***دمع اُخزنللفؤاد اذا شقى
تلك الدموع بوجنتيك قد اشعلَت***شمس الابوةِفي الوجود فما بقى
للابن ضل يستضل بروحه***وكنما ترثي لروحه احرقَ
مرعي رعاك الله قلبي قددمى***من مالقيت اما ترها ممزقَ
كانت ملاكك فالتغني لذكرها***فبذكرهاتغدو غصونهامورقَ
ماذا اقول ومااذقك سمني***وكنماقلبي بماءحزنكَقدسقا
اني اراءالابيات تبدي شوقها***والشعرمن الم الفرق تفرقَ
ياشعراًيرثي بنجمته السماء***انظرفنورهافالسماءتدفقَ